الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ المَرَحُ: شدة الفَرَحِ، يقال: مَرِحَ يَمْرَحُ مَرَحًا، وهو مَرِحٌ مَرُوحٌ [[انظر (مرح) في "تهذيب اللغة" 4/ 3371، و"المحيط في اللغة" 3/ 96، و"مجمل اللغة" 2/ 829، و"اللسان" 7/ 4170.]]، قال ابن عباس: يريد بالكبرياء والعظمة. وقال عبد الله بن مسلم: أي بالكبر والفخر [["الغريب" لابن قتيبة 1/ 256، بنصه.]]. وقال الزجاج: تأويل الآية: لا تَمْشِ في الأرض مختالًا ولا فخورًا [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 240، بنصه.]]، قال الأخفش: ولو قُرئ مرِحًا بالكسر كان أحسن في القراءة [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 612، بنحوه، وخالفه الطبري، فقال: وقيل: ولا تمش مرَحًا ولم يقل: مرِحًا؛ لأنه لم يُردْ بالكلام: لا تكن مرِحًا، فيجعله من نعت الماشي، وإنما أريد لا تمرح في الأرض مرَحًا، ففسّر المعنى المراد من قوله: ﴿وَلَا تَمْشِ﴾ "تفسير الطبري" 15/ 88، انظر كلام الزجاج بعده فقد تضمن الردّ عليه أيضًا.]]. قال أبو إسحاق: مَرِحًا اسمُ الفاعل، ومَرَحًا مصدر، وكلاهما في الجودة سواء، غير أن المصدر أَوْكَدُ في الاستعمال، تقول: جاء زيد رَكْضًا وراكضًا، فركضًا أَوْكَدُ؛ لأنه يدل على توكيد الفعل [["معانى القرآن وإعرابه" 3/ 240 بتصرف يسير.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ﴾ الآية. الخرق معناه في اللغة كالشق، يقال: خرق الثوب إذا شَقَّه، وخرق الأرض إذا قطعها حتى بلغ أقصاها [[انظر: (خرق) في "تهذيب اللغة" 1/ 1015، و"المحيط في اللغة" 4/ 193، و"اللسان" 2/ 1141.]]. قال ابن عباس: يريد ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ﴾: بِكِبْرِك ومشيك عليها، ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾: بعظمتك، وإنما أنت مخلوق عبد ذليل [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 498 بنصه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 36، والقرطبي 10/ 261، بلا نسبة.]]. قال الزجاج: والتأويل: إن قدرتك لن تبلغ هذا المبلغ فيكون لك [[في المصدر: (ذلك).]] وُصْلَة إلى الاختيال [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 240، بنصه.]]، وهذا [[ساقط من (د).]] الذي ذكره موافق لتفسير ابن عباس، والمعنى: إنك عبد لا تقدر أن تنقص الأرض حتى تبلغ آخرها، ولا أن تُطَاول الجبال، فمن أين تستحق الكبر والفخر؟! قال ابن قتيبة: يريد أنه ليس ينبغي للعاجز [[هذه الكلمة أصح مما في المصدر، وهي: (للفاجر)، ولعل ما في المصدر تصحيف.]] أن يَبْذَخَ [[البَذْخُ: الكبر، وتبذَّخ: تطاول وتكبَّر وفَخَر وعلا، والباذخ: العالي، وشرف باذخٌ: عال، والبواذخ من الجبال: الشوامخُ. انظر بذخ في "المحيط في اللغة" 4/ 321، و"الصحاح" 1/ 418، و"اللسان" 31/ 236.]] ويستكبر [["الغريب" لابن قتيبة 1/ 256 بنصه تقريبًا.]]، ومعنى خَرْق الأرض في هذه الآية: نَقْبُها لا قطعها بالمسافة، وذُكِرَ في هذه الآية معنى آخر، قال قتادة: لا تمش كِبرًا ولا فَخرًا، فإن ذلك لا يبلغ بك أن تبلغ الجبال، ولا أن تخرق الأرض بكبرك وفخرك [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 378 بنصه، و"الطبري" 15/ 88 بنصه تقريبًا، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 330 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.]]، ومعنى هذا أن مشي المرح يكون على ضربين: مَشيٌ باختيال على الأرض وتؤدة؛ بجر قدمه على الأرض كأنه يريد أن يخرقها، ومَشيٌ يتطاول في السماء بذخًا، فنهى الله تعالى في هذه الآية عنهما، وأخبر أنه لا يبلغ مما يريد كبير مبلغ، وإلى هذا أشار مجاهد؛ فقال في قوله: ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ﴾ قال: الذي يمشي على عقبه، ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ قال: الذي يمشي على صدور قدميه [[لم أقف عليه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب