الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ﴾ الآية. وجه اتصال معنى هذه الآية بما قبلها أنه ذكر في هذه الآية إنكارَ فرعونَ آياتِ موسى مع وضوحها، فيكون في ذلك تشبيها لحال هؤلاء المشركين بحاله وتسلية للنبيّ -ﷺ-. واختلفوا في الآيات التسع مع اتفاقهم أن منها: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، فهذه خمس، وأما الأربعة الباقية، فروى قتادة عن ابن عباس قال: هي يده البيضاء عن غير سوء، وعصاه إذا ألقاها، وما ذكر في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف: 130] قال: ﴿السِّنِينَ﴾ لأهل البوادي حتى هلكت مواشيهم، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ لأهل القرى، وهاتان آيتان [[أخرجه "عبد الرازق" 2/ 390، بنحوه ، و"الطبري" 15/ 171، بنحوه من طريقين، وورد في:"تفسير السمرقندي" 2/ 285، بنحوه ، و"الثعلبي" 7/ 122 أ، == و"الماوردي" 3/ 277، و"الطوسي" 6/ 527 وفي المصادر الثلاثة الأخيرة: العقدة بلسانه [وفيه نظر؛ لأن وجه الآية فيه غير ظاهر]، وفَلْق البحر بدل السنين ونقص الثمرات، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 370، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق.]]، ونحو هذا روى أبو صالح وعكرمة [[أخرجه "الطبري" 15/ 171، بنحوه عن عكرمة، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 122 أ، بنحوه عن عكرمة، و"الطوسي" 6/ 527، بنحوه عن عكرمة عن ابن عباس.]]، وهذا قول مجاهد [[ورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 200، و"تفسير الثعلبي" 7/ 122 أ، و"الطوسي" 6/ 527.]]. وقال محمد بن كعب القرظي بدل السنين ونقص من الثمرات فَلْق البحر والطمسة، وهي أن الله تعالى مسخ أموالهم حجارة ميت النخل والدقيق والأطعمة والدراهم والدنانير [[أخرجه "الطبري" 15/ 171، بنحوه، لكنه ذكر الحجر بدل فلق البحر، وعرفّ الطمسة بقوله: دعا موسى وأمَّن هارون، فقال ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ [يونس: 89]، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 122 أمع زيادات، و"الماوردي" 3/ 277، كرواية الطبري، و"الطوسي" 6/ 527، بنحوه.]]، وهذا الذي ذكرنا أجود ما قيل في تفسير الآيات [[قال ابن كثير 3/ 75: وهذا القول ظاهر جلي، حسن قوي، يقصد قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة.]]. وقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ قال ابن عباس: فأسأل يا محمد بني إسرائيل [[ورد بلا نسبة في "تفسير الطبري" 15/ 173، و"الثعلبي" 7/ 122 ب، و"هود الهواري" 2/ 445، و"البغوي" 5/ 134، و"الخازن" 3/ 183.]]، يريد المؤمنين من قريظة والنضير، ﴿إِذ جَآءَهُم﴾ يريد موسى، ونظم الآية على غير ما هو عليه في الظاهر؛ لأن (إذ) تتعلق بالإتيان لا بالسؤال، وتقدير الآية: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾، ﴿إِذ جَاَءَهُم﴾: بني إسرائيل فسألهم، إلا أنه لمّا عُلِّق السؤال ببني إسرائيل كُنِّى عنهم [في قوله: ﴿جَاءَهُمْ﴾ والمراد: إذ جاء آباءهم الذين كانوا في ذلك الوقت، ولكنهم لمَّا كانوا من بني إسرائيل كنى عنهم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (د).]]؛ لتقدم ذكر بني إسرائيل في الجملة، وقوله: ﴿فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ اعتراض دخل في كلام متصل. وقال أهل المعاني في معنى هذا السؤال: إن النبيّ -ﷺ- أُمر بأن يسألهم لا ليعرف ذلك من جهتهم، ولكن لينكشف لعامة اليهود بقول علمائهم صِدقُ ما أتى به وأَخْبَر عنه، فيكون هذا السؤال سؤال استشهاد. وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾، قيل في المسحور هاهنا: إنه بمعنى الساحر؛ كالمشؤوم والميمون، وذكرنا هذا في قوله: ﴿حِجَابًا مَسْتُورًا﴾ [الإسراء: 45] هذا قول الفراء وأبي عبيدة [[ليس في المعاني ولا المجاز، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 122 ب، بنحوه عنهما، وهو مصدره، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 135، و"القرطبي" 10/ 336، عنهما، و"ابن الجوزي" 5/ 94، و"الفخر الرازي" 21/ 65، كلاهما عن الفراء.]]، وقيل: إنه مفعول من السحر؛ أي أنك قد سُحِرت فأنت تحمل نفسك على هذا الذي تقوله للسحر الذي بك [[ورد نحوه في "تفسير الطبري" 15/ 173 - 174، و"الماوردي" 3/ 278، و"الطوسي" 6/ 528.]]. وقال محمد بن جرير: أي مُعْطَى عِلْم السحر، فهذه العجائب التي تأتي بها من سحرك [["تفسير الطبري" 15/ 173 - 174، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 122 ب بنصه، والظاهر أنه اقتبسه منه لا من الطبري.]]، فأجابه موسى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب