الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ القصد: استقامة الطريق، يقال: طريق قصد وقاصد إذا أداك إلى مطلوبك، وقصد بك ما تريد [[انظر: (قصد) في "المحيط في اللغة" 5/ 256، و"المفردات" ص 672، و"اللسان" 3642.]]، واختلفوا في معنى هذه الآية، فأكثر المفسرين على أن المعنى: وعلى الله بيان قصد السبيل بالكتب والرسل والحجج [[انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 200 ب، والطبري 14/ 84، والسمرقندي 2/ 229، و"تفسير الماوردي" 3/ 181، والبغوي 5/ 11، وابن عطية 8/ 376، و"تفسير القرطبي" 10/ 81، والخازن 3/ 108، وأبي السعود 5/ 98.]]، وهو قول جابر وقتادة والسدي [[أخرجه الطبري 14/ 84 بمعناه عن قتادة، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 209، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة بمعناه، ولم أقف عليه عن جابر والسدي.]]، ورُوي ذلك عن ابن عباس [[أخرجه الطبري 14/ 85 بمعناه، من طريق ابن أبي طلحة صحيحة، ومن طريق العوفي غير مرضية، وورد في "تفسير الطوسي" 6/ 363.]] واختاره الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 97، بمعناه.]] والزجاج [[معاني القرآن وإعرابه" 3/ 192، بمعناه.]]، وعلى هذا: الآية من باب حذف المضاف؛ لأن التقدير: وعلى الله بيان قصد السبيل، ثم قال: ﴿وَمِنهَا جَآِئرٌ﴾، أي: عادل مائل، ومعنى الجور في اللغة: الميل عن الحق [[انظر: (جور) في "المحيط في اللغة" 7/ 172، و"مجمل اللغة" 1/ 202، و"الصحاح" 2/ 917، و"اللسان" 2/ 772.]]، والكناية في منها تعود على السبيل، وهي مؤنثة في لغة الحجاز، يعني: ومن السبيل ما هو جاثر غير قاصد للحق [[نقله الفخر الرازي بنصه، ونسبه للواحدي 19/ 231.]]. قال الكلبي: يعني اليهودية والنصرانية والمجوسية [[روي عن ابن عباس في "تفسير ابن كثير" 2/ 620، و"تنوير المقباس" ص 283، وورد غير منسوب في: "تفسير الثعلبي" 2/ 154، دون ذكر المجوسية، والبغوي 5/ 11، وابن عطية 8/ 377، و"تفسير القرطبي" 10/ 81، والخازن 3/ 108.]]. وقال ابن المبارك: يعني الأهواء والبدع [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 154 ب، بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 11، وابن الجوزي 4/ 433، والخازن 3/ 108.]].
روى عطاء عن ابن عباس في هذه الآية، قال: من أراد أن يهديه سهل له طريق الإيمان، ومن أراد أن يُضلَّه وعَّر عليه طريق الإيمان [[انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 82، بنصه.]]، يعني المنافق والكافر؛ شَدُدَ عليه الغُسْلُ من الجنابة والوُضوءُ للصلاة، ويَثْقُلُ عليه صيام شهر رمضان من اثني عشر شهرًا، ثم بين أن المشيئة إليه، فقال: ﴿وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، يريد: فلو شاء لأرشدكم أجمعين حتى لا يختلف عليك يا محمد أحد، هذا كلامه، والذي ذكرنا في هذه الآية هي طريقة المفسرين. وفي الآية وجه آخر، وهو أن المعنى: أن قصد السبيل الذي هو الحنفية والإسلام على الله؛ أن يؤدي إلى رضا الله وثوابه وجزائه [[انظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 376.]]؛ كقوله: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: 41]، أي: أنه يؤدي إلى جزائي وكرامتي، فهو طريق عليّ، وهذا مذهب مجاهد، قال: على الله طريق الحق [[تقدم توثيق قوله.]]، وبه قال عبد الله بن المبارك [[لم أقف عليه.]]، وهو أقوى القولين؛ لأنه صح من غير إضمار ولا شبهة للقدرية [[القدرية هم نفاة القدر؛ يزعمون أن الأمر أنف، كان أول ظهورهم في نهاية جيل الصحابة، عندما ظهر معبد الجهني، وقد تبرأ منهم ابن عمر -رضي الله عنهما-، وخلف الجهمية في هذه البدعة المعتزلة، وأصّلوها، وجعلوها من أصولهم الخمسة. انظر: "الفرق بين الفرق" ص 114، و"الفصل في الملل والأهواء" 3/ 82، و"الملل والنحل" 1/ 43، و"الاستقامة" 1/ 179، و"التعريفات" ص 174.]]؛ لأنهم يقولون على التفسير الأول: أضاف قصد السبيل إليه.
ثم قال: ﴿ومنها جائزٌ﴾ وهو ضده، فلم يضف إلى نفسه [[هذه إشارة إلى مذهبهم الفاسد في إخراج أفعال العباد عن قدرة الله وخلقه، والمذهب الحق في هذه القضية هو مذهب أهل السنة والجماعة، وقد ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره، فقال: وأما جمهور أهل السنة، فيقولون: إن == فعل العبد فعل له حقيقة، ولكنه مخلوق لله ومفعول لله؛ لا يقولون: هو نفس فعل الله، ويفرقون بين الخلق والمخلوق، والفعل والمفعول. "منهاج السنة النبوية" 2/ 298.]]، وجوابهم عن هذا أن الجائر أيضًا منه، وإن لم يضف إلى نفسه، ولكنه ذكر ذلك على الإطلاق [[لذلك فإن من كمال الأدب أن لا ينسب إلى الله إلا الخير، وأما الشر فإما أن يذكر مطلقًا غير منسوب إليه، وإما أن ينسب إلى السبب الظاهر، ومن أمثلته في القرآن: ما ورد على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء:78 - 80] ، وقال على لسان الخضر: ﴿ومَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ [الكهف: 63]؛ في حين نسب الخير إليه في قوله: ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكهف: 82] ، وقال على لسان الجن: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن: 10]، ومن هنا قال رسول الله -ﷺ- "والخير كله بيديك، والشر ليس إليك" [مسلم (771) كتاب: المسافرين، الدعاء في صلاة الليل].]]، وابن عباس قد بَيَّنَ ذلك كما حكينا، ولا شبهة لهم في الآية على القول الثاني.
{"ayah":"وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِیلِ وَمِنۡهَا جَاۤىِٕرࣱۚ وَلَوۡ شَاۤءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق