الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا﴾، يعني الإبل والبقر والغنم، وتم الكلام ثم ابتدأ فقال: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾، ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله: ﴿لَكُمْ﴾ ثم يبتدئ فيقول: ﴿فِيهَا دِفٌ﴾. قال صاحب النظم: أحسن الوجهين أن يكون الوقف عند قوله: ﴿خَلَقَهَا﴾؛ لقوله في النسق على ما قبلها: ﴿وَلَكُم فِيهَا جَمَال﴾ [[أي أنه نسق ﴿وَلَكُم فِيهَا جَمَال﴾ على ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾، ولو وقف على ﴿خَلَقَهَا لَكُمْ﴾ لتعذر هذا العطف. وقد نقل الفخر الرازي 19/ 227، والخازن 3/ 106، قول صاحب النظم، وعزياه للواحدي -رحمه الله-.]]. وأما الدفء، فقال الفراء وجميع أهل اللغة: هو ما انتفع به من أوبارها وأشعارها وأصوافها، أراد ما يلبسون منها ويبتنون [["معاني القرآن" للفراء 2/ 96، مختصرًا، وورد بنصه في "تهذيب اللغة" 2/ 1203 (دفأ)، وهذا يؤكد نقله من التهذيب لا المعاني، وانظر: (دفأ) في "مقاييس اللغة" 2/ 287، و"الصحاح" 1/ 50، و"اللسان" 3/ 1393.]]، فالدفء عند أهل اللغة: ما يُستدفأ به من الأكسية والأبنية [[انظر: (دفأ) في "المحيط في اللغة" 9/ 369، و"مقاييس اللغة" 2/ 287، و"الصحاح" 1/ 50، و"اللسان" 3/ 1393، و"عمدة الحفاظ" 2/ 13.]]، قال الأصمعي: ويكون الدفء السخونة، يقال: اقعد في دفء هذا الحائط، أي في كنّه [[ورد في "تهذيب اللغة" (دفأ) 3/ 120 بنصه، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 19/ 227.]]، وقال الفراء في المصادر: يقال للرجل: دَفَيْت فأنت تدفأ دَفْأً، ساكنة الفاء مفتوحة الدال، ودِفْآء بالكسر والمد، وزاد غيرُه دَفاءةً ودَفاءً. وروى الحرَّاني عن ابن السِّكِّيت: يقال: هذا رجل دَفْآنُ وامرأة دَفْأى، ويوم دَفِيءٌ وليلة دفيئةٌ، وكذلك بيت دَفِيء، وغرفة دَفيئةٌ، على فَعيل وفعيلة، وما كان الرجل دَفْآن، ولقد دَفِئَ، وما كان البيت دَفِئًا، ولقد دَفُؤَ [[لم أجده في الإصلاح، وورد في "تهذيب اللغة" (دفأ) 2/ 1203، بنصه. وانظر: "اللسان" (دفأ) 3/ 1393.]]. الفَراء: دَفُؤَتْ ليلَتُنا ويومُنا دفأةً، ويقال: أدفأه فَدَفِئَ [[لم أجده في معانيه.]]، وإبل مُدْفِئة: كثيرة؛ لأن بعضَها يُدْفِئُ بعضًا بأنفاسها [[ورد في "الإصلاح" ص 379، بنحوه، و"التهذيب" (دفأ) 2/ 1203، بنصه، وانظر: (دفأ) في "مقاييس اللغة" 2/ 287، و"اللسان" 3/ 1393.]]، وإبل مُدْفأَةٌ ومدفآت: كثيرات الأوبار [[وهو قول الأصمعي كما في "التهذيب" (دفأ) 2/ 1203، وقال نحوه ابن السِّكِّيت في "الإصلاح" ص 379، وانظر: (دفأ) في "المحيط في اللغة" 9/ 369، و"اللسان" 3/ 1393، و"التاج" 1/ 153.]]، قال الشماخ: وكيفَ يضيِعُ صاحِبُ مُدْفَآتٍ ... على أثْباجِهِنَّ مِنَ الصَّقِيعِ [["ديوان الشماخ" ص 220، وفيه: (مُدْفِئَات)، وورد في "إصلاح المنطق" ص 379، و"المعاني الكبير" 1/ 429، و"جمهرة اللغة" 3/ 1313، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 66، و"أمالي القالي" 1/ 106، و"تهذيب إصلاح المنطق" ص781، و"أساس البلاغة" 1/ 274، و"تفسير القرطبي" 10/ 69، و"اللسان" (دفأ) 3/ 1393، (ثبج) 1/ 468، (ضيع) 5/ 2625، و"التاج" (دفأ) 1/ 153. (أثباجهن) جمع ثبج؛ وهو الوسط، قال الأصمعي: ثبج كل شيء: وسطه. (الصقيع) البرد والنَّدى، ويقال: الجليد. والشاعر يمدح إبله أنها لن تهلك من البرد؛ لأن أوساطها مغطاة بوبر كثير يقيها البرد.]] ونحو هذا قال عامة المفسرين في الدفء [[انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 200 ب، والطبري 14/ 78 - 79، والسمرقندي 2/ 228، وهود الهواري 2/ 360، والثعلبي 2/ 154 أ، والماوردي 3/ 178، والطوسي 6/ 361.]]، إلا ما روي عن ابن عباس من طريق عكرمة، ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾ قال: النسل [[ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 54، و"تفسير الماوردي" 3/ 179، وقد روي عن ابن عباس تفسيرها بتفسير العامة، أخرجه الطبري 14/ 79 بعدة روايات، وانظر: "تنوير المقباس" ص 282، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 206، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، ولذلك حمل النحاس تفسير ابن عباس: بالنسل، على المنافع لا الدفء، مع أن قوله التالي الذي رواه عنه ابن هاجك يؤكد تفسيره لـ ﴿دِفْءٌ﴾ بالنسل.]]، وروى الأزهري عن ابن هاجك [[لم أقف عليه.]] بإسناده عن ابن عباس، ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ قال: نسل كل دابة [[لم أقف عليه في التهذيب، وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 353) بنصه، والطبري 14/ 79، بنصه من طريق عكرمة جيدة، وورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 228، و"تفسير القرطبي" 10/ 70، وانظر: "اللسان" (دفأ) 3/ 1393، و"عمدة الحفاظ" 2/ 13، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 206، وزاد نسبته إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. قال [[(قال) ساقط من (ش)، (ع).]] الأزهري: وهذا يوافق قول الأموي [[أبو محمد، عبد الله بن سعيد الأموي اللغوي، لقي العلماء، ودخل البادية، وأخذ عن فصحاء الأعراب، وأخذ عنه العلماء كأبي عبيد، وأكثروا في كتبهم، كان حافظًا للأخبار والشعر وأيام العرب، وكان ثقة في نقله، من كتبه: (النوادر)، (رحل البيت). انظر: "طبقات النحويين والبلاغيين" ص 193، و"إنباه الرواة" 2/ 120، و"البلغة" ص 309، و"البغية" 2/ 43.]]، روى أبوعبيد عنه: الدفءُ [[في جميع النسخ: (الدفؤ)، والمثبت موافق لجميع المصادر.]] عند العرب: نتاج الإبل وألبانها والانتفاع بها [[لم أجده في غريبه، وورد في "تهذيب اللغة" (فاد) 2/ 1203، بنصه، وانظر:== (دفأ) في "مقاييس اللغة" 2/ 287، و"اللسان" 3/ 1393، و"عمدة الحفاظ" 2/ 13.]]، قال الفراء: وكتبت دفء بغير همز؛ لأن الهمزة إذا سَكن ما قبلها حُذفت من الكتاب، وذلك لخفاء الهمزة إذا سُكِتَ [[في جميع النسخ: (سكنت)، والصحيح المثبت، وهو موافق للمصدر وبه يستقيم الكلام.]] عليها، فلما سَكَنَ ما قبلها ولم يَقْدِروا على هَمْزِها في الْسَّكْت، كان سكوتهم كأنه على الفاء، وكذلك قوله: ﴿يُخْرِجُ الْخَبْءَ﴾ [النمل: 25] و ﴿مِلْءُ الْأَرْضِ﴾ [آل عمران: 91] [["معاني القرآن" للفراء 3/ 96، بنصه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنَافِعُ﴾ يعني النسل والدّر والركوب، ﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد من لحومها [[ورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" 1/ 200 ب، والسمرقندي 2/ 228، والثعلبي 2/ 154 أ، والبغوي 5/ 9.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب