الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ اختلفوا في الجالب لهذه الباء [[أورد السمين في ذلك ثمانية أقوال، انظر: "الدر المصون" 7/ 222، وما بعدها.]]؛ فعند الفراء: لا يجوز أن تتعلق بأرسلنا المذكور في الآية الأولى؛ لأن صلة ما قبل إلاَّ لا تتأخر بعد إلاَّ، ولكنّه يقول: تقدير الآية: أرسلناهم بالبينات [[فيكون تأويل الكلام: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم أرسلناهم بالبينات والزبير وأنزلنا إليك الذكر.]]، فالباء تتعلق بأرسلناهم المضمر المدلول عليه بأرسلنا المذكور، قال: ومثله قوله: ما ضرب إلا أخوك زيدًا، وما مرّ إلا أخوك يزيد، تريد ما مرّ إلا أخوك، ثم تقول: مرّ يزيد، فهذا إنما يجوز على كلامين، ولا يجوز أن يكون ما بعد إلاَّ موصولاً بما قبله، ومن هذا الجنس قول الشاعر: نُبِّئْتُهُمْ عَذَّبُوا بالنّارِ جارَتهَمْ ... وهل يُعذِّبُ إلاّ اللهُ بالنّارِ [[ورد غير منسوب في "تفسير الطبري" 14/ 110، و"الإملاء" 2/ 81، فيه: (لا) بدل (هل)، والثعلبي 2/ 157 أ، والطوسي 6/ 385، و"الفريد في إعراب القرآن" 3/ 228، و"الدر المصون" 7/ 222، و"شرح التصريح" 1/ 284، قال الأزهري: فقدم الفاعل المحصور بإلا على المجرور بالباء، وطوى ذكر المفعول، وهل بمعنى ما، وأصل الكلام: ما يعذب أحدٌ أحدًا بالنار إلا الله.]] وقال الكسائي: (إلاّ) في قوله: ﴿إِلَّا رِجَالًا﴾ بمعنى غير؛ كقوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: 22]، (قال: المعنى لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]]، واحتجّ بقول الشاعر [[هو أوس بن حجر (جاهلي).]]: أَبَنِي لُبَيْنَى لَسْتُمُ بِيَدٍ ... إلاّ يَدٍ لَيْسَتْ لَها عَضُدُ [["ديوانه" ص 21، ووردت اليد الثانية منصوبة (إلا يدًا) وليس في هذه الرواية == الشاهد، وورد في: "معاني القرآن" للفراء 2/ 101، و"تفسير الطبري" 14/ 110، والثعلبي 2/ 157 أ، (لُبَيْنى): اسم امرأة، وبنو لبينى من بني أسد بن واثلة، يعيرهم بأنهم أبناء أَمَة إذ ينسبهم إلى الأم تهجينًا لشأنهم.]] فقال. (إلاّ) هاهنا بمعنى غير؛ لأنه لا يمكن إعادة خافض بضمير [[يعني أن الذي خفض اليد قبل (إلا) وهي الباء يتعذر إعادته بعد (إلا) لخفض اليد الثانية، ولا إشكال لو كانت بمعنى غير.]]، قال الفراء: وقد ذهب في هذا مذهبًا [["معاني القرآن" للفراء 2/ 100 - 101، بتصرف واختصار.]]، ومن قال الذكر في الآية الأولى بمعنى العلم [[أشار إلى ذلك الزجاج في "المعاني" 3/ 201، بقوله: قيل لهم: اسألوا كلَّ من يذكر بعلم .. ، وانظر: "تفسير القرطبي" 10/ 108، والخازن 3/ 116.]]، جعل الباء من صلته؛ كأنه قيل: سَلوا أهل العلم بالبينات والزبر [[وهذا القول هو الأظهر؛ لأنه لا يحتاج إلى تأويل، وما لا يحتاج إلى تأويل أولى مما احتاج إلى تأويل.]]؛ وهي ما أنزل الله على الأنبياء من الحجج الواضحة والكتب، ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ يعني القرآن [[ورد في "تفسير مقاتل" 1/ 203 أ، والطبري 14/ 111، وهود الهواري 2/ 373، والسمرقندي 2/ 237، والطوسي 6/ 385، و"تفسير الماوردي" 3/ 190، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 425، والخازن 3/ 116، وابن كثير 2/ 592.]]، ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾: في هذا الكتاب من الحلال والحرام، والوعد والوعيد، ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾: في ذلك فيعتبرون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب