الباحث القرآني

فقال -عز من قائل-: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ﴾ أي إن تطلب بجهدك ذلك، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾، أي: من يُضلُّه، فالراجع إلى الموصول الذي هو (مَنْ) محذوف مقدر [[وهو الهاء المحذوفة، وتَقْديره: (يضلُّه).]]، وهذا كقوله: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ [الأعراف: 186]، وكقوله: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: 23]، أي: من بعد إضلال الله إياه [[انظر: "الحجة للقراء" 5/ 64، بنحوه.]]، وقرأ أهل الكوفة يَهْدِي بفتح الياء [[وهم عاصم وحمزة والكسائي، انظر: "السبعة" ص 372، و"علل القراءات" 1/ 305، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 353، و"المبسوط في القراءات" ص 224، و"التيسير" ص 137، و"النشر" ص 2/ 304، قال الأزهري في "علل == القراءات" وغيره: ومن قرأ (لا يُهْدَى) [وهم: ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر]، فالمعنى: لا يُهْدى أحدٌ يُضله الله، وهذا نظير قوله جل وعز: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾، وقد اختار الطبري هذه القراءة ورجح هذا المعنى، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم. انظر: "تفسير الطبري" 14/ 104، والثعلبي 2/ 156 ب، و"تفسير القرطبي" 10/ 104.]]، وهو يحتمل وجهين: [[ذكرهما الثعلبي 2/ 156 ب، بنحوه، وذكرهما ابن الجوزي ونسبهما إلى ابن الأنباري. "تفسير ابن الجوزي" 4/ 446.]] أحدهما: أن المعنى فإن الله لا يُرْشد من أضله، وبهذا فَسَّره ابن عباس [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 30، وورد غير منسوب في "تفسير القرطبي" 10/ 104.]]. والثاني: أنّ يَهْدِي بمعنى يَهْتَدي، قال الفراء: والعرب تقول: قد هَدَّي الرجلُ؛ يريدون قد اهتدى، ومثله قوله: ﴿أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾ [["معاني القرآن" للفراء 2/ 99، بنصه.]] [يونس: 35]، قال ابنُ مجاهد [[أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي البغدادي، المشهور بابن مجاهد، شيخ القراءات وأول من سبّع السبعة، ولد سنة (245 هـ)، قرأ على عبد الرحمن بن قدوس عشرين ختمة، وعلى قُنْبُل المكي، وسمع القراءات من طائفة كبيرة، تصدَّر للإقراء وازدحم عليه أهل الأداء، ورُحِل إليه، قرأ عليه: صالح بن إدريس وأبو الفرج الشَّنَبُوذي، صنَّف كتابه المشهور: "السبعة في القراءات"، مات سنة (324 هـ). انظر: "الفهرست" ص 52، و"معرفة القراء الكبار" 1/ 269، و"غاية النهاية" 1/ 139.]]: ولم يختلفوا في ﴿يُضِلُّ﴾ أنه مضومُ الياء [["السبعة" ص 372، بنحوه، وزاد: مكسورة الضاد.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب