الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ﴾ أي ذَلَّله للركوب والغوص، ﴿لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ قال ابن الأعرابي: لحم طري غير مهموز، وقد طرو طرواة. وقال الفراء في "المصادر": ما كان طريًّا، ولقد طري يطرى طراءً ممدود وطراوةً، كما يقال: شقي يشقى شقاءً وشقاوةً، قال ابن عباس: يريد السمك والحيتان [[ورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" 1/ 200 ب، والسمرقندي 2/ 230، والثعلبي 2/ 155أ، والبغوي 3/ 64.]]، ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ قال: يريد الدر واللؤلؤ والمرجان والزبرجد والياقوت، وربما وجدوا فيه الذهب. قال أبو علي: الحِلْيَة والحُلِي واحد، كما يقال: بِرْكَة للمصدر وبِرَك [[لم أقف على مصدره، وانظر: "اللسان" (حلا) 2/ 985، بنحوه منسوبًا إليه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ﴾ يجوز أن يكون هذا فصلاً مبتدأً غير معطوف على ما قبله، ويجوز أن يكون معطوفًا على ما قبله. واختلف ألفاظ المفسرين في تفسير الماخر؛ فروى ابن عباس أنه قال: جواري [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 155 أ، بلفظه، وورد غير منسوب في البغوي 3/ 64.]]، وقال في رواية عطاء: يريد ملججين فيه، وأهل البحر يقولون: مَخَرْنا، يريد لججنا؛ إذا انقطع البر عنهم فلم يروه، وقال قتادة ومقاتل: مقبلة ومدبرة [[أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" 2/ 354 بلفظه عن قتادة، والطبري 14/ 89 بلفظه عن قتادة من طريقين، ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 155 أ، بلفظه عنهما، والماوردي 3/ 182، عن قتادة، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 12، عن قتادة.]]. قال الكلبي: يذهب ويجيء [[ورد بلا نسبة في "تفسير السمرقندي" 2/ 231، وابن عطية 8/ 386، وورد منسوبًا للضحاك في: "معاني القرآن" للنحاس 4/ 59.]]. وقال الحسن: مواقر [[أخرجه الطبري 14/ 88 بلفظه، وورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 155 أ، و"تفسير الماوردي" 3/ 182.]]. وقال أبو عبيدة: صوائح [["مجاز القرآن" 1/ 357 بمعناه، قال: من مخرت الماء، شقَّته بجآجِئها.]]، ونحو هذا قال الفراء [[قال: واحدها ماخرة؛ وهو صوت جري الفلك بالرياح. "معاني القرآن" 2/ 98.]]، وكل هذا معان وليس بتفسير، وتفسير المواخر ما ذكره أهل اللغة. قال المنذري: سمعت أحمد بن يحيي يقول وسئل عن المواخر، فقال: الماخرةُ السفينةُ التي تَمْخَرُ الماءَ؛ تدفعه وتدفع الموج بصدرها [[ورد في "تهذيب اللغة" (مخر) 4/ 3356، بنصه.]]، قال: وأنشدني الحرَّانيُّ عن ابن السكيت أنه أنشده للراجز في صفة نساء ضرائر: وصارَ أمثالَ الفغا ضرائري ... مُقَدِّماتٍ أَيْدِيَ المَواخِرِ [[نُسب لابن السِّكِّيت في التهذيب واللسان. ورد في "التهذيب" (مخر) 4/ 3356 برواية: يافِىَّ مالِي عَلِقَتْ ضَرَائري ... مقدماتٍ أيديَ المواخِرِ وورد صدره في (فغا) في "تهذيب اللغة" 3/ 2809، و"اللسان" 6/ 3442، وورد عجزه في "مقاييس اللغة" 5/ 303، و"مجمل اللغة" 2/ 825، بلا نسبة فيهما، و"اللسان" (مخر) 7/ 4152.]] قال: الماخِرُ: الذي يَشقُّ الماءَ إذا سَبحَ، يصف نساءً تَصْخَبْنَ وتَسْتعِنَّ بأيديهن كأنهن سوابح [[ورد في "تهذيب اللغة" (مخر) 4/ 3356، بنحوه.]]، والفغا: ضرب من التمر غليظ [[وهو قول الليث، ورد في "تهذيب اللغة" (فغا) 3/ 3809، وقد خطأه الأزهري، == فقال: هذا خطأ، والفغا: داءٌ يقع على البُسر مثل الغُبار، ويقال: ما الذي أفغاك، أي أغضبك وأورمك، وقال أبو عبيد: إذا غَلُظت التمرةُ وصار فيها مثل أجنحة الجراد فذلك الفغا مقصور، وقد أفغت النَّخلة.]]، يقال: ما الذي أفغاك، أي: أغضبك وورّمك. وقال أبو الهيثم: مَخْرُ السفينةِ: شَقُّها الماءَ بصدرها [[ورد في "تهذيب اللغة" (مخر) 4/ 3356، بنصه.]]. وقال الفراء: يقال: مَخَرَتْ تَمْخُرُ وتَمْخَرُ [["معاني القرآن" للفراء 2/ 98، بنصه، وهو في "تهذيب اللغة" بنصه.]] مَخرًا ومخُورًا. قال الأزهري: والقول في تفسير المواخر ما قاله ثعلب وأبو الهيثم؛ أنها تشق الماء شقًّا [["تهذيب اللغة" (مخر) 4/ 3356، وعبارته: قلت: والمخْرُ أصله الشَّقُّ.]]، وسمعت أعرابيًّا يقول: مَخَرَ الذئبُ شاةً، أي شقَّ بطنَها [[ورد في "تهذيب اللغة" بنحوه.]]، وأصل المخر الشق، ومنه الحديث: "إذا أراد أحدكم الخلا فليتمخر الريح" [[ورد في "تهذيب اللغة"، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 155 أ، برواية: (البول) بدل (الخلاء)، وأورده الطبري بهذه الرواية ونسبه لواصل مولى ابن عيينة 14/ 89، وورد في "تفسير البغوي" 5/ 13، وفي "النهاية" برواية: (إذا بال أحدكم فليتمخر الريح) 4/ 305، وورد بمعناه في "المجروحين" لابن حبان 3/ 108 ، قال: (إذا أراد أحدكم الخلاء فلا يستقبل الريح).]]. قال أبو عبيد: يعني أن ينظر مجراها فلا يستقبلها [["الغريب" لأبي عبيد 1/ 312 بنصه، وانظر: "تهذيب اللغة" (مخر) 4/ 3356، بنصه.]]، فأما ما ذكره المفسرون فإنه يصح في المعنى؛ لأنها لا تشق الماءَ إلا إذا كانت جارية موقرة ويسمع لجريها وشقها الماءَ صوتٌ، وهي تشق الماء مقبلةً ومدبرةً، وذاهبةً وجائيةً. وقوله تعالى: ﴿وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ﴾ يعني لتركبوا للتجارة فتطلبوا الربح من فضل الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب