الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ﴾ الآية. أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في عمار بن ياسر؛ أخذه المشركون فلم يتركوه حتى سَبَّ النبيّ -ﷺ- وذكر آلهتم بخير ثم تركوه، فلما أتى رسول الله -ﷺ- قال: "ما وراءك؟ قال: شَرٌّ يا رسول الله، ما تُرِكتُ حتى نِلتُ مِنْك، وذكرتُ آلهتم بخير. قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنًا بالإيمان. قال: إن عادوا لك فعد لهم بما قلت" [[أخرجه ابن سعد 3/ 249 بنصه، وعبد الرزاق 2/ 360، بنحوه، والطبري 14/ 181، بنحوه عن ابن عباس من طريق العوفي ضعيفة، وأخرجه بنحوه عن قتادة وأبي مالك وغيرهما، والحاكم 2/ 357 بنصه، وصححه وقال: على شرط الشيخين، والبيهقي: المرتد/المكره على الردة (8/ 208) بنصه، وورد بنحوه في "تفسير السمرقندي" 2/ 252، وهود الهواري 2/ 390، والثعلبي 2/ 164 ب، عن ابن عباس، والطوسي 6/ 428، وانظر: "أسباب النزول" للواحدي ص 288، عن ابن عباس، و"تفسير البغوي" 5/ 45، عن ابن عباس، والزمخشري 2/ 345، و"تفسير القرطبي" 10/ 180، عن ابن عباس، والخازن 3/ 136، وابن كثير 2/ 647، عن ابن عباس، و"الدر المنثور" 4/ 248، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.]].
واختلفوا في محل (مَنْ) مِن الإعراب، فقال الأخفش: هو ابتداء، وخبره محذوف مكتفى منه بخبر (مَنْ) الثانية في قوله: ﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾ [["معاني القرآن للأخفش" 2/ 608، بمعناه، وانظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 164 ب، بنحوه بلا نسبة.]]؛ كقولك: من يأتينا فمن يحسن نكرمه [[ورد بنصه في "تفسير الطبري" 14/ 180، والثعلبي 2/ 164 ب، والطوسي 6/ 428، ومعناه: من يحسن ممن يأتينا نكرمه.]]، فجواب الأول محذوف قد كفى منه الثاني، وقال أبو إسحاق: (مَنْ) في موضع رفع على البدل مِن الكاذبين [[وتقديره: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه، وقد رده الطبري، وقال: هذا قول لا وجه له، وحجته أن ذلك يقتضي تخصيص وصف افتراء الكذب بمن آمن ثم ارتد دون من نشأ على الكفر أصلاً، ودلل على ذلك أن الآية جاءت في سياق الرد على الذين نسبوا الكذب والافتراء إلى رسول الله -ﷺ- في الآية السابقة، وهم الكفار الأصليون. انظر: "تفسير الطبري" 14/ 181.]]، ولا يجوز أن يكون رفعًا بالابتداء؛ لأنه لا خبر هاهنا للابتداء؛ لأن قوله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ﴾ ثم استثنى فقال: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ﴾: على الكفر، يكفر بلسانه وقلبه مطمئن [[في (أ)، (د) زيادة (واو): (ومطمئن).]] بالإيمان [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 219، بتصرف يسير.]]، والقول الأول أظهر في معنى الآية؛ لأن [[في (أ)، (د): (أن).]] هذه قصة مستأنفة، وكلام لا تعلق له بما تقدم، يدل عليه من التفسير ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية، قال: أخبر الله سبحانه أنه من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأما من أُكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لِيَنْجُو بذلك من عدوه فلا حرج عليه؛ لأن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم [[أخرجه الطبري 14/ 182 بنصه من طريق ابن أبي طلحة صحيحة، والبيهقي: المرتد/ المكره على الردة (8/ 209) بنصه، و"الدر المنثور" 4/ 250، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، فجعل ابن عباس قوله: ﴿فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ﴾ خبر قوله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾، أي: فتحه ووسعه لقبول [[في (أ)، (د): (لقول)، والمثبت من (ش)، (ع) أصح.]] الكفر، وذكرنا معنى الشرح في سورة الأنعام [[آية [125].]]، وانتصب صدرًا على أول مفعول للشرح، والتقدير: ولكن من شرح بالكفر صدره، وحذف الهاء منه لأنه لا يُشْكِل بصدر غيره، إذ البشر لا يقدر على شرح صدر غيره، فهو نكرة يراد بها المعرفة، ويدل عليها معنى الكلام، "وهذه الآية تدل على أنّ المُكْرَهَ على كلمة الكفر إذا تَلَفَّظ بها مُكْرَهًا لا يحكم بكفره إذا كان قلبه مطمئنًا بالإيمان [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 165 أ، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 46، و"تفسير القرطبي" 10/ 182.]]، ولذلك أبطل الشافعي طلاق المكره وعتاقه وعقوده، ولم يجعل لها حكمًا [[وهذا القول هو قول جمهور العلماء خلافًا للحنفية، وقد ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 165 أ، ونسبه أيضًا إلى بعض الصحابة ومالك والأوزاعي، انظر: بسط المسألة في "تفسير الجصاص" 3/ 192، و"المحلى" 8/ 331، و"تفسير ابن العربي" 3/ 1180، و"المجموع" 17/ 65، و"المغني" 10/ 350، و"تفسير القرطبي" 10/ 184، و"رفع الحرج في الشريعة الإسلامية" ص 246، و"الإكراه وأثره في التصرفات الشرعية" ص 196، و"عوارض الأهلية عند الأصوليين" ص 496.]]، ودلّت الآية على أن حقيقة الكفر إنما تكون بالقلب دون اللسان [[ذكره الثعلبي 2/ 164 ب، بنحوه.]].
{"ayah":"مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق