الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ﴾ الآية. قال الكلبي: نافح الله تعالى بهذه الآية عن رسول الله -ﷺ- ودافع عنه حيث قالوا: تَقَوَّله واخترعه وأتى به من عند بشر وافتراه، فقال: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ﴾: المشركون، ثم سَمَّاهم الكاذبين، وحصر فيهم الكذب بقوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾، وقال أبو إسحاق: أي إنما يفتري الكذب الذين إذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلا الله كذَّبُوا بها، فهؤلاء أكذبُ الكَذَبَةِ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 219، بنصه.]]، وفي الآية أبلغ زجر عن الكذب؛ حيث أخبر الله تعالى أنه إنما يفتري الكذب من لا يؤمن، ولذلك قال النبيّ -ﷺ- حين قيل له: (هل يَكْذِبُ المؤمن؟ قال: "لا"، ثم قرأ هذه الآية) [[جزء من حديث رواه عبد الله بن جراد، وطرفه: قلت: يا رسول الله، المؤمن يزني؟ == قال "قد يكون". وقد أخرجه بنحوه الثعلبي 2/ 164 أ، والواحدي في "الوسيط" 2/ 446، والبغوي 5/ 45، وورد في "إحياء علوم الدين" 3/ 135، و"تفسير الرازي" 20/ 120، والخازن 3/ 136، قال الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء": أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" بسند ضعيف، ورواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" (ص 243) مقتصرًا على الكذب، والسائل أبو الدرداء، والرواية التي أشار إليها العراقي أخرجها مالك عن صفوان بن سليم أنه قيل لرسول الله -ﷺ-: أيكون المؤمن جبانًا .. فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: "لا" موطأ مالك [شرح الزرقاني] باب ما جاء في الصدق 4/ 408، و"التمهيد" 16/ 253، وقال: لا أحفظ هذا الحديث مسندًا بهذا اللفظ من وجه ثابت، وأخرجها ابن أبي الدنيا في "الصمت" ص 248، عن ابن مسعود وسعد -رضي الله عنه- موقوفًا قالا: كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب. والحديث ضعيف.]]. وقال صاحب النظم في هذه الآية: أعلم الله أن الذي يفتري الكذب هو الذي لا يؤمن بآيات الله، ثم عطف على هذا قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ وفائدة ذلك؛ أن قوله: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ﴾ فِعْلٌ وليس بنعت، وقوله تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ نعتٌ، والفعل قد يكون لازمًا وقد لا يكون، والنعت [[في (أ)، (د): (البعث).]] لا يكون إلا دائمًا، يبين هذا أنه تعالى قال: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه: 121]، ولا يجوز أن يقال: إن آدم عاصٍ وغاوٍ؛ لأن النعت أبلغ من الفعل، ولهذا قال الله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ أي أن هذا نعت لازم لهم وعادة من عاداتهم، لا فِعْلٌ يزول عن قريب، وهذا كما تقول: كذبت وأنت كاذب، فيكون قولك: أنت كاذب، زيادة في الوصف بالكذب [[ورد بنحوه مختصرًا في "تفسير البغوي" 5/ 45، و"الرازي" 20/ 119، و"القرطبي" 10/ 179.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب