الباحث القرآني
﴿كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ﴾ اختلفوا في المقتسمين من هم؟ فقال ابن عباس في رواية عطاء: هم الذين اقتسموا طرق مكة يصدون الناس عن رسول الله ﷺ- والإيمان به، وهم ما بين ثمانية وثلاثين إلى الأربعين [["تفسير الفخر الرازي" 19/ 211.]]، وقال مقاتل بن سليمان: كانوا ستة عشر رجلاً بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا عِقابَ [[العَقَبَة: طريق وعر في الجبل، والجمع عَقَب وعِقاب. انظر: (عقب) في "جمهرة اللغة" 1/ 364، "المحيط في اللغة" 1/ 197.]] مكة وطرقها، يقولون لمن سلكها: لا تغتروا بالخارج منا والمدعي النبوة فإنه مجنون، فكانوا يُنَفّرون النُزَّاعَ إليه بأنه ساحر وأنه كاهن وأنه شاعر [["تفسير مقاتل" 1/ 199 أ، بنحوه، وانظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أ، بنحوه، وورد بنحوه غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء 2/ 91، ومعظم الذين ذكروا هذا القول نسبوه للفراء، ومقاتل سابق للفراء.]]، وهذا القول اختيار الفراء قال: سُمُّوا مقتسمين لأنهم اقتسموا طُرُقَ مكة [["معاني القرآن" للفراء 2/ 92 بنصه.]]، فأنزل الله بهم جَرَبًا فماتوا شر ميتة، وقال في معنى الآية: يقول: أنذرتكم ما نزل بالمقتسمين، قال صاحب النظم المعنى: إني أنذرتكم ما أنزلناه على المقتسمين [[وهو كقول الفراء؛ قال: يقول أنذرتكم ما أُنزل بالمقتسمين 2/ 91.]]، وتكون الكاف زائدة؛ وزيادة الكاف قد توجد في مواضع من الكلام [[انظر: التعليق على القول بالزيادة في القرآن، عند الآية [10] من سورة إبراهيم.]]؛ كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11]، وقول رُؤبة:
لَوَاحِقُ الأقْرَابِ فيها كالمَقَقْ [["ديوانه" ص 106، وورد في: "سر صناعة الإعراب" 1/ 295، "شرح ابن عقيل" 3/ 26، "شرح شواهد المغني" 2/ 764، و"الخزانة" 1/ 89، وبلا نسبة في "المقتضب" 4/ 418، و"المسائل البغداديات" ص 400، و"الإنصاف" ص 257، "شرح الأشموني" 2/ 409، (اللواحق) جمع لاحقة، وهي الهزيلة الضامرة، (الأقراب) جمع قُرْب؛ وهي الخاصرة، (المقق) هو الطُّولُ، وقيل الطول الفاحش في دقة، والمعنى: هذه الخيول أو الأُتن خماص البطون، قد أصابها الهزال وضمرت بطونها مع ما بها من طول فاحش.
والشاهد: (كالمقق) حيث جاءت الكاف زائدة، لا تدل على معنى التشبيه، إذ المقق: الطول، ولا يقال في الشيء كالطُّول، وإنما يقال: فيه طُول. انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 292، "الانتصاف من الإنصاف" بهامشه 1/ 300.]]
قال النحويون: الكاف التي هي حرف جار قد تكون زائدة مؤكدة بمنزلة الباء في خبر ليس [[انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 291 بنصه، "المقتضب" 4/ 418، "شرح ابن عقيل" 3/ 26.]]، وذكر صاحب النظم وجهًا آخر، هو أن يكون التأويل: ﴿إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ﴾: عذابًا ﴿كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ﴾، وعلى هذا: المفعول محذوف وهو المشبه، ودل عليه المشبه به، وهذا كما تقول في الكلام: رأيت كالقمر في الحُسْنِ [[نقل الفخر الرازي قول صاحب النظم وتوضيح الواحدي له بنصه دون عزو. "تفسير الفخر الرازي" 19/ 212.]]، أي: رجلاً، وما تريد [[يقصد تقديره: رجلاً أو ما تريد أن تقدّره.]]. وقال ابن عباس في رواية أبي ظبيان: (المقتسمين) هم اليهود والنصارى [[أخرجه البخاري (4705) التفسير، كتاب: الحجر، باب: قوله تعالى ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ بنصه، والطبري 14/ 61 بنصه، وورد بنصه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 43، و"تفسير هود الهواري" 2/ 356، والثعلبي 2/ 152 أ، والماوردي 3/ 172، والطوسي 6/ 354، و"تفسير البغوي" 4/ 393، وابن عطية 8/ 355، وابن الجوزي 4/ 417، والفخر الرازي 19/ 212، و"تفسير القرطبي" 10/ 58، والخازن 3/ 103.]].
واختلفوا لم سُمّوا مقتسمين؟ قال ابن عباس في هذه الرواية: لأنهم جعلوا القرآن عضين؛ آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.
وقال عكرمة: لأنهم اقتسموا القرآن استهزاءً به، فقال بعضهم سورة كذا لي، وقال بعضهم سورة كذا لي [["أخرجه الطبري" 14/ 62 بنحوه، ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أ، بنحوه، والماوردي 3/ 172 بنحوه، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 355، وابن الجوزي 4/ 417، و"تفسير القرطبي" 10/ 58، والخازن 3/ 103.]].
وقال مجاهد: لأنهم قسموا كتابهم فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه [["أخرجه الطبري" 14/ 63 بنحوه، ورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 225 لكنه قال: فرقوا القرآن، والصحيح كما في كل الروايات فرقوا كتبهم، والثعلبي 2/ 152أبمعناه، والماوردي 3/ 172 بمعناه، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 355، وابن الجوزي 4/ 417، والخازن 3/ 103.]].
وقال مقاتل بن حيان: أقتسموا القرآن؛ فقال بعضهم: سحر (وقال بعضهم: شعر) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]] وقال بعضهم: كذب، وقال بعضهم: أساطير الأولين [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أبنصه، و"تفسير الفخر الرازي" 19/ 212 بنصه.]].
وقال ابن زيد: المقتسمون هم قوم صالح تقاسموا، من القَسَم لا من القِسْمة [["أخرجه الطبري" 14/ 63 بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أبنحوه، والماوردي 3/ 172 بمعناه، والطوسي 6/ 354 بمعناه، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 355، وابن الجوزي 4/ 418، والفخر الرازي 19/ 212، و"تفسير القرطبي" 10/ 58، وابن كثير 2/ 614.]]، ونحوًا من هذا قال ابن قتيبة؛ جعل المقتسمين: الذين تحالفوا على تكذيب محمد -ﷺ-وأن يذيعوا ذلك [بـ] [[إضافة يقتضيها السياق؛ كما في المصدر.]] كل طريق [["الغريب" لابن قتيبة ص 241 بنصه.]]، كما ذكرنا في القول الأول [[وقد لخّص الطبري الأقوال الواردة في المقتسمين، فقال: هم قوم صالح أو أهل الكتاب أو كفار قريش، ثم ذكر أن النص محتمل لأي من الفرق الثلاث ما دام أنه لم يخصص، فوجب حمله على كل من اقتسم كتابًا لله بتكذيب بعض وتصديق بعض. انظر: "تفسير الطبري" 14/ 63 - 64]].
{"ayah":"كَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق