الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي﴾ الآية. اختلفوا في السبع المثاني ما هي؟ فأكثر أهل التفسير والأثر أنها فاتحة الكتاب [[ورد في "تفسير مقاتل" 1/ 198 ب، وهود الهواري 2/ 355، و"تفسير السمرقندي" 2/ 224.]]، وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي هريرة [[أخرجه بلفظه: عبد الرزاق 2/ 350 عن أبي هريرة، والطبري 14/ 55 عن علي وابن مسعود بعدة روايات، والدارقطني 1/ 313 عن علي، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 38 عن علي وأبي هريرة، و"تفسير السمرقندي" 2/ 224 عن علي وابن مسعود، والثعلبي 2/ 150 ب عنهم، والطوسي 6/ 353 عن ابن مسعود، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 195 وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن عمر، وزاد نسبته -كذلك- إلى الفريابي وسعيد بن منصور وابن الضريس وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي، وزاد نسبته -كذلك- إلى ابن الضريس وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود، وزاد نسبته -كذلك- إلى ابن الضريس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة.]] والحسن وأبي العالية ومجاهد والضحاك وسعيد بن جبير والربيع والكلبي وقتادة [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 349 بلفظه عن قتادة، والطبري 14/ 56 عنهم ماعدا الضحاك والكلبي، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 38 عن مجاهد وقتادة، و"تفسير الثعلبي" 2/ 150 ب بلفظه عنهم ماعدا قتادة، والماوردي 3/ 170 عن الربيع وأبي العالية والحسن، والطوسي 6/ 353 عن الحسن، و"تفسير البغوي" 4/ 390 عن الحسن وسعيد وقتادة، وابن عطية 8/ 350 عن الحسن، وابن الجوزي 4/ 413 عن الحسن وسعيد ومجاهد وقتادة، الفخر الرازي 19/ 207 == عنهم ماعدا الربيع والكلبي، و"تفسير القرطبي" 10/ 54 عن الحسن وأبي العالية والربيع، الخازن 3/ 101 عن الحسن وسعيد ومجاهد وقتادة، وابن كثير 2/ 613 عن الحسن ومجاهد وقتادة، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 196 وعزاه إلى ابن الضريس عن مجاهد، وزاد نسبته إلى ابن الضريس عن قتادة، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي العالية.]]، وروي ذلك مرفوعًا أن النبيّ -ﷺ- قرأ الفاتحة فقال: "هي السبع المثاني" [[أخرجه البخاري (4704) كتاب: التفسير، باب: الحجر بنصه، وأبو داود (1457) كتاب: الوتر، باب: فاتحة الكتاب بنحوه، والنسائي: كتاب: الافتتاح، باب: ولقد آتيناك سبعاً من المثاني بنحوه، والطبري 14/ 58 بنصه بعدة روايات، والدارقطني: كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة 1/ 312 بنحوه، والحاكم: كتاب: التفسير، باب: الحجر (2/ 354) بنحوه، وقال على شرط مسلم، والشعبي 2/ 150 ب. بنصه.]] رواه أبو هريرة، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء وسعيد بن جبير [[أخرجه الطبري 14/ 56 بنحوه وبروايتين، من طريق الحجاج عن ابن جريج عن سعيد (صحيحة)، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 350، وابن الجوزي 4/ 413، والخازن 3/ 101، وابن كثير 2/ 613، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 197 ونسبه إلى ابن مردويه من طريق سعيد.]]، واختيار الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 91.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 185.]]، وعلى هذا سميت الفاتحة السبع المثاني لأنها [[في (أ)، (د): (أنها) والمثبت من (ش)، (ع).]] سبع آيات، وهي تُثَنى في كل صلاة؛ تقرأ في كل ركعة، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والربيع [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 151أ، بنصه عنهم، "تفسير السمرقندي" 2/ 224 عن قتادة، والطوسي 6/ 353، عن الحسن، "تفسير البغوي" 4/ 390 عنهم ماعدا الربيع، وابن الجوزي 4/ 413 عن ابن عباس، الخازن 3/ 102 عنهم ماعدا == الربيع، وابن كثير 2/ 613 عن قتادة، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 196 وزاد نسبته إلى البيهقي في الشعب عن ابن عباس [لم أقف عليه]، وزاد نسبته -أيضاً- إلى ابن الضريس عن قتادة.]]. وقال أبو إسحاق: لأنه يثنى بها في كل ركعة مع ما يقرأ من القرآن [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 185 بنصه.]]، قال أبو الهيثم أي يجعل اثنين، من قولك: ثَنَيْتُ الشيء ثنيًا؛ أي: عطفته أو ضممت إليه آخر [[لم أقف عليه منسوبًا إليه. وانظر: (ني) في: "الصحاح" 6/ 2294، "اللسان" 1/ 511، "عمدة الحفاظ" 1/ 333.]]، ومنه يقال لركبتي الدابة ومرفقيه: مثاني؛ لأنها تثنى بالفخذ والعضد [[ورد في "تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 507 بنحوه.]]، قال امرؤ القيس: ويَخْدِي على صُمٍّ صِلاَبٍ مَلاَطِسٍ ... شَدِيداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثَانِي [["ديوانه" ص 166، وفيه: (وَيرْدي) بدل (ويَخدي)، (عفر) بدل (عقد)، و (مثان) بدون ياء. وورد في: "تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 507، "اللسان" (ثنى) 1/ 516. (ويخدي) من الوخدان، وهو ضرب من السير، (صم صلاب) حوافر صلبة مصمتة، (ملاطس) معاول، شبههما بها لأنها تكسر ما تقع عليه من حجر وغيره، (شديدات عقد): يريد أن حوافره شديدات عقد الأرساغ، (المثاني) المفاصل.]] ومثاني الوادي مجانبُه ومعاطفُه [[ورد في "تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 507 بنصه.]]، فالفاتحة وآياتها مثاني؛ لأنها تُثَنَّى في كل صلاة بإعادتها في كل ركعة على قول الأكثرين، وعلى ما قال الزجاج: تثنى بغيرها مما يقرأ معها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 185 بنحوه.]]، (وقال بعض أهل المعاني: آيات الفاتحة سميت مثاني؛ لأنها) [[ما بين القوسين من (ش)، (ع) وساقط من (أ)، (د).]] قُسِمَتْ قِسْمَيْن اثنين [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 151 أبنحوه، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 413، والفخر الرازي 19/ 207.]]؛ بيانه ما رُوي أن النبيّ -ﷺ-قال: "يقول الله تعالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بَيْنِي وبينَ عَبْدي نِصْفَيْنِ .. " الحديث مشهور [[أخرجه بنصه: مالك في الموطأ [شرح الزرقاني] كتاب: الصلاة، باب: القراءة خلف الإمام 1/ 175، وأحمد 2/ 285، ومسلم (395): كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة عن أبي هريرة، أبو داود (821) كتاب: الصلاة، باب: من ترك قراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، والترمذي (2953) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومِنْ سورة فاتحة الكتاب، النسائي: كتاب الصلاة، باب: ترك قراءة البسملة في الفاتحة.]]. وقال بعضهم: هي مثاني؛ لأنها قسمان اثنان؛ ثناء ودعاء [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 151ب بنصه، و"تفسير البغوي" 4/ 391، والفخر الرازي 19/ 207، والخازن 3/ 102.]]، وهذا كالقول الأول؛ لأن الذي روي في الخبر أن الله تعالى يقول: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ..) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د) والمثبت من (ش)، (ع).]] معناه هذا، وهو أن المصلي يقرأ الفاتحة ونصفها حق الربوبية من الثناء على الله، ونصفها حظ العبودية من الدعاء والسؤال، وقال الحسين بن الفضل: سميت مثاني؛ لأنها نزلت مرتين اثنتين؛ مرة بمكة في أوائل ما نزل من القرآن، ومرة بالمدينة [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 151ب بنصه، "تفسير البغوي" 4/ 391، وابن الجوزي 4/ 414، والخازن 3/ 102، الفخر الرازي 19/ 207 بلا نسبة. والقول بنزولها مرتين انفرد به الحسين بن الفضل ولم أقف عليه منسوبًا إلى غيره، والذين ذكروه - بلا نسبة -أوردوه بصيغة التمريض- كما في "تفسير البغوي" 1/ 49، وابن كثير == 1/ 10 وغيرهما- وقد نقل عنه ما يخالف ما انفرد به، ففي أسباب النزول للواحدي (ص 22) قال: وعند مجاهد أن الفاتحة مدنية، قال الحسين بن الفضل: لكل عالم هفوة وهذه بادرة من مجاهد لأنه تفرّد بهذا القول والعلماء على خلافه. والصحيح أن مجاهد لم ينفرد بالقول أنها مدنية، بل روي -كذلك- عن أبي هريرة وعطاء بن يسار والزهري. "تفسير ابن الجوزي" 1/ 10، "تفسير القرطبي"10/ 115، وابن كثير 1/ 10 ولعل الحسين رجع عن القول بأنها نزلت مرتين إلى ما ذهب إليه أكثر المفسرين أنها نزلت بمكة. وهذا هو الراجح لأمرين: أن سورة الحجر مكية بالإجماع، وورد فيها هذه الآية، وما كان الله ليمتنّ على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة. أن الصلاة فرضت بمكة، وما حفظ أنه كان في الإسلام قط صلاة بغير الفاتحة - كما قال (: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) ولا يصح القول أنه النبى -ﷺ- أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة، فهذا مما لا تقبله العقول. انظر: "أسباب النزول" للواحدي ص 21.]]. قال أبو إسحاق: ويجوز -والله أعلم- أن يكون من المثاني: أي مما أُثني به على الله؛ لأن فيها حَمْدَ الله وتوحيدَه، وذِكرَ ملائكته يوم الدين [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 185 بنصه.]]، المعنى: ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله [["تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 507 بنصه.]]، وقيل سميت آيات الفاتحة مثاني؛ لأن كلماتها مُثَنَّاة؛ مثل الرحمن الرحيم، إيّاك وإيّاك، الصراط وصراط، عليهم وعليهم [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 151 ب، بنصه، وذكره الطبري 14/ 60 مختصرًا، ونسبه إلى أهل العربية وضعفه، وأورده الماوردي 3/ 170 مختصرًا، و"تفسير ابن الجوزي" 4/ 414، والفخر الرازي 19/ 207، والخازن 3/ 102.]]، وفي قراءة عمر: وغير وغير [[بَيَّنَ ذلك الفخر الرازي 19/ 207 فقال وفي قراءة عمر: (غير المغضوب عليهم وغير الضالين) ولم أقف علي هذه القراءة، ولو ثبتت عنه فهي شاذة، ولعلى من قبيل التفسير.]]، وهذه الآية على هذا القول تدل على فضيلة الفاتحة؛ لأن الله تعالى امتن على رسوله بهذه السورة كما امتن عليه بجميع القرآن، فأما دخول (مِنْ) قال أبو إسحاق: فهي على ضربين تكون للتبعيض من القرآن؛ أي: ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله، وآتيناك القرآن النبي، قال: ويجوز (من) للصفة، والمعنى آتيناك سبعًا، هي المثاني كما قال: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: 30] المعنى: اجتنبوا الأوثان، لا أنَّ بعضها رِجْسٌ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 185 بتصرف يسير.]]. وقال ابن عباس في رواية مجاهد وسعيد بن جبير: المثاني السبع الطوال [[أخرجه أبو داود (786) كتاب: الصلاة، باب من جهر بها، بنحوه من طريق سعيد، والنسائي: الافتتاح، ولقد آتيناك سبعًا من المثاني 2/ 140 بنصه من طريق سعيد، والطبري 14/ 52، 53 بلفظه بعدة روايات من الطريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 38 من طريق مجاهد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11/) بنصه من طريق مجاهد، وورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 224 من طريق مجاهد. وأخرجه الحاكم: كتاب: التفسير، الحجر 2/ 355 بنحوه من طريق سعيد، وقال على شرط الشيخين، والثعلبي 2/ 151 ب، بلفظه من الطريقين، وورد في "تفسير الماوردي" 3/ 170، و"تفسير البغوي" 4/ 391 من طريق سعيد، وابن عطية 8/ 350، وابن الجوزي 4/ 414، و"تفسير القرطبي" 10/ 55 من طريق سعيد، والخازن 3/ 102، وابن كثير 2/ 613، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 196 - 197 وزاد نسبته إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس، وزاد نسبته -كذلك- إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد.]]، وهذا قول ابن عمر وسعيد بن جبير في بعض الروايات ومجاهد في رواية ابن أبي نجيح، وهي سبع سور من أول القرآن؛ البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة معًا [["أخرجه الطبري" 14/ 52 عن سعيد بن جبير، وانظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 151 ب، و"تفسير السمرقندي" 2/ 224، والماوردي 3/ 170، وقد اختلف في السورة السابعة؛ فقيل: إنها التوبة والأنفال معًا، وقيل: إنها سورة يونس، وهذان القولان مشهوران، لكنهما لا يسلمان من الاعتراض؛ أما الأول: فلأن كلًّا من الأنفال والتوبة سورة قائمة بذاتها فعدهما سورة واحدة خلاف المعقول، وعدهما سورتين -كما هما- يجعل الطوال ثمانية لا سبعًا، وأما القول الثاني: فيعارض بأن سورة يونس يشبهها سور كثيرة في الطول، بل منها ما هو أطول منها كالنحل، لذلك فالأرجح أن السورة السابعة هي سورة التوبة منفردة أفادني به الدكتور فضل عباس، وقد أشار قبله السخاوي إلى احتمال أنها التوبة - دون مناقشة. انظر: "جمال القُراء" 1/ 34، "البرهان في علوم القرآن" 1/ 244، "الإتقان في علوم القرآن" 1/ 201، "مناهل العرفان" 1/ 345، "المدخل لدراسة القرآن الكريم" ص 328، "إتقان البرهان" لفضل عباس 1/ 448.]] وهذه السور سميت مثاني لأن الفرائض والحدود والأمثال والعبر والأخبار ثُنِّيت فيها، قاله ابن عباس [[ورد في "تفسير الماوردي" 3/ 171، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 414، الخازن 3/ 102، وورد بلا نسبة في: "تفسير الفخر الرازي" 19/ 208، "تفسير القرطبي" 10/ 55.]]، وأنكر الربيع هذا القول، فقال: لا أدري كيف يكون هذا القول وهذه الآية نزلت بمكة ولم ينزل من الطِّوَل شيء [[أخرجه الطبري 14/ 55 بنحوه، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 19/ 208، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 196 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم والبيهقي في "الشعب" عن الربيع، وورد بلا نسبة في: "تفسير القرطبي" 10/ 55، والخازن 3/ 102.]] وقال من نَصَّ [[هكذا وردت في جيمع النسخ بتشديد الصاد، ولعل مقصوده من نصّ على هذا القول؛ أي نصره.]] هذا القول: إن الله تعالى أنزل القرآن كله إلى السماء الدنيا وحكم بإنزاله عليه، فهو من جملة ما آتاه وإن لم ينزل عليه بعد [["تفسير الفخر الرازى" 19/ 208، "تفسير القرطبي" 10/ 55، والخازن 3/ 102.]]. وروي عن جماعة من الصحابة أنهم قالوا: المثاني السور التي هي دون الطِّوَل والمئين، وفوق المُفَصَّل [[لم أقف عليهم.]]، واختار أبو الهيثم هذا القول، قال: روي ذلك عن رسول الله -ﷺ- ثم عن ابن مسعود وعثمان وابن عباس [[ورد في "تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 507 بنصه.]]، يدل على صحة هذا ما روى ثوبان أن رسول الله -ﷺ- قال: "إن الله أعطاني السبع الطوال مكان التوارة، وأعطاني المئين مكان الإنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني، وفضلني ربي بالمفصل" [[أخرجه أحمد 4/ 107 بنصه، عن واثلة بن الأسقع، وأبو داود الطيالسي ص 136 بنحوه، وأخرجه "الطبري" 1/ 44 بنصه، من طريقين عن أبي قلابة وعن واثلة، وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/ 154 بنحوه عن واثلة، وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ 75 بنصه، من طريقين عن واثلة، وأخرجه الثعلبي 2/ 151ب بنصه، عن ثوبان، وأورده الزركشي في "البرهان" 1/ 244، وقال هو حديث غريب -ولا يقصد الغرابة الاصطلاحية؛ لوروده من عدة طرق- قال: وفيه سعيد بن بشير لين، وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 46 عن واثلة وعزاه إلى أحمد وقال فيه عمران القطان وثقه ابن حبان وغيره وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات، وأورده - كذلك 7/ 158 عن أبي أمامة وعزاه إلى الطبراني، وقال: وفيه ليث بن أبي سليم وقد ضعفه جماعة ويعتبر بحديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقد ذكر أحمد شاكر أن رواية أبي قلابة مرسلة، وتوقف في رواية واثلة، والحديث ضعيف في كل طرقه، لكنه ضعف منجبر كما أشار الهيثمي، وقد حسن الألباني رواية أحمد؛ حيث تابع عمران، سعيد بن بشير، وقال: الحديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1480).]]، والقول في تسمية هذه السورة [[أي سورة الفاتحة.]] مثاني كالقول في تسمية الطول مثاني [[وهو قول ابن عباسٌ، وقد أنكره الربيع.]]. وقال ابن عباس في رواية عطية: القرآن كله مثاني [[أخرجه الطبري 14/ 57 بنحوه من طريق العوفي (غير مرضية)، وورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أبلفظه، و"تفسير الفخر الرازي" 19/ 209 عن ابن عباس وطاوس، و"تفسير القرطبي" 10/ 55.]] وهو قول طاوس [[انظر: المصادر السابقة، و"تفسير البغوي" 4/ 392، وابن الجوزي 4/ 414، والخازن 3/ 102.]] وأبي مالك [[انظر: المصادر السابقة، و"تفسير ابن الجوزي" 4/ 414.]]، ودليل هذا القول قوله تعالى: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر: 23]، فَسمَّى القرآن كله مثاني، قال أبو عبيد [[في جميع النسخ أبو عبيدة، والمثبت هو الصحيح، وهو: أبو عبيد القاسم بن سلاَّم الهروي (ت 224) صاحب الغريب.]]: وسُمِّي القرآن مثاني لأن الأنباء والقصص ثُنِّيت [[في جميع النسخ: بُيِّنَتْ، والمثبت هو الصحيح.]] فيه [[غريب الحديث له 1/ 443 بنصه، وانظر: "تهذيب اللغة" (ثنى) 1/ 506 بنصه، ويبدو أنه اقتبسه من التهذيب للتطابق، وورد بلا نسبة في: "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أ، و"تفسير البغوي" 4/ 392، الخازن 3/ 102.]]، وعلى هذا القول المراد بالسبع، أقسام القرآن، وهي سبعة أسباع، فالقرآن سبعة أقسام [[ورد بنحوه في "تفسير الثعلبي" 2/ 152 أ، والماوردي 3/ 171، انظر: "تفسير البغوي" 4/ 392، وابن الجوزي 4/ 415، والفخر الرازي 19/ 209، و"تفسير القرطبي" 10/ 55. وهذه الأقسام قد أشار إليها العلماء عند حديثهم عن نزول القرآن على سبعة أحرف، يقول أبو شامة: هي سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه، أنزله الله على هذه الأصناف، لم يقتصره على صنف واحد منها كغيره من الكتب. وقد اختلف كثيرًا في ماهية هذه الأقسام، فذكر السيوطي نقلاً عن ابن النقيب عن ابن حبان سبع عشرة قولاً، وأشهر هذه الأقوال أنها تدور حول: الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والحلال والحرام، والمحكم والمتشابه، والأمثال. انظر: "البرهان في علوم القرآن" 1/ 216، "الإتقان في علوم القرآن" 1/ 274 - 277، "الأحرف السبعة" لعتر ص 137.]]، ويجوز أن يكون المراد بالسبع الفاتحة؛ لأنها سبع آيات من القرآن الذي هو مثاني [[وهذا القول اختاره الطبري، وهو قول ابن عباس ومجاهد وطاوس وأبي مالك. "تفسير الطبري" 14/ 57.]]. وقوله تعالى: ﴿وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ على هذا القول هوالسبع المثاني، إلا أنه أدخل الواو فيه لاختلاف اللفظين [[لعل توجيه الزمخشري أحسن؛ إذ قال: فإن قلت كيف صحّ عطف القرآن العظيم على السبع؟ وهل هو إلا عطف الشيء على نفسه؟! قلت: إذا عُني بالسبع الفاتحة أو الطوال فما وراءهن ينطلق عليه اسم القرآن؛ لأنه اسم يقع على البعض كما يقع على الكل، ألا ترى إلى قوله: ﴿بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ﴾ يعني سورة يوسف، وإذا عَنَيْت الأسباع فالمعنى: ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم؛ أي الجامع لهذين النعتين؛ وهو الثناء أو التثنية والعظم. "تفسير الزمخشري" 2/ 319، وهناك توجيهات أخرى، انظرها في "تفسير ابن الجوزي" 4/ 416.]]، كقوله [[سبق عزوه.]]: إلى المَلِكِ القَرْمِ وابنِ الهُمَام ... ولَيْثِ الكَتِيبَةِ في المُزْدَحَمْ وقد ذكرنا نظائر هذا كثيرًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب