الباحث القرآني

فقال الله تعالى: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ يعني: الإخلاص والإيمان طريق عليّ واليّ، أي: أنه يؤدي إلى جزائي وكرامتي فهو طريق عليّ، وهذا معنى قول مجاهد قال: الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه لا يُعَرِّج على شيء [["تفسير مجاهد" ص 341 بنصه، وأخرجه الطبري 14/ 33 بنصه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 26، "تفسير هود الهواري" 2/ 394، والماوردي 3/ 161، وانظر: "تفسير القرطبي" 10/ 28، الخازن 3/ 96، "الدر المنثور" 4/ 184 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، ومعنى (لا يعرِّج على شيء) أي لا يميل، لقولهم: عرَّج النهرَ، أي: أماله، وعرَّج عليه، أي: عَطَفَ انظر: "التاج" (عرج) 6/ 94، وقد ذكر ابن القيم قول مجاهد هذا وقال: وهذا مثل فول الحسن وأبين منه، وهو من أصح ما قيل في الآية. "التفسير القيم" ص 15، وقول الحسن الذي أشار إليه هو التالي لهذا القول.]]، ونحو هذا قال الحسن: يقول هذا صراط إليّ مستقيم [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 148 ب بنصه، وأخرجه الطبري 14/ 34 بنحوه، وورد في "تفسير الماوردي" 3/ 161، و"تفسير الفخر الرازي" 19/ 189، والخازن 3/ 96. ذكر ابن القيم قول الحسن ثم قال: وهذا يحتمل أمرين؛ أن يكون أراد به أنه من باب إقامة الأدوات بعضها مقام بعض؛ فقامت أداة (على) مقام إلى، والثاني: أنه أراد التفسير على المعنى؛ وهو الأشبه بطريق السلف؛ أي صراط موصل إليّ. "التفسير القيم" ص 15.]]، فعلى هذا الإشارة في قوله تعود إلى ذكر الإخلاص، وقال الفراء: يقول مرجعهم إليّ فأجازيهم، لقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر: 14] قال: وهذا كما يقول في الكلام: طريقك، عليّ فأنا على طريقك، لمن أوعدته [["معاني القرآن" للفراء 2/ 89 بتصرف يسير.]]، فهذا معنى قول الكلبي [[لم أقف عليه.]]، والكسائي قال: فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إليّ فأجازي كلًا بأعمالهم [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 148 ب بنصه، وانظر: "تفسير الشوكاني" 3/ 188، صديق خان 7/ 170، وأورد ابن القيم قول الفراء السابق ونسبه للكسائي، وقال إنه على التهديد والوعيد؛ تريد إعلامه أنه غير فائت لك ولا معجز، ثم ردَّه قائلًا: والسياق يأبى هذا، ولا يناسبه لمن تأمله. انظر: "التفسير القيم" ص 16.]]، وعلى هذا الإشارة في قوله: ﴿هَذَا﴾ يعود إلى طريق العبودية. وقال بعض أهل المعاني: لمَّا ذَكر إبليسُ أنه يغوي بني آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه، تضمن هذا الكلام تفويض الأمر إلى الله تعالى وإلى إرادته [[ذكر الفخر الرازي هذا الكلام بنصه قائلاً: قال بعضهم، "تفسير الفخر الرازي" 19/ 189.]]، فقال الله تعالى: ﴿هَذَا﴾ أي تفويض الأمر إلى إرادتي ومشيئتي طريق عَليَّ مستقيم، ويؤكد هذا التأويل قراءة مَنْ قرأ: ﴿عُليَّ﴾ بضم الياء [[هم: قيس بن عباد، وابن سيرين، وقتادة، ويعقوب وغيرهم، والقراءة من العشر، وفي إيراد ابن جني لها في المحتسب ما قد يوهم أنها شاذة وليس كذلك. انظر: "تفسير الطبري" 14/ 33، "المحتَسَب" 3/ 2، "المُوضَح في وجوه القراءات" 2/ 720، "النشر" 2/ 301.]]، وهو مدح لذلك الطريق؛ أي: أن طريق التفويض والإيمان بالقَدَر طريق رفيع مستقيم [[انظر: "تفسير الطبري" 14/ 33 مختصراً عن ابن سيرين، "علل القراءات" 1/ 296، "المُوضَح في وجوه القراءات" 2/ 720، "تفسير الفخر الرازي" 19/ 189 وقد نقل هذا القول بنصه ونسبه للواحدي.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب