الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾، قال ابن عباس: يريد للشجر وللسحاب [["أخرجه الطبري" 14/ 22 بنصه عن ابن عباس والحسن، وعن الباقين قال: للسحاب، ورواية ابن عباس من طريق الحجاج عن ابن جريج، صحيحة.
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" ص 351 - 352 عن الحسن بنصه، وعن إبراهيم بنحوه.
وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 19 بنصه عن ابن عباس والحسن، "تفسير السمرقندي" 2/ 217 عن ابن عباس قال: للأشجار، وعن قتادة قال: للسحاب، والماوردي 3/ 155 عن ابن عباس: للشجر، وعن الحسن وقتادة: للسحاب، والطوسي 6/ 329 عن قتادة وإبراهيم والضحاك قالوا: للسحاب، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 394، عن الحسن وإبراهيم، الفخر الرازي 19/ 175 عنهم ما عدا إبراهيم، الخازن 3/ 93 عن ابن عباس والحسن وقتادة، وابن كثير 2/ 604 عنهم ما عدا الحسن.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 179 وزاد نسبته إلى أبي عبيد وابن المنذر عن ابن عباس، وزاد نسبته إلى أبي عيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن الضحاك، وعن قتادة، وعن إبراهيم.]]، وهو قول الحسن وإبراهيم وقتادة والضحاك، وأصل هذا من قولهم: لَقِحَتْ الناقةُ، وأَلْقَحَها الفحلُ إذا ألقى إليها الماءَ فحملته [[انظر: (لقح) في: "جمهرة اللغة" 1/ 559، "تهذيب اللغة" 4/ 3283، "المحيط في اللغة" 2/ 352. وورد في الطوسي 6/ 328 بنصه.]]، فكذلك الرياح هي كالفحل للسحاب، ألا ترى إلى ما قال ابن مسعود في هذه الآية؛ قال: يبعث الله الرياح لتُلقحَ السحابَ فتحمل الماءَ وتَمُجُّه في السحاب ثم تَمْريه [[(تَمْريه)؛ المَرْيُ: مَسْح ضَرْع الناقة لتَدرّ، والريح تَمْرِي السحابَ مَرْياً؛ أي تجعل المطر يدرُّ منه. (اللَّقْحَةُ واللِّقْحَةُ): هي الناقة القريبة العهد بالنتاج: الحَلُوب الغزيرة اللبن، تقول: لِقحةُ فلان، ولا تقول: ناقة لَقْحة ولِقْحة، وإذا جعلتها نَعْتًا قُلت: ناقةٌ لَقُوْحٌ، والجمع لِقَحٌ ولِقاح. انظر: "تهذيب اللغة" (لقح) 4/ 3283، (مرى) 4/ 3383، "المحيط في اللغة" (لقح) 2/ 352، (مرى) 10/ 281، "متن اللغة" 5/ 197.]] فيدُرُّ كما تَدُرُّ اللِّقحةُ [["أخرجه الطبري" 14/ 20، بنحوه، والطبراني في "الكبير" 9/ 353، بنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 19 بنحوه، و"تفسير السمرقندي" 2/ 217 بنحوه، والثعلبي 2/ 147 أ، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 375، وابن الجوزي 4/ 394، الفخر الرازي 19/ 175، الخازن 3/ 93، وابن كثير 2/ 604، وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 45 وقال: وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 179 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والخرائطي لم أقف عليه.]].
وقال عبيد بن عمير: يرسل الله المبُشَّرة فَتَقُمّ الأرضَ قَمُّا، ثم يرسل المُثيرة فتثير السحاب، ثم يرسل المؤلِّفة فتؤلفه، ثم يرسل اللواقح فَتُلقِح الشجر [[أخرجه الطبري 14/ 21 بنصه، وأبي الشيخ في "العظمة" ص 344 بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 147 أبنصه، والماوردي 3/ 155، انظر: "تفسير البغوي" 4/ 375، "تفسير القرطبي" 10/ 16، الخازن 3/ 93، "الدر المنثور" 4/ 179 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، والأظهر في هذه الآية إلقاحها السحاب لقوله بعده: ﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾، ولأن إلقاحها للسحاب ظاهر كما ذكرنا، وإلقاحها للشجر لم يذكر كيف هو [[ذكر الطبري أن إلقاحها السحاب والشجر: عملها فيه. "تفسير الطبري" 14/ 20.]]، فإن قيل كيف قال (لواقح) وهي مُلْقِحة؟ والجواب ما ذهب إليه أبو عبيدة: أن لواقح هاهنا بمعنى مَلاقِح جمع مُلْقِحَة، فحذفت الميم منه وردت إلى الأصل، وأنشد لنهشل بن حَرِّيّ [[نهشل بن حري بن ضَمرة بن جابر النَّهشلي، شاعر شريف مشهور، هو وأبوه وجدّه شعراء، كان حسن الشعر، عدّه الجمحي في الطبقة الرابعة من فحول شعراء الإسلام. انظر: "طبقات فحول الشعراء" 2/ 583، "الشعر والشعراء" ص 424، "الخزانة" 1/ 312.]] يرثي أخاه:
لِيُبْك يزيدُ بائسٌ ذو ضَرَاعةٍ ... وأشْعَثُ ممن طَوَّحتْه الطَّوائحُ [[اختلف في نسبة البيت لهشل، فنُسب إلى أكثر من واحد، وقد صوّب البغدادي نسبته إلى نهشل. انظر: "الخزانة"1/ 313، وقد ورد البيت في. "تفسير الطبري" 14/ 21، وابن عطية 8/ 298، وابن الجوزي 4/ 393، والفخر الرازي 19/ 175 وورد برواية:
لِيُبْكَ يزيدُ ضارعٌ لخصومةٍ ... ومُخْتَبِطٌ مما تُطيح الطَّوائِحُ
في: "الكتاب" 1/ 288، 366، "الإيضاح" ص 115، "الخصائص" 2/ 353، "المحتسَب" 1/ 230، "تفسير الطوسي" 6/ 329 "الأساس" 2/ 83، "أمالي ابن الحاجب" 2/ 149، "شرح شواهد الإيضاح" ص 94، "شرح المفصل" 1/ 80، "اللسان" (طيح) 5/ 2734، "الدر المصون" 7/ 153، "معاهد التنصيص" 1/ 203، "الخزانة" 1/ 303، معناه: هذا الممدوح الذي هو (يزيد) كان رجلاً عظيماً يُقْصد في النَّصر وفي العطاء، فيقصده الضارع للخصومة لينصره وهو المائل إليها، ويقصده (المختبطُ): الاختباط: طلب المعروف والكسب، خبطه واختبطه، والمختبط: الذي يسألك بلا وسيلة ولا معرفة، (مما تطيح الطوائح): وهو الذي أصابته شِدَّة السنين، والطوائح: الشدائد؛ فيقصدُه هذا ليدفع عنه بالعطاء شدة ما أصابه من ذلك، فلذلك وصفه بالنَّصر والكَرم. وانظر: "المحيط في اللغة" (خبط) 4/ 294.]]
أراد: المطوحات، فرد الحرف إلى أجل الثلاثي، واحتج أيضًا بقول رؤبة:
يَخْرُجْنَ من أَجْوَازِ [[في جميع النسخ: (أزواج)، والمثبت موافق للديوان وجميع المصادر.]] لَيْلٍ غاضِ [["ديوان رؤبة" ص 82 وروايته: بالِعيسِ فوق الشَرَكِ الرِفاض ... كأنَّما ينْضَحْنَ بالخَضْخاضِ
يخرجنَ من أجواز ليلٍ غاضِ ... نَضْوَ قِداحِ النابلِ النواضي
وورد في: "أدب الكاتب" ص 612، "شرح الجواليقي" ص 300، "اللسان" (دلا) 3/ 1417، (غضا) 6/ 3269، وورد غير منسوب في: "المقتضب" 4/ 179، "المخصص" 9/ 167، (العيس) الإبل البيض، (الشَرَك) أخاديد الطريق، الواحدة: شركة، (الرفاض) المتفرقة يميناً وشمالاً، (ينضحن) يعرقن، (بالخضخاض) القطران الرقيق، شبَّه عرق الإبل به وعرقها أسود، (يخرجن) أي الإبل، (الأجْوَاز) جمع جَوْز، وهو الوسط، (غاض) مظلم، (النضْو) الخروج، شبه خروجها من الليل بخروج القداح من الرمية.]] يريد: مُغضٍ، وبقوله:
تَكْشِفُ عن جَمَّاتِهِ دَلْوُ الدَّالي [[وعجزه:
عَبايةً غَثْراءَ من أَجْنٍ طالْ
ورد في ملحقات "ديوان العجّاج" 2/ 321، وورد في: "أدب الكاتب" ص 612، "شرح الجواليق" ص301، "اللسان" (دلا) 3/ 1417، وورد غير منسوب في: "المقتضب" 4/ 179، "المخصص" 9/ 167. (الجمات): جمع جمّة، وجمّة البئر اجتماع مائها، (الدَّالي أو الدال) هو الجاذب للدَّلْو من البئر ليخرجها، ويقال (الدالي) صاحب الدلو، (عباءة) كساء، (غثراء) مثل غبراء؛ الكدر اللون، (أَجْن) يقال ماءٌ أَجِنٌ، وماءٌ آجِنٌ؛ هو الماء المتغير بطول المَكْث، وهو الذي غشيه العَرْمَضُ -الطُّحْلُبُ- والورق، شبه ما على الماء من الطحالب والورق بسبب طول المكث بالعباءة؛ لأنه لا يورد. انظر: "المحيط في اللغة" (أجن) 7/ 191، "شرح الجواليقي" ص 301، "اللسان" (غثر) 6/ 3214.]] [["مجاز القرآن" 1/ 348 بنحوه.]]
يريد: المُدْلِي، قال أبو بكر وقد قال العرب: أَبْقَلَ النبت فهو بَاقْلٌ، يجعلون باقلًا بدلاً من مُبْقِل، ففي هذا دليل على تعيين لاقح عن مُلْقِح، وإلى قريب من هذا ذهب الفراء؛ فقال: يجوز فاعل لِمَفْعَل، كما جاء لمفعول؛ نحو: ماءٍ دافقٍ، وسرًّ كاتمٍ، وليلٍ نائمٍ، وكما قيل: المَبْرُوز في معنى المُبْرَز في قوله [[البيت للبيد وقد سبق عزوه قريبًا في ص 459.]]:
النَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
وذلك أن هذه الأشياء لم يُرَدَّ البناءُ فيها إلى الفعل [["معاني القرآن" للفراء 2/ 87 بتصرف.]]، واختار أبو علي أيضًا قول أبي عبيدة فقال: لواقح بمعنى مَلاقِح، على حذف الزيادة، قال: وكما حذفت الزيادة من الجمع هاهنا حذفت من المصدر في شعر أبي دُؤَاد يذكر سحابًا:
لَقِحْنَ ضُحَيُّا لِلَقْحِ الجَنُوبِ ... وأصبَحْنَ يُنْتَجْنَ ماءَ الحَيَاءِ [[ورد في "الحجة للقراء" 2/ 253.]]
فقوله: (لِلَقْحِ الجنوب)، تقديره: لإلقاحِ الجنوب، فحذف الزيادة من المصدر [[ورد في "الحجة للقراء" 2/ 253 بتصرف يسير.]].
وقال الزجاج: يجوز أن يقال لها لواقح، وإن ألقحت غيرها؛ لأن معناها النسب [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 177 بنصه.]]، وشرح أبو بكر هذا القول فقال: واحد اللواقح لاقح، ومعنى لاقح ذاتُ لَقْح، كما قالوا: تأمر ولابن ونابل، وأبو الهيثم اختار أيضًا هذا، وقال هذا كما يقال: دِرْهَم وازِنٌ، أي ذو وزن، ورامحٌ وسائفٌ، ولا يقال رَمحَ ولا سافَ [[ورد قوله في "تهذيب اللغة" (لقح) 4/ 3285 بتصرف يسير.]]، وهذا الذي ذكرنا قول هؤلاء وليس هذا بمعنى؛ لأنه كان يجب أن يصح اللاقح بمعنى ذات اللقاح حتى يوافق قول المفسرين، فإن أرادوا بقولهم (ذات لقح) أن الريح في الحامل نفسها لم يحتج فيها إلى القول بالنسب، ويكون معناه ما ذكره الفراء فقال: جعل الريح هي التي تَلْقَح بمرورها على السحاب [و] [[زيادة يقتضيها السياق.]] التراب والماء، فيكون هذا اللَّقَاح، فيقال: ريح لاقح، كما يقال: ناقة لاقح [["معاني القرآن" للفراء 2/ 87 بنصه.]]، واختار ابن قتيبة هذا القول، وكَرِه قولَ أبي عبيدة وقال: العرب تسمى الرياح لواقح، والريح لاقحًا، قال الطَّرِمَّاح:
قَلِقٌ لأَفْنَانِ الرِّيَاحِ ... لِلاَقِحٍ مِنْها وحَائِلْ [[ورد البيت في:"الحجة للقراء" 2/ 252، "الأزمنة والأمكنة" للمرزوقي ص 524، " تفسير ابن عطية" 8/ 297، ابن الجوزي 4/ 392.]]
فاللاقحُ: الجنوب، والحائلُ: الشمال، يذكر بُرْدًا مَدَّه [[في (د): (يريد أمده).]] على أصحابه في الشمس يستظلون به، وُيسمّون الشمال أيضًا عقيمًا؛ لأنها لا تحمل، وإنما جعلوا الريح لاقحًا، أي حاملًا؛ لأنها تحمل السحاب وتقلبه وتُصَرِّفه، وهذا في قول أبي وَجْزَةَ [[أبو وجزة هو يزيد بن عبيد السعدي المدني، من بني سُلَيم، نشأ في بني سعد بن بكر فغلب عليه نسبهم، كان شاعراً مجيداً، ومحدّثًا ثقة، مات سنة (130 هـ). انظر: "الشعر والشعراء" ص 469، "الأغاني" 12/ 279، "تقريب التهذيب" ص 603 رقم (7753)، "الخزانة" 4/ 182.]]:
حتى سَلَكْنَ الشَّوَى مِنْهُنّ في مَسَكٍ ... مِنْ نَسْلِ جَوَّابَةِ الآفَاقِ مِهْدَاجِ [[ورد في: "تهذيب اللغة" (لقح) 4/ 3285، (هدج) 4/ 3725 "الأزمنة والأمكنة" ص 524 وفيه: (مَسَد) بدل من (مسم)، "اللسان" (هدج) 8/ 4630، (لقح) == 7/ 4059، (مسك) 7/ 4203، (سلكن الشوى): الأُتُنُ الحمير أدخلن شواهُنَّ، أي قوائمهن، (مَسَك): بالتحريك؛ الأسورة والخلاخيل من الذَّبْلِ -وهي قرون الأوْعَال- والعاج، واحدته مَسْكة، (مهداج): الهَدْجةُ: رَزْمة صوت الناقة وحنينُها على ولدها، ويقال للريح الحنون: لها هَدْجة ومِهدْج، فهو يذكر حميرًا وردت ماءً فأدخلت قوائمها في الماء، وهذا الماء من نسل جوابة الآفاق؛ أي ريح تجوب البلاد، أي هي أخرجته من الغيم واستدرَّته، فجعل الماء لها نتاجاً ولداً، فالرياح على هذا هنَّ اللواقح.]] يعني الماء من نسل ريح جوابة للبلاد، فجعل الماء للريح كالولد؛ لأنها حملته في السحاب ثم مَرَت [[أي استدرته، وجعلت المطر يدر.]] السحاب حتى ألقته، قال: ومما يوضح هذا قوله جل ذكره: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا﴾ [الأعراف: 57] أي حملت [["الغريب" لابن قتيبة 1/ 178 بتصرف.]]. وهذا القول اختيار الأزهري، وقال بعد ما حكى قول ابن قتيبة: فهذا على هذا المعنى لا يحتاج أن يكون لاقِحٌ بمعنى ذات لَقْح، ولكنها حامل تحمِلُ السحاب والماء [["تهذيب اللغة" (لقح) 4/ 3285 بنصه.]]، والله أعلم.
ويؤكد هذا الوجه أن المفسرين ذكروا في إلقاحها السحاب أنها تحمل الماء، قال أبو إسحاق: وجائز أن يقال للريح لقحت إذا أتت بالخير؛ كما قيل لها عقيم إذا لم تأت بخير [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 177 بنصه.]]، قال ابن الأنباري: الريح اللاقح؛ الذي يحمل الماء والسحاب على جهة التشبيه والتمثيل بالناقة التي تشتمل على ماء الفحل، والذي يتولد عن الريح من السحاب، والمطر بمنزلة الولد الذي تنتجه الناقة، وهذا كما تقول العرب: قد لقحت الحرب وقد نتجت ولدًا أنكدًا [[الكلمة غير واضحة في جميع النسخ كأنها: أيلد، والتصويب من "تفسير الفخر الرازي" 19/ 176 والنّكدُ: الشؤم واللؤم، وكل شيٍ جر على صاحبه شرًّا فهو نَكَدٌ ونَكِدٌ، وصاحبه أنْكَدُ ونَكِدٌ. "المحيط في اللغة" (نكد) 6/ 214.]]، يُشبِّهون ما تشتمك عليه من [[ساقطة من (أ)، (د).]] ضروب الشر بما تحمله الناقة، ويُشبِّهون بما يتولد منها من القتل والنهب بما تضعه الناقة [["تفسير ابن الجوزي" 4/ 394 ورد مختصرًا، الفخر الرازي 19/ 176 ورد مختصرًا غير منسوب.]]، يشهد لصحة هذا قول الشاعر [[هو الحارث بن عباد (جاهلي).]]:
لَقَحَتْ حُرْبُ وائلٍ عن حِيالِ [[وقدره:
قَرّبا مَرْبِطَ النعامةِ منِّي
ورد في "الأصمعيات" ص 71، "الحيوان" 4/ 361، "أمالي القالي" 2/ 131، "الأزهية" ص 280، " الاقتضاب" ص 443، "شرح الجواليقي" ص 266، "أمالي ابن الشجري" 2/ 612، "الحماسة البصرية" 1/ 16، وورد بلا نسبة في: "معاني الحروف" للرماني ص 95، "المنصف" 3/ 59 (النعامة) اسم فرسه، (المربط) الموضع الذي تربط فيه، (لقحت) حملت، (عن حيال) بعد حيال؛ أراد أنها هاجت بعد سكونها، يقول ابن السيد: والحيال: أن تضرب الناقة فلا تحمل، وإنما ضرب ذلك مثلاً لِمَا تولد عن العرب وأنتج منها من الأمور التي لم تكن تحتسب بعد ذلك.]]
والرياحُ العقيمُ غيرُ لاقح، إذا لم تحمل ما يتولد منه مطر ويصدر عنه روح وفرح [[خلاصة القول في (لواقح) أن فيها ثلاثة أقوال: أن الرياح ملقحة، أو لاقحة، أو == ذات لقحٍ، وهذا الأخير محتمل لأحد القولين، فتؤول المسألة إلى قولين؛ إما ملقحة أو لاقحة، وهو ما رجحه الطبري 13/ 20 وهذا القول موافق للواقع المشاهد؛ فالريح لاقح لأنها تحمل السحاب وما فيه من الماء، وتحمل اللَّقاح من الشجر الذكور إلى الإناث، وهي ملقحة لأنها تلقح السحاب بعضه ببعض؛ فيدرُّ المطر وكذا فعلها في الأشجار، ولا تعارض بين القولين، لكن السياق هنا يرجح القول بأنها ملقحة للسحاب؛ أي تلقح بعضه ببعض فيدرّ المطر، فالآية تشير إلى أثر الرياح في الجمع بين الشحنات الكهربائية الموجبة والسالبة في السحاب، وهو ما أثبته العلم الحديث؛ حيث تقوم الرياح بتلقيح السحاب، وذلك في عملية تتضمن إمداده بأكداس من جسيمات مجهرية صغيرة، تسمى: نوى التكاثف، ومن أهم خواص هذه النويات أنها تمتص الماء أو تذوب فيه، وتحمل الرياح كذلك بخار الماء وتلقح به السحاب لكي يمطر.
انظر: "الإسلام في عصر العلم" ص 406، "المعجزة الخالدة" ص 336، "مباحث في إعجاز القرآن" ص 188.]].
وقوله تعالى: ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾، قال الأزهري: العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام ومن السماء أو نهر يجري: أسْقيْتُ، أي جعلته شُرْبًا له، وجعلت له منها مسقى، فإذا كانت السقيا لشفته قالوا: (سقاه، ولم يقولوا: أسقاه) [["تهذيب اللغة" (سقى) 2/ 1715، وما بين القوسين ساقط من (ش)، (ع).]]، الذي يؤكد ويبين هذا اختلاف القُراء في قوله: ﴿نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ [النحل: 66] فقرأوا باللغتين، ولم يختلفوا في قوله: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: 21] وفي قوله: ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾ [الشعراء: 79].
وقال أبو زيد: اللهم اسقنا إسقاءً رِوَاءً، وأسقيت فلانًا رَكِيَّتي [[الرَّكْوَةُ: شِبْهُ تَوْر من أدم، والجمع الرِّكَاءُ، والرَّكْوُ: أن تحفر حوضاً مستطيلاً، والرَّكيَّة: بئر تُحفر، وجمعها رَكِيُّ ورَكَايا انظر: (ركو) في: "تهذيب اللغة" 2/ 1456، "المحيط في اللغة" 6/ 317.]]، إذا جعلت له منها مَسْقًى [["النوادر في اللغة" ص 554 بمعناه، وورد في "تهذيب اللغة" (سقى) 2/ 177 بنحوه، وأغلب الظن أنه نقل القول منه.]].
وقال أبو علي: تقول: سقيته حتى روى، وأسقيته: نهرًا، جعلته شِرْبًا له، وقوله: ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾: جعلناه سُقيا لكم، وربما قالوا في: أسقى سقى؛ كقول لبيد يصف سحابًا:
أَقُولُ وصَوْبُهُ مِنِّي بَعِيدٌ ... يَحُطُّ الشَثَّ من قُلَلِ الجِبَالِ
سَقَى قَومِي بَني مَجْدِ وأَسْقَى ... نُمَيْرًا والقبائلَ مِن هِلالِ [["شرح ديوانه" ص 93، وورد البيت الثاني في "مجاز القرآن" 1/ 355، "النوادر في اللغة" ص540، "تفسير الطبري" 14/ 131 "الحجة للقراء" 75/ 5، "إعراب القراءات السبع" وعللها 1/ 357، "تفسير الطوسي" 6/ 399، ابن عطية 8/ 300، ابن الجوزي 4/ 395، الفخر الرازي 19/ 177، "اللسان" (سقي) 4/ 2043، والألوسي 14/ 31، (صوبه) مصاب مطره، (الشَثَّ) شجر من شجر السراة، (قلل) أعالي، (مجد) ابنة تيم بن غالب بن فهر، وهي أم كلاب وكعب وعامر بني ربيعة بن عامر بن صعصعة.]]
فـ (سقى قومي) ليس يريد به ما يُروي عِطَاشهم، ولكن يريد رزقَهم سَقْيًا لبلادهم يُخْصِبُون بها، وبعيدٌ أن يسألَ لقومه ما يُروي العطاش، ولغيرهم ما يُخْصِبون منه [["الحجة للقراء" 5/ 75 بتصرف.]]، فأما سَقْيَا السَقِيَّة، فلا يقال فيها أسقَاهُ، وأما قول ذي الرُّمَّة:
وأُسْقِيهِ حتى كادَ بما أَبُثُّهُ ... تُكَلِّمُني أَحْجَارُهُ ومَلاعِبُه [["ديوانه" 2/ 821، وورد في "مجاز القرآن" 1/ 350، "النوادر في اللغة" ص 540، "تفسير الطبري" 14/ 22، والطوسي 6/ 329، وابن عطية 8/ 301، وابن == الجوزي 4/ 395، الفخر الرازي 19/ 177، "اللسان" (سقي) 4/ 2042. (أبثه) أي أخبره بكل ما في نفسي، (ملاعبه) مواضع يُلعَبُ فيها.]] فمعنى (أسقيه) أدعو له بالسُقيا، وأقول: سَقاه الله.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ﴾ يعني لذلك الماء المنزل من السماء، ﴿بِخَازِنِينَ﴾ أي بحافظين، يقول ليست خزائنه بيدكم.
{"ayah":"وَأَرۡسَلۡنَا ٱلرِّیَـٰحَ لَوَ ٰقِحَ فَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَسۡقَیۡنَـٰكُمُوهُ وَمَاۤ أَنتُمۡ لَهُۥ بِخَـٰزِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق