الباحث القرآني

﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾، (بيان هذا قوله: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ الآية [الجن: 8]. قال أبو إسحاق: موضع (من) نصب، المعنى: لكن من استرق السمع) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]]، قال: وجائز أن يكون في موضع خفض على معني إلا ممن [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 176 بنصه.]]، قال ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ يريد الخطفة [[في (أ)، (د): (الحفظة)، والمثبت من (ش)، (ع) وهو الصحيح.]] اليسيرة، وذلك أن المارد من الشيطان يعلو فيُرمَى بالشهاب؛ فتُصيب جبهته أو جبينه أو حيث شاء الله منه فيحرقه ولا يقتله، ومنهم من يُخَبِّله فيصير غُولًا يُضل الناسَ في البراري [[أخرجه الطبري 15/ 14 مختصراً، من طريق الضحاك عن ابن عباس منقطعة، وورد في تفسير الماوردي 3/ 153 مختصراً، و"تفسير ابن عطية" 8/ 292، و"تفسير القرطبي" 10/ 11، والخازن 3/ 91.]]. وقوله تعالى: ﴿فَأَتْبَعَهُ﴾ ذكرنا معناه عند قوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: 175] ومعناه لحقه، والشهاب شعلة نار ساطع، ثم يُسمى الكوكبُ شهابًا والسنانُ شهابا؛ لبريقهما يُشبّهان بالنار، قال ابن عباس في قوله: ﴿شِهَابٌ مُبِينٌ﴾ يريد نارًا تَبِيْن لأهل الأرض، قال المفسرون: إن الشهاب لا يخطئه أبدًا وأنهم ليُرْمَون، فإذا توارى عنكم فقد أدركه [[ورد في تفسير الثعلبي 2/ 146 أبنحوه.]]. وقال أبو إسحاق: هذا من آيات النبيّ -ﷺ- ومما حدث بعد مولده؛ لأن الشعراء قبله لم يذكروا هذا في أشعارهم، ولم يشبهوا الشيء السريع به [[(به) ساقط من (أ)، (د) ويقتضيها السياق.]] كما شبهوا بالبرق وبالسيل، ولم يوجد في أشعارهم بيت واحد فيه [[في جميع النسخ: (فيها) والصواب ما أثبته؛ لأن الضمير يعود إلى البيت وهو مذكر.]] ذكر الكواكب المُنْقضَّة [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 176 بنحوه.]]، وقال أصحاب المعاني: إن الله تعالى سمَّى ما تُرجم به الشياطين شهابًا، وهو في اللغة النار الساطعة [[انظر: (شهب) في: "تهذيب اللغة" 2/ 1942، "المحيط في اللغة" 3/ 395، "الصحاح" 1/ 159.]] ونحن في رأي العين نرى كأنهم يرمون بالنجوم، فيجوز أن ذلك كما نرى ثم يصير نارًا إذا أدرك الشيطان، ويجوز أنهم يُرمَون بشعلة نار من الهواء، ولكن لبعده عنا يخيل إلينا أنه نجم، والله أعلم بحقيقة ذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب