الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا﴾ يقال: ظل فلان نهاره يفعل كذا، إذا فعله بالنهار، ولا تقول العرب: ظل يظل، إلا لكل عمل بالنهار، كما لا يقولون: بات [يبيت، إلا بالليل، والمصدر] [[ما بين المعقوفين بياض في (أ)، (د)، وفي هامش نسخة (د) كتب [سقطت من النسخة القديمة]، والمثبت من (ش)، (ع).]] الظلول، فأما حذف إحدى اللامين فإنه جائز، وسنذكر اللغة فيه عند قوله: ﴿ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ [طه: 97] إن شاء الله. وقوله تعالى: ﴿فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ يقال: عَرج يَعْرُج عُرُوجًا، ومنه المعارج وهي المصاعد التي يصعد فيها، وفي هذه الآية قولان للمفسرين؛ أحدهما: أن قوله: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ من صفة المشركين. قال ابن عباس في رواية عطاء: فطفقوا فيه يصعدون، يريد ينظرون فيه إلى ملكوت الله وقدرته وسلطانه، وإلى عبادة الملائكة الذين هم من خشيته مشفقون [["تفسير الفخر الرازي" 19/ 167.]]، وهذا أيضًا قول الحسن؛ قال: هذا العروج راجع إلى بني آدم، يعني فظل هؤلاء الكافرون فيه يعرجون [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 146 أبنحوه، وورد في "تفسير الطوسي" 6/ 323 بنحوه، "تفسير البغوي" 4/ 370، 371، "تفسير القرطبي" 10/ 8، والخازن 3/ 90.]]. وشرح أبو بكر هذا القول فقال: معناه لو وَصَّلنا هؤلاء المعاندين للحق إلى صعود السماء الذي يزول معه كل شبهة لم يستشعروا إلا الكفر، وجحدوا البراهين كما سائر المعجزات؛ من انشقاق القمرِ وما خُص به النبيّ -ﷺ- من القرآن المعجز الذي لا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثله. القول الثاني: أن هذا العروج للملائكة؛ لأنه هو المعروف المشهور، يقول: لو كُشف لهؤلاء عن أبصارهم حتى يعاينوا أبوابًا في السماء مفتحة تصعد منها الملائكة وتنزل، لصَرَفوا ذلك عن وجهه إلى أنهم سُحروا ورأوا بأبصارهم ما لا يتحقق عندهم، وهذا قول ابن عباس [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 346 مختصراً عن ابن عباس من طريق قتادة، والطبري 14/ 10 بنحوه، عن ابن عباس من طريق العوفي (ضعيفة)، وعن الضحاك، وأخرجه مختصراً عن ابن عباس من طريق قتادة. وورد مختصرًا في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 13 عن ابن عباس، "تفسير الطوسي" 6/ 323 عن ابن عباس وقتادة والضحاك، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 386 عن ابن عباس والضحاك، "تفسير القرطبي" 10/ 8 عن ابن عباس وقتادة، الخازن 3/ 90 عن ابن عباس والضحاك. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 176 وزاد نسته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.]] وابن جريج وجماعة. قال ابن جريج: فظلت الملائكة تعرج فيه وهم ينظرون إليهم [["أخرجه الطبري" 14/ 10 بنحوه عن ابن جريج عن ابن عباس، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 5/ 68 وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن جريج عن ابن عباس، وورد غير منسوب في "تفسير البغوي" 4/ 370.]]. قال: وهذا راجع إلى قوله: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ واختار الفراء هذا القول [["معاني القرآن" للفراء 2/ 86.]]، وأبو إسحاق ذكر القولين جميعًا، فقال: اعلم أنهم إذا وردت عليهم الآية المعجزة قالوا: سِحْر، وقالوا: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ كما قالوا حين انشق القمر: هذا سِحْرٌ مُستمر، قال: ويصلح أن يكون ﴿يَعْرُجُونَ﴾ للملائكة والناس، وقد جاء بهما التفسير، وقال في قوله: ﴿يَعْرُجُونَ﴾ أي يصعدون فيذهبون ويجيئون [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 174 مع تقديم وتأخير.]]، وقال الفراء: فظلت الملائكة تصعد من ذلك الباب وتنزل [["معاني القرآن" للفراء 2/ 86 بنصه.]]، فقد زاد المجيء والنزول في تفسير العروج.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب