الباحث القرآني
﴿تُؤْتِي﴾ أي هذه الشجرة، ﴿أُكُلَهَا﴾: ثمرها وما يؤكل منها، ﴿كُلَّ حِينٍ﴾ الحين: وقت من الزمان قلَّ أو كثُر، طال أو قَصُر [[انظر: "مقاييس اللغة" 2/ 125، و"اللسان" (حين) 2/ 1073، و"عمدة الحفاظ"1/ 549.]]، واختلفوا في المراد بالحين هاهنا؛ فقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد ستة أشهر [[أخرجه الطبري 13/ 208 بنصه من طريق سعيد بن جبير صحيحة، وورد بنصه في: "معاني القرآن" للنحاس 3/ 527، والسمرقندي 2/ 206، و"الثعلبي" 7/ 151 ب، انظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 236، وابن الجوزي 4/ 359، و"الفخر الرازي" 19/ 120.]]، وهو قول سعيد بن جبير وقتادة والحسن قالوا: ما بين صرامها [[الصِّرام بكسر الصاد وفتحها: أوان نُضج الثمرة وجَنْيها. انظر: "اللسان" (صرم) 4/ 2438، و"متن اللغة" 3/ 449.]] إلى حملها ستة أشهر [[أخرجه الطبري 13/ 208 بنصه عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير، وأخرج 13/ 209، عن قتادة والحسن قالا: ما بين الستة الأشهر والسبعة.
وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 151 ب بنصه عنهم، و"الماوردي" 3/ 132 بمعناه عن الحسن، و"الطوسي" 6/ 291 بنحوه عن سعيد والحسن.
وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 347 بنحوه عنهم.]].
وقال مجاهد وابن زيد: كل سنة [["تفسير مجاهد" 1/ 334، بلفظه، أخرجه الطبري 13/ 209 بنصه عنهما، وورد بنصه في: "تفسير الثعلبي" 7/ 151 أ، عنهما، و"الماوردي" 3/ 132 عن مجاهد، و"الطوسي" 6/ 291 عنهما.]]، وهو قول ابن عباس في رواية عكرمة؛ قال: هو ما (بين العام إلى العام) [[ما بين القوسين ساقط من: (ش)، (ع).]] المقبل [[أخرجه الطبري 13/ 209 - 210 بنصه عن عكرمة صحيحة، وأورده في "الدر المنثور" 4/ 144 عن عكرمة، والظاهر تلقَّاه عه. وورد لهذا الطريق في "تفسير السمرقندي" 2/ 106، لكنه قال: الحين: ما بين الثمرتين؛ يعني سنة. وورد تفسير الحين بـ (سنة) عن ابن عباس من طريق عطاء بن السائب صحيحة في "تفسير الطبري" 13/ 210.]]، وقال في رواية أبي ظَبيان [[في جميع النسخ: (ابن) والصحيح أبي ظبيان كما في تفسيرالطبري وكتب التراجم.]]: كل حين: كل غدوة وعشية [[أخرجه الطبري 13/ 207 بنصه بعدة روايات من هذه الطريق، وورد بنصه في "معاني القرآن" للنحاس 3/ 528، و"تفسير السمرقندي" 2/ 206، والثعلبي 7/ 151 ب، والماوردي 3/ 133، والطوسي 6/ 291.]]، وهو قول الربيع بن أنس [[أخرجه الطبري 13/ 209 بنصه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 151 ب بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 347، وابن عطية 8/ 236.]].
وقال سعيد بن المُسيَّب: كل حين يعني: شهرين؛ لأن مدة إطعام النخلة شهران [[أخرجه الطبري 13/ 210 بنحوه، وورد بنحوه في "تفسير السمرقندي" 2/ 206، والشعبي 7/ 151 ب، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 347، وابن عطية 8/ 236، و"ابن الجوزي" 4/ 359، والفخر الرازي 19/ 120، و"الدرا لمنثور" 4/ 145، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، هذه الأقوال التي وردت في تفسير (الحين) تندرج تحت قاعدة اختلاف التنوع، ولا تناقض بينها لأمرين: الأول: أن (الحين) يحتمل كل هذه المعانى في اللغة؛ إذ يطلق على الوقت القليل والكثير.
الثاني: أن كل مفسر نظر في تفسيره مق زاوية تختلف عن الآخر: فمر فسره بـ (سنة) أشار إلى أن النخلة لا تحمل في السنة إلا مرة واحدة، ومن فسره بـ (ستة أشهر) أشار إلى ما بين حملها وصرامها، ومن فسره بـ (شهرين) أشار إلى مدة الجني في == النخل، ومن فسره بـ (الغدوة والعشية) أشار إلى أن ثمرتها تؤكل دائماً؛ صيفاً وشتاءً، وقد رجح الطبري قول من فسره بـ (الغدوة والعشية)؛ وذلك لكون الآية ضُربت مثلاً لعمل المؤمن وإخلاصه ورفع عمله إلى الله، وهذا إنما يكون في كل يوم وليلة لا كل شهر أو سنة. انظر: "تفسير الطبري" 13/ 210، وابن عطية 8/ 237، و"ابن الجوزي" 4/ 359، و"تفسير القرطبي" 9/ 360.]]، قال أهل التأويل وأهل المعاني: شبَّه الله تعالى الإيمان بالنخلة لثبات الإيمان في قلب المؤمن كثبات النخلة في مَنْبِتها، وشبَّه ارتفاع (عمله إلى السماء بارتفاع) [[ما بين القوسين ساقط من: (ش)، (ع).]] فروع النخلة، وشبَّه ما يكسبه المؤمن من بركة الإيمان وثوابه في كل وقت وزمان، بما ينال من ثمرة النخلة في أوقات [السنّة] [[ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق، كما في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 1/ 321، و"الوجيز" 1/ 582.]] كلها؛ من الرطب والتمر وما يجري مجراهما مما لا يعدم ولا ينقطع وجوده [[لم أقف عليه في كتب المعاني المطبوعة، وورد هذا المعنى مختصراً وبعبارات متقاربة في "تفسير الطبري" 13/ 210، والسمرقندي 2/ 206، و"الماوردي" 3/ 131، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 346 - 347، وابن عطية 8/ 233، وابن الجوزي 4/ 359، و"تفسير القرطبي" 9/ 361، وابن كثير 2/ 582.]].
وقال الزجاج: جعل الله مَثل المؤمن في نُطْقه بتوحيده [[في (ش)، (ع): (توحيده)، بدون باء]]، والإيمان بنبيّه واتّباع شريعته الشجرة الطيبة؛ فجعل نفع الإقامة على توحيده كنفع الشجرة التي لا ينقطع نفعُها وثمرها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 160، ونقله بنصه.]]، وقال آخرون: إنما مَثَّلَ الله سبحانه الإيمان بالشجرة؛ لأن الشجرة لا تستحق أن تسمّى شجرة إلا بثلاثة أشياء: عرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال، كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 152 ب، بتصرف يسير، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 347، والبقاعي 4/ 185، و"حاشية الصاوي على الجلالين" 2/ 284، و"تفسير الألوسي" 13/ 216، وصديق خان 7/ 110.]].
قال ابن الأنباري: وكان غير مستنكر تشبيه الكلمة بالشجرة وهي من غير جنسها، كما لا يُستَنكر تشبيه الناس بالأسد والأقمار والبحار، وجنس الإنسان يخالف هذه الأجناس، ومعروف من كلامهم: عبد الله الشمسَ طالعة، وزيدٌ القمرَ منيرًا، وعمرو الأسدَ عاديًا [[في (أ)، (د): (عارياً)، والمثبت من: (ش)، (ع) وهو الصحيح المتفق مع المعنى، والظاهر أن الدال تصحفت إلى راء.]]، وبكر البحر زاخرًا [[الزَّخَرُ: من خصائص البحر، يقال: زَخَرَ يزْخَرُ زَخْراً وزُخوراً، إذا جاش ماؤه وارتفعت أمواجه. انظر (زخر) في "تهذيب اللغة" 2/ 1519، و"المحيط في اللغة" 4/ 275.]].
وقال أبو إسحاق في قوله: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾: جميع من شاهدنا من أهل اللغة يذهب إلى أن الحين اسم كالوقت، يصلح لجميع الأزمان كلها، طالت أم قصُرت، والمعنى في ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾: أنها يُنتفع بها في كل وقت، لا ينقطع نفعها البتة، قال: والدليل على أن الحين بمنزلة الوقت قول النابغة في صفة الحيَّة والملدوغ:
تَنَاذَرَها [[في جميع النسخ (تبادرها) بالباء والدال من المبادرة، وهو تصحيف؛ إذ لا معنى للمبادرة هنا، ويؤيده أن رواية الديوان وجميع المصادر (تناذرها) من الإنذار؛ وهو التخويف، أي خوف بعضهم بعضا بأن تلك الأفعى من خبثها لا تجيب راقياً.]] الرَّاقُون من سُوء سَمِّها ... تُطَلِّقُه حِينًا وحِينًا تُراجِعُ [[البيت للنابغة الذبياني، و"ديوانه" ص 54، وورد في "المعاني الكبير" 2/ 663، == و"الكامل" للمبرد 3/ 130، و"جمهرة اللغة" 2/ 922، و"تهذيب اللغة" (حان) 1/ 714، "الإيضاح العضدي" 1/ 203، و"الصحاح" (نذر) 2/ 826، و"معاني القرآن" للنحاس 3/ 529، و"تفسير الماوردي" 3/ 132، و"المخصص" 9/ 65، و"تفسير القرطبي" 9/ 360، و "اللسان" (حين) 2/ 1074، و"الخزانة" 2/ 459، (تطلَّقه): أي تفارقه وتخفى الأوجاع أحياناً، وتارة تشتد عليه، وهكذا حال اللديغ، ورواية الديوان والكامل والخزانة:
تطلِّقُه طوراً وطوراً تراجع
ولا فرق في المعنى؛ لأن الطور كالحين، لكن لا شاهد على هذه الرواية.]] قال: المعنى أن السمَّ يخفُّ ألمه وقتًا ويعود وقتًا [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 161 بنصه، وورد في "تهذيب اللغة" (حان) 1/ 714 بنصه.]]، فعلى هذا، الاختيار: أن يكون المعنى ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾: أي: كل وقت في جميع السنة، وهو قول الضحاك، قال: كل ساعة، ليلاً ونهارًا، شتاءً وصيفًا، تُؤكل في جميع الأوقات، كذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها [[أخرجه الطبري 13/ 208 بنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 3/ 528 بنحوه، و"تفسير الثعلبي" 7/ 151 ب بنصه. وانظر: "تفسير القرطبي" 9/ 360.]]، وقد قال ابن عباس: يريد ستة أشهر طلعٌ رَخْصٌ [[الرَّخْص: الشيء الناعم اللين. انظر: "المحيط في اللغة" (رخص) 4/ 245.]] وستة أشهر رُطبٌ رَطيبٌ [[أورده الواحدي بنصه غير منسوب في "الوجيز" 1/ 582.]]، فبين أن الانتفاع بالنخلة دائم في جميع السنة.
وقوله تعالى: ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ﴾ قال ابن عباس: يريد أهل مكة [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 1/ 321 بنصه.]]، ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾: لكي يتعظوا.
{"ayah":"تُؤۡتِیۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِینِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَیَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق