قوله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 147.]]: المعنى يدخلون عليهم من كل باب يقولون: سلام عليكم، فأضمر القول هاهنا، لأن في الكلام دليلًا عليه.
وقوله تعالى: ﴿بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 157.]]: يريد في دار الدنيا، قال النحويون [["التبيان في إعراب القرآن" للعكبري 2/ 757.]]: الباء في (بما) تتعلق بمعنى سلام؛ لأنه قد دل علي السلامة لكم بما صبرتم. وقال صاحب النظم: السلام قول، ولا يحتمل أن يكون القول ثوابًا للصبر الذي هو فعل، فدل هذا على أن المعنى في قوله: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ دعاء من الملائكة لهم، على معنى: سملكم الله بما صبرتم، أو خبر منهم، أي: أن الله سلمكم من أهوال هذا اليوم من شره، وأدخلكم الجنة بصبركم في الدنيا، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على تقدير: الكرامة لكم بما صبرتم و (ما) هاهنا للمصدر، كأنه قبل بصبركم.
وقوله تعالى: ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ الدار هاهنا أيضًا يجب أن يكون مصدرًا؛ لأنه لو كان اسمًا، وأضيف إلى الدار صار لها. وليس المراد ذكر عاقبة (الدار، إنما المراد ذكر عاقبة) [[ما بين القوسين مكرر في (أ)، (ج).]] أهل الجنة ومدح عاقبتهم، والمقصود بالمدح محذوف على تقدير: نعم العقبى عقبى الدار، كقوله تعالى: ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: 44] ولم يذكر أيوب لتقدم ذكره، ومثله قوله: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾ [الجمعة: 5] هذا كله إذا كان المراد بالدار الجنة. وقال صاحب النظم: (نعم) يقتضي اسمًا وخبرًا، والمعنى إن شاء الله: فنعم عقبى الدار ما أنتم فيه، أي هذا نعم عاقبة الدار التي كنتم فيها، عملتم فيها ما أعقبكم هذا الذي أنتم فيه، فعلى هذا، العقبى اسم، والدار هي الدنيا [[القرطبي 9/ 313.]].
{"ayah":"سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ"}