قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 147.]]: جنات بدل من عقبى.
قال ابن عباس [[القرطبي 9/ 311 نحوه.]]: هي وسط الجنة وقصبتها، مساندة بعرش الرحمن، غَرَسها الرحمنُ تبارك وتعالى بيده، والكلام في جنات عدن قد ذكرناه مستقصى عند قوله: ﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ [التوبة: 72]، وذكرنا هناك مذهب المفسرين ومذهب أهل اللغة.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ صَلَحَ﴾ موضع (من) رفع عطف على الواو في ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 147.]]: وجائز أن يكون نصبًا، كما تقول قد دخلوا وزيدًا، أي مع زيد.
قال ابن عباس [[القرطبي 9/ 312، و"البحر المحيط" 5/ 387، و"تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 305.]]: ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ﴾ يريد من صَدَّق بما صدقوا به، وإن لم يعمل مثل أعمالهم.
وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 147.]]: اعلم أن الأسباب لا تنفع بغير أعمال صالحة، فعلى قول ابن عباس معنى (صلح): صدق وآمن ووحد، وعلى ما ذكر أبو إسحاق معناه: صلح في عمله.
والصحيح ما قال ابن عباس؛ لأن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه في أهله، حيث بشره بدخول الجنة مع هؤلاء، فدل أنهم يدخلونها كرامة للمطيع، ولا فائدة في التبشير والوعد به، إذ كل مصلح في عمله قد وعد دخول الجنة [[قلت: ويشهد لهذا قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الطور: 21]
وأخرج الطبري 13/ 141، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قوله: ﴿وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ﴾ من آمن في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: يدخل الرجل الجنة فيقول: أين أمي؟ أين ولدي؟ أين زوجتي؟ .. فيقال: لم يعملوا مثل عملك، فيقول: كنت أعمل لي ولهم، ثم قرأ ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ﴾ يعني من آمن بالتوحيد بعد هؤلاء ﴿مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ يدخلون معهم .. "الدر المنثور" 2/ 158.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 325، والقرطبي 9/ 312، و"البحر المحيط" 5/ 387، و"تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 306.]]: يريد بالتحية من الله والتحفة والهدايا.
{"ayah":"جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَدۡخُلُونَ عَلَیۡهِم مِّن كُلِّ بَابࣲ"}