الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ الآية، روى ثعلب عن ابن الأعرابي [["تهذيب اللغة" (ثرب) 1/ 476، و"اللسان" (ثرب) 1/ 475.]]: الثارب الموبخ، يقال: ثرب، وثرّب، وأثرب إذا وبخ. ومنه الحديث [[الحديث أخرجه البخاري (2152) كتاب البيوع، باب بيع العبد الزاني، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "إذا زنت الأمة فتبين زناها، فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر" وبلفظ "ولا يثرب عليها" (ح 2233) كتاب البيوع، باب: بيع الرقيق، وأطرافه في (ح 2234، 2555، 6837، 6839)، وأخرجه مسلم (ح 1703) كتاب الحدود، باب رجم اليهود، وأهل الذمة، في الزَّنا، وأحمد في "مسنده" 2/ 249.]]: "إذا زنت أمة أحدكم فليضربها الحد ولا يثربها" أي: ولا يعيرها بالزنا، وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 128.]]: معناه: لا إفساد عليكم، وقال أبو عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 318. والسياق يوهم أن البيت أورده أبو عبيدة، ولم أجده في "مجاز القرآن".]]: معناه: لا شغب ولا معاقبة ولا إفساد، وأنشد [[القائل بشر بن أبي خازم وهو في ملحق "ديوانه" ص 229 برواية عجزه: أولى لهم بعقاب يوم سرمد أوله في "اللسان" (ثرب) 1/ 475، ونسب لتبع في "اللسان" (ولى) 8/ 4924، وكتاب "العين" 7/ 219، و"أساس البلاغة" (ثرب) / 44، وقيل هو لتبع.]]: فَعَفَوْتُ عنهم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرَّبِ ... وتركْتُهُم لعِقَابِ يومٍ سَرْمدِ وروى ابن الأنباري عن أبي العباس [["تهذيب اللغة" (ثرب) 1/ 476.]]: ثرب فلان على فلان، إذا عَدَّد عليه ذنوبه. قال ابن عباس: يريد لا لوم عليكم، وقال محمد بن إسحاق [[الطبري 13/ 56.]]: لا [[(لا): ساقط من (ب).]] تأنيبَ عليكم، وقال سفيان [[الطبري 13/ 56.]]: لا تعيير عليكم. وقال الكلبي [["تنوير المقباس" ص 153، و"زاد المسير" 4/ 282.]]: يقول لا أعيركم بعد اليوم بهذا أبدًا. فإن قيل: لِمَ خص اليوم ونيته العفو وترك التوبيخ أبدًا؟. قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 282 بنحوه.]]: إن يوسف لما قدم توبيخهم، وعدَّدَ عليهم قبيح ما فعلوا، وهو يستر عنهم نفسه، قال لهم عند تبين أمره لهم: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ أي: قد إنقطع عنكم توبيخي عند اعترافكم بالذنب، فكان ذكر اليوم دلالة على انقطاع التأنيب، وعلى أن ما بعده من الأيام يجري مجراه، واليوم قد يذكر ويراد به: الحين والزمان، كقول امرئ القيس: فاليوم أشربْ غيرَ مُسْتَحْقِب ... إثمًا مِنَ اللهِ ولا واغِلِ ليس يريد يومًا بعينه، قال [[أي أبو بكر.]]: ويجوز أن يكون المعنى: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ﴾ ألبتة ﴿الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ﴾ فتعلق اليوم بالغفران وتناول: غفر الله لكم اليوم، قال: وفيه ضعف، إذ الدعاء لا ينصب قبله، وهو على ما فيه محتمل، من قبل أن لفظ (يغفر) لفظ الخبر إذ عرى من الجزم وعوامله فينصرف منصوبه عليه كما ينصرف على الأفعال المرفوعة في الأخبار، وهذا الذي ذكره أبو بكر مذهب الأخفش [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 593.]]، فإن عنده يجوز الوقف على قوله: ﴿عَلَيْكُمُ﴾. وقوله تعالى: ﴿يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 283.]]: جعلهم في كل حل، وسأل الله لهم المغفرة، وأخبر أن الله أرحم بأوليائه من الوالدين بولدهما.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب