الباحث القرآني

قول تعالى: ﴿قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ﴾ قرأه أكثر [[قرأ جميع القراء بالاستفهام، غير ابن كثير فقرأ: (إنك لأنت يوسف) على الخير، واختلفوا في الهمز، فكان حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر يهمزون همزتين (أئنك) والباقون يهمزون همزة واحدة. انظر: "السبعة" ص 351، "إتحاف" ص 267، الطبري 13/ 55، ابن عطية 8/ 66.]] القراء بالاستفهام، في قراءة [[الطبري 13/ 55، ابن عطية 8/ 66، و"البحر" 5/ 342، و"المحتسب" 1/ 349.]] أبي: أو أنت يوسف، وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس [[الثعلبي 7/ 108 أ، و"زاد المسير" 4/ 281، البغوي 4/ 273، القرطبي 9/ 256.]]: أن يوسف قال لهم: (هل علمتم) الآية، ثم تبسم فلما أبصروا ثناياه وكانت كاللؤلؤ المنظوم شبهوه بيوسف فقالوا له استفهامًا: ﴿أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ﴾ ويدل على صحة الاستفهام قوله تعالى: ﴿أَنَا يُوسُفُ﴾ وإنما أجابهم عما استفهموا عنه، وقرأ ابن كثير: إنك على الخبر، وحجته ما روى عطاء عن ابن عباس (¬3): أن إخوة يوسف لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه، وكان له في قرنه علامة، وكان ليعقوب وإسحاق مثلها شبه الشامة، فلما رفع التاج عرفوه بتلك العلامة، فقالوا: إنك لأنت يوسف، (وقال ابن إسحاق [[الطبري 13/ 55، و"زاد المسير" 4/ 281.]]: رفع الحجاب فعرفوه فقالوا: إنك لأنت يوسف) [[ما بين القوسين مكرر في (أ).]]، ويجوز [[من هنا يبدأ النقل عن كتاب "الحجة" 4/ 447.]] أن يكون ابن كثير أراد: الاستفهام ثم حذفه، كما قال أبو الحسن في قوله: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ﴾ [["الشعراء" 22.]] أنه على الاستفهام كأنه أو تلك؛ لأن حرف الاستفهام قلَّ ما يحذف [[إلى هنا انتهى النقل عن "الحجة" 4/ 447.]] في غير الشعر. قوله تعالى: ﴿قَالَ أَنَا يُوسُفُ﴾ قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 281.]]: أظهر الاسم وترك الكناية، فلم يقل: أنا هو، تعظيمًا لما وقع به من ظلم إخوته وما عوضه الله من الظفر وبلوغ المحبّة، فكان بمعنى: أنا المظلوم المستحل منه المحرم المراد قتله، فكفى ظهور الاسم من [[في (أ)، (ج): (وهذه).]] هذه المعاني ولهذا قال: وهذا أخي، وهم يعرفونه؛ لأن قصده وهذا المظلوم كظلمي، والمنعم عليه كإنعامي، وقد ذكرنا قبل هذا أن العرب إذا عظمت الشيء أعادته ولم تُكَنَّ عنه كقوله [[سبق تخريجه.]]: لا أَرَى المَوْتَ يسبق المَوْت شَيء وقوله تعالى: ﴿قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا﴾ قال ابن عباس [[الرازي 18/ 204، و"زاد المسير" 4/ 280.]]: يريد بكل خير في الدنيا والآخرة، وقال آخرون [[الثعلبي 7/ 108 أ، و"زاد المسير" 4/ 281.]]: بالجمع بيننا بعد التفرقة، وذكرنا معنى المن عند قوله: ﴿مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ [البقرة: 262]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 282، القرطبي 9/ 256.]]: يريد: من يتق الله ويصبر على المصائب وعن المعاصي، قال ابن الأنباري: تلخيصه: من يراقب الله ويصبر على الأذى في ذاته، وقال مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 157 أ.]]: من يَتَّقِ الزنا ويصبر على الأذى، وقال إبراهيم [[الثعلبي 7/ 108أ، و"زاد المسير" 4/ 281.]]: من يتق الزنا ويصبر على العزوبة فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 282.]]: يريد أجر من كان هذا حاله، وتأويله: فإن الله لا يضيع أجره وأجور الفاعلين مثل فعله، وروي عن ابن كثير في طريق قنبل [[انظر: "السبعة" ص 351، و"إتحاف" 267، وابن عطية 8/ 67.]]: أن (من يتقي) بإثبات الياء. قال أبو علي [["الحجة" 4/ 448 - 449 بتصرف.]]: وله وجهان أحدهما: أن تقدر الحركة في الياء، ثم تحذفها، فتبقى ساكنة للجزم كقوله [[سبق تخريجه.]]: ألَمْ يَأتِك والأنْبَاءُ تَنْمِي ولا يحمل على هذا لأنه مما يجيء في الشعر دون الكلام، والآخر: أن يجعل بمنزلة الذي لا يوجب الجزم، ويحمل المعطوف على المعنى؛ لأن الذي يتقي بمعنى الجزاء الجازم كأنه من يتق، والحمل على المعنى كثير، وقد ذكرنا نظائره، ويجوز على هذا الوجه أن يكون: (ويصبر) في موضع الرفع إلا أنه حذفت الضمة للاستحقاق كما حذف نحو: عَضُد وسجُع، وجاز هذا في حركة الإعراب جوازه في حركة البناء، كما زعم أبو الحسن أنه سمع: ﴿وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ﴾ [[بإسكان اللام من (رسلنا) وقرأ بها حمزة ويعقوب، و"إتحاف" ص 387، و"البدور الزاهرة" 351.]] [الزخرف: 85]، وكقراءة من قرأ: ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ [[قرأ حفص بإسكان القاف وكسر الهاء، انظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 503.]] [النور: 52] بجزم القاف [[إلى هنا انتهى النقل عن "الحجة" 4/ 448 - 449 بتصرف.]]، وذكر ابن الأنباري وجهًا آخر وهو: أن الياء في (يتقي) ليست لام الفعل، بل هي ياء مزيدة مختلسة تدغم بها كسرة القاف، ونظير هذه القراءة قراءة حمزة [[انظر: "الغاية" لابن مهران 258، و"السبعة" ص 421، و"التيسير" / 152، و"النشر" 3/ 184، و"إتحاف" ص 306.]] ﴿لا تَخَفْ دركا﴾ بالجزم و ﴿وَلَا تَخْشَى﴾ [طه: 77] بالرفع، وهناك تشرح المسألة إن شاء الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب