الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ﴾ الآية. المتاع ما يصلح للاستمتاع عامًّا في كل شيء وهاهنا يجوز أن يراد به ذلك الطعام الذي حملوه، ويجوز أن يراد به أوعية الطعام. وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي﴾ ذكر الفراء [["معاني القرآن" 2/ 49.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 118.]] وابن الأنباري [["الوقف والابتداء" 2/ 725، 726، و"زاد المسير" 4/ 252.]] في هذا وجهين أحدهما: أن يكون "ما" استفهامًا ويكون في موضع نصب، المعنى: أي شيء نريد وقد ردت علينا بضاعتنا. قال الفراء: وهو كقولك في الكلام: ماذا نبغي بعد الوصول إلى ما لم نكن نقدره ولا نطمع في مثله. أي لا نبغي وراء هذا شيئًا. وهذا معنى قول قتادة [[الطبري 13/ 11، وابن أبي حاتم 7/ 2166 وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 48.]]. قال: وما نبتغي وراء هذا الذي وصلنا إليه. الوجه الثاني: أن يكون "ما" نفيًا، كأنهم قالوا: ما نبغي شيئًا هذه بضاعتنا. وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 49.]] وأبو بكر [["زاد المسير" 4/ 252.]]: كأنهم قالوا: لسنا نطلب منك دراهم وما نبغي منك بضاعة نرجع بها إليه، بل يكفينا بضاعتنا هذه التي ردّت إلينا، وهو قوله ﴿هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا﴾ والإشارة إلى البضاعة تحتمل معنيين أحدهما: أنهم لم يثقوا بمعرفة أبيهم لها، فعرفوها بإشارتهم إليها، والآخر: أن معنى الإشارة هاهنا التقريب [[في (أ)، (ب): (للتقريب).]] للرد والتحقيق له، كقول القائل: هذه الشمس قد طلعت، فتقرب بهذه طلوع الشمس وتحققه، ولا يعرف بها عين الشمس، فمن جعل (هذه) إشارة أجاز أن يكون رُدّتْ خبرًا مستأنفًا، ويمكن أن يكون حالاً من البضاعة بإضمار "قد" معه؛ لأن "قد" تقرب الماضي من الحال، والتقدير: هذه بضاعتنا مردودة إلينا. ومن جعل هذه للتقريب لا يجيز استئناف "ردت"؛ لأن خبر التقريب يُفتقر إليه، كما يُفتقر إلى خبر "إن" و"كان"، فلا يجوز الاقتصار على "هذه بضاعتنا" دون ذكر "ردت" في هذا الوجه، وفي الوجه الأول يجوز، قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 94 أ، البغوي 4/ 257، و"زاد المسير" 4/ 252.]]: إنهم أرادوا بهذا الكلام أن يطيبوا نفس أبيهم على الإذن لهم بالمعاودة وإرسال [[في (أ)، (ج): وإن سأل).]] بنيامين معهم. وقوله تعالى ﴿وَنَمِيرُ أَهْلَنَا﴾ عطف على قوله ﴿مَا نَبْغِي﴾ كأنهم قالوا: ما نبغي منك في هذا الوجه شيئًا تصرفنا به، ومع ذلك نمير أهلنا أي نجلب إليهم الطعام، قال الأصمعي [["تهذيب اللغة" (مار) 4/ 3325، الرازي 8/ 171.]]: ماره يميره ميرًا، إذا أتاه بميرة أي بطعام. ومنه يقال: "ما عنده خير ولا مير" [[مثل يضرب لمن ليس عنده خير عاجل، ولا يرجى مه أن يأتي بخير. مجمع الأمثال للميداني 3/ 282، كتاب الأمثال لأبي عبيد 306.]]. وقوله تعالى: ﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ أي نزيد حمل بعير من الطعام. قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 118.]]: لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير. وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ قال الحسن [["تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 276.]]: أي يأتي ذلك متيسرًا [[في (ب). (مبشر).]] على من يكيل لنا. ونحو هذا قال مقاتل [["تفسير مقاتل" 155 ب، قال: سريع لا حبس فيه، الرازي 18/ 171.]] قال: معناه ذلك كيل يسير على هذا الرجل المحسن لسخائه وحرصه على البذل، وهو اختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 119.]]: أي سهل على الذي نمضي إليه. وقال آخرون [[هذا القول نسبه في "زاد المسير" 4/ 253 إلى مقاتل.]]: ذلك كيل سهل قصير الوقت والمدة، ليس سبيل مثله أن نشتغل ولا نضطر إلى الاحتباس والتأخير عن الأوبة إليك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب