الباحث القرآني

كذلك قوله ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾. قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 91.]]: موضع الكاف في (كذلك) النصب، المعنى: ومثل ما رأيت يجتبيك ربك، وعلى هذا قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 181.]]: (ذلك) إشارة إلى قول يوسف: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ فقال له يعقوب: ومثل ذلك التفضيل وتلك الرفعة والحال الجليلة [[في (أ)، (ب): (الجلية).]] التي شاهدتها في رؤياك يجتبيك ربك، فموضع الكاف نصب بيجتبي [وموضع ذلك خفض بالكاف الزائدة، والمعنى: وكما أراك الله من هذه الرؤيا يجتبيك] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).]]. [وقال الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 36.]]: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ جواب لقوله ﴿إِنِّي رَأَيْتُ﴾ فقيل له: وهكذا يجتبيك ربك، كذلك وهكذا سواء في المعنى. قال أبو بكر: وعلى هذا (كذلك) حرف واحد معناها هكذا، وموضعه نصب بيجتبيي] [[ما بين المعقوفين مكرر في (أ)، (ج).]]. قال الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 36.]]: ومثله في الكلام أن يقول الرجل: قد فعلت اليوم كذا وكذا من الخير، فيقول له القائل: هكذا السعادة والتوفيق، وكذلك السعادة والتوفيق، فيسوي بينهما، وقد ذكرنا قبل هذا أن (كذلك) تحقيق لما مضى من الكلام، ضد كَلّا. وقوله تعالى ﴿يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ قال ابن عباس [[نقله عنه ابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 181، وابن جرير وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 4/ 7.]] والمفسرون [[وهو قول عكرمة وقتادة كما في الطبري 12/ 153، وعزاه ابن أبي حاتم 7/ 2103 أ، لقتادة، وانظر "الدر" 4/ 7.]] وأهل اللغة [[قال به أبو عبيدة كما في "مجاز القرآن" 1/ 3025، والفراء كما في "معاني القرآن" 2/ 36.]]: يختارك ويصطفيك. قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 91.]]: وهو مشتق من: جبيت الشيء، إذا خلصته لنفسك، ومنه: جبيت الماء في الحوض. وقوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" 146، و"زاد المسير" 4/ 181.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 153، وأخرجه ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم 7/ 2103 أ، وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 4/ 7، و"زاد المسير" 4/ 181، وابن عطية 7/ 438.]] وقتادة [[الطبري 12/ 153، وابن أبي حاتم 7/ 2103 أ.]]: يريد تعبير الأحلام، وعبارة الرؤيا. قال ابن زيد [[الطبري 12/ 153، وابن أبي حاتم 7/ 2103 ب، وانظر: "الدر" 4/ 7.]]: وكان أعبر الناس للرؤيا، فعلى هذا معنى التأويل: المنتهى الذي يؤول إليه المعنى في الرؤيا، والأحاديث هي أحاديث الناس عما يرونه في منامهم، قال الزجاج [["معاني القرآن" 3/ 92.]]: وغير ذلك. وقيل [["زاد المسير" 4/ 181، القرطبي 9/ 129.]]: يعلمك تأويل أحاديث الأنبياء والأمم، يعني الكتب والأحاديث في آيات الله ودلائله على توحيده، وغير ذلك من أمور دينه. وقوله تعالى: ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 181، القرطبي 9/ 129، البغوي 4/ 214، ابن عطية 7/ 438.]]: يريد بالنبوة، ﴿وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ﴾. قال المفسرون [[البغوي 4/ 214، ابن عطية 7/ 438.]]: يعني وعلى النبيين من آل يعقوب، بمعنى [[في (ج): (يعني).]] الخصوص، وإن كان الظاهر ظاهر عموم، كما قال النبي ﷺ: "اللهم [[اللهم: ساقطة من (ب).]] اجعل رزق آل محمد قوتًا" [[أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (6465)، كتاب: الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي ﷺ وأصحابه وتخليهم من الدنيا، ومسلم كتاب: الزكاة، باب في الكفاف والقناعة (1055) كما في مختصر المنذري ص 551، كتاب الزهد والرقاق تحقيق الألباني، وأحمد 19/ 24، برقم (9752)، و20/ 28 برقم (10242) تحقيق أحمد شاكر، والترمذي برقم (2361) أبواب الزهد، باب: ما جاء في معيشة النبي ﷺ وأهله، وقال: هذا حديث حسن صحيح.]] يريد البعض، فعلى هذا المعنى: ويتم نعمته عليك وعلى المختصين من آل يعقوب بالنبوة، [كما أتمها بالنبوة] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).]]، على أبويك. وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج: 3/ 92. بتصرف.]]: فسر يعقوب الرؤيا ليوسف بهذه الآية، وذلك أنه لما قال له: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ الآية، تأول الأحد عشر كوكبًا: أحد عشر نفسًا لهم فضل وأنهم يستضاء بهم؛ لأنه لا شيء أضوأ من الكواكب وبها يُهْتدى، فتأويل الكواكب إخوته، وتأويل الشمس والقمر أبواه، تأول له أن يكون نبيًّا، وأن إخوته يكونون أنبياء؛ لأنه أعلمه أن الله جلَّ وعلا يتم نعمته عليه وعلى إخوته، كما أتمها على إبراهيم وإسحاق، فإتمام النعمة عليهم أن يكونوا أنبياء، وعلى هذه الأقوال إتمام النعمة بالنبوة، ﴿آلِ يَعْقُوبَ﴾ الأنبياء منهم أو بنوه. وقال ابن عباس في رواية الكلبي: ويتم نعمته عليك بتوحيده وعبادته، كما أتمها على أبويك بتوحيد الله وعبادته وإيثار طاعته، وقال مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 150 ب.]]: ويتم نعمته عليك بإعلانك وتحقيق رؤياك كما أتم النعمة على أبيك إبراهيم، بإنجائه من النار، وعلى أبيك إسحاق بالسلامة من الذبح، والفداء، ونحو هذا قال عكرمة [[الطبري 12/ 154، والثعلبي 7/ 64 أ، و"زاد المسير" 4/ 182.]]. وقال الكلبي [["تنوير المقباس" ص 147.]]: كما أتمها على أبويك بأن ثبتهما على الإسلام حتى ماتا عليه، وعلى هذا المراد بآل يعقوب، قال أبو بكر: يعني أهل دينه فوقع الآل على أهل الدين كقوله تعالى: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 46] يعني أهل دين فرعون، قال قتادة [[الطبري 12/ 154.]] في هذه الآية: كل ذلك فعل الله به، اجتباه، واصطفاه، وعلمه من تأويل الأحاديث، وأتم النعمة عليه. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ﴾ يريد حيث يضع النبوة. قاله عطاء عن ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 182.]]، ﴿حَكِيمٌ﴾ في خلقه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب