الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا﴾ الآية، قال الكلبي [["تنوير المقباس" ص 150.]]: لما سأل الملك عن رؤياه، جثا الساقي بين يديه بعد انقضاء جواب الملأ، فقال للملك: إني قصصت أنا والخباز على رجل في السجن منامين فخبّرنا بتأويلها فصدق في جميع ما وصف، ولم يسقط من تأويله شيء، إن أذنت مضيت إليه وأتيتك من قبله بتفسير هذه الرؤيا، فإنه رجل صالح فاضل عالم ظاهر المحاسن، فأذن له الملك في قصده، فذلك قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا﴾ قال ابن عباس [[الطبري 12/ 227، الثعلبي 7/ 85 ب، البغوي 4/ 246، "زاد المسير" 4/ 231، كلهم من غير نسبة.]]: يريد أحد العبدين، وهو الذي رأى أنه يعصر خمرًا. وقوله تعالى: ﴿وَادَّكَرَ﴾ ذكرنا الكلام في هذا الحرف عند قوله: ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ في سورة القمر [[الآيات: 15، 17، 22، 32، 40، 51، قال هنالك في أول موضع: "قال مقاتل: فهل من مدتكر، وقال أبو إسحاق: وأصله مدتكر، ولكن التاء أبدل منها الذال، والذال في موضع التاء هي أشبه بالدال من التاء، وأدغمت الذال في الدال".]]. وقوله تعالى: ﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ قال ابن عباس [[الطبري 12/ 227، عبد الرزاق 2/ 324، والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم 7/ 2151، وأبو الشيخ من طرق كما في الدر 4/ 39، القرطبي 9/ 201.]] والحسن [[الطبري 12/ 228.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 228.]] وعامة أهل التفسير والمعاني [[الطبري 12/ 227، الثعلبي 7/ 85 ب، البغوي 4/ 246، "زاد المسير" 4/ 231، ابن عطية 7/ 522، "معاني الفراء" 2/ 47، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 313، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبة ص 225، "معاني النحاس" 3/ 432، و"معاني الزجاج" 3/ 113.]]: بعد حين. قال بعض أهل المعاني: هي الجملة من الحين، والجماعة من الحين؛ لأن الجماعة الكثيرة من الناس أمة يدل على صحة هذا ما روى عطاء عن ابن عباس [[الطبري 12/ 229، وابن أبي حاتم 7/ 2151 عن سعيد بن جبير.]] "بعد أمة" بعد سنين. فإن قيل أكثر المفسرين على أن معنى قوله: "وادكر" دليل على أن الناسي هو الساقي. قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 231.]]: يقال إذ ادكر بمعنى: ذكر وأخبر الملك، وصلح أن يكون ادكر بمعنى ذكر، كما تقول احتلب بمعنى حَلبَ، واعتدى بمعنى عدى في قوله تعالى: ﴿فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 194]. وذكر لا يدل على نسيان سبقه. وقد قال الكلبي فيما روى عن ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 150، "زاد المسير" 231/ 4، القرطبي 9/ 202.]]: إنما لم يذكر الساقي خبر يوسف للملك حتى احتاج الملك إلى تعبير رؤياه، خوفًا من أن يكون ذلك إذكارًا لذنبه الذي من أجله حبسه الملك مع الخباز، فكتم أمره ولم يبده للملك لهذه العلة، فهذا يدل على أن الساقي قد نسي ذلك لقضاء الله تعالى في كون يوسف مدة في السجن، أنساه ذلك من غير أن ينسب النسيان إلى الساقي [في قوله ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ﴾ ويكون نسيان الساقي غير مذكور، ويستدل عليه بقوله ﴿وَادَّكَرَ﴾. ومن نسب النسيان إلى الساقي] [[ساقط من (ج).]] فَسّر الادّكار على ظاهره ولم ينقله إلى معنى الذكر. وقوله تعالى ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ﴾ وقرأ الحسن [[ابن عطية 7/ 523 قال: "وكذلك في مصحف أبي"، و"البحر المحيط" 5/ 314، و"معاني القرآن" للنحاس 3/ 432، وقال الحسن: (كيف ينبئهم العلج؟).]] (أنا آتيكم بتأويله) وقال: أراد العلج ينبئهم بتأويله حتى لا يأتي به من عند يوسف عليه السلام. قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 113.]]: وأكرهها لمخالفة المصحف. وقوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾ قال أبو بكر: هو خطاب للملك وملئه، لذلك خاطب بالجمع. ويجوز أن يخاطب الملك بخطاب الجمع؛ لأن أصحابه على مثل رأيه وأمره.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب