الباحث القرآني

قوله تعالى ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص150، و"زاد المسير" 4/ 227.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 154 أ.]] وأكثر المفسرين [["الكشاف" 2/ 322، والرازي 18/ 143، و"الدر المصون" 6/ 499، 500.]]: ظن: أيقن، وهذا التفسير موافق [[في (أ): (موافق القول)، وفي (ج): (موافقًا لقول).]] لقول من يقول: إنه حكم في عبارة الرؤيا بالقطع واليقين، فقال للذي [[في (أ)، (ب)، (ج): (الذي).]] علم أنه ناج من الرجلين ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وقال قتادة [[القرطبي 16/ 110، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 37، و"زاد المسير" 4/ 227، والقرطبي 9/ 194، وابن عطية 7/ 515.]]: إنما عبارة الرؤيا على الظن، فيبطل الله ما يشاء ويحق ما يشاء، وفسر الظن هاهنا على الشك والحسبان، وهذا موافق [[في (أ)، (ب)، (ج): بزيادة (من).]] مذهب من يقول لم يحتم يوسف بتأويل الرؤيا، والقول هو الذي عليه العامة. وقوله تعالى: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أي عند الملك [[رواه الطبري 12/ 222 - 223، عن ابن إسحاق ومجاهد وأسباط وقتادة.]] صاحبك، والرب هاهنا بمعنى السيد، قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 84 ب، الطبري 12/ 222.]]: قال له يوسف إذا خرجت من السجن، فقل للملك إن في السجن غلامًا محبوسًا ظلمًا، ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ الكناية في قوله: ﴿فَأَنْسَاهُ﴾ راجعة على يوسف في قول الأكثرين، قال مجاهد [[الطبري 222 - 224، والثعلبي 7/ 84 ب، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم 7/ 2149، وابن المنذر كما في "الدر" 4/ 39، و"زاد المسير" 4/ 227.]]: أنسى الشيطان يوسف الاستغاثة بربه، وأوقع في قلبه الاستغاثة بالملك، فعوقب بأن لبث في السجن بضع سنين. وهذا قول ابن عباس [[البغوي 4 - 244، و"تنوير المقباس" ص150، وابن أبي حاتم 7/ 2149 بنحوه بدون سند لابن عباس.]]، واختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 112.]]، قال: أنسى يوسفَ الشيطانُ أن يذكر ربه. وذهب بعض المفسرين إلى أن الكناية راجعة إلى إنساء الشيطان الساقي أن يذكر يوسف لربه، وهذا قول الحسن [[أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد وقال ابن كثير 2/ 526: (قوله: ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ الضمير عائد إلى الناجي كما قاله مجاهد ومحمد بن إسحاق وغير واحد).]]، والكلبي [["تنوير المقباس" ص 150.]] وابن إسحاق [[الطبري 12/ 224، الثعلبي 7/ 84 ب، "زاد المسير" 4/ 227، ابن عطية 7/ 516.]]، وذكر الفراء [["معاني القرآن" 2/ 46.]] القولين جميعًا. قال ابن الأنباري: فمن أعاد الهاء على يوسف احتج بأنها لو عادت على الساقي دخل الكلام حذف وإضمار، لأنه يكون التقدير: فأنساه الشيطان ذكره لربه، ويكون كقوله ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [[آل عمران: 175.]] أي يخوفكم بأوليائه، وإذا صح المعنى من غير إضمار وحذف، لم يعدل عنه إلى غيره [[وقد ذهب إلى هذا القول عامة المفسرين ومنهم الطبري 12/ 222 وابن عطية 7/ 516، والقرطبي 9/ 196، والبغوي 4 - 244، والرازي 18/ 145، وأما القول الثاني على أن الناسي هو الساقي فرجحه ابن كثير 2/ 526، وأبو حيان 5/ 311.]]، ومن جعل الهاء عائدة على الساقي، قال: لو رجعت على يوسف ما استحق عقوبة من قبل أن الناسي غير مؤاخذ، والجواب عن هذا أن معنى النسيان هاهنا الترك، ومعنى قوله ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ عامدًا لا ناسيًا. وقوله تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ قال أبو عبيدة [["تهذيب اللغة" (بضع) 1/ 346، و"اللسان" (بضع) 1/ 298.]]: البضع ما لم يبلغ العقد ولا نصفه، يريد ما بين الواحد إلى الأربعة، وقال الأصمعي [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 112، و"معاني القرآن" للنحاس 3/ 430.]]: ما بين الثلاث إلى التسع، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 112.]]: وهو القول الصحيح، واشتقاقه من بضعت بمعنى قطعت، ومعناه القطعة من العدد، فجعل لما دون العشرة من الثلاث إلى التسع، وهذا قول قتادة [[الطبري 12/ 224، الئعلبي 7/ 84 ب. "معاني القرآن" للنحاس 3/ 429، "الدر المصون" 4/ 185.]]. وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 46، و"التهذيب" (بضع) 1/ 346، و"اللسان" (بضع) 1/ 298، والثعلبي 7/ 84 ب، وا لطبري 12/ 225.]] نحو هذا، وزاد فقال: لا يذكر البضع إلا مع عشر أو عشرين إلى التسعين، وهو نيف ما بين الثلاثة إلى التسعة، وقال: كذلك رأيت العرب يقولون، وما رأيتهم يقولون: بضع ومائة، وإذا كان بضع للذُّكران قيل بضعة، فعلى هذا الواحد والاثنان يقال لهما: نيف، والثلاثة إلى التسعة: بضع. وقال المبرد [["تاج العروس" 11/ 19.]]: هو ما بين العقدين، وهذا قول جماعة [["معاني القرآن للفراء" 2/ 46، و"زاد المسير" 4/ 228.]]، قالوا: البضع ما دون العشر، وهو قول الأخفش [["معاني القرآن" للنحاس 3/ 430، و"الزاهر" 2/ 342، 343، و"زاد المسير" 4/ 228.]]، قال: هو من واحد إلى عشرة. وروى الشعبي [[الحديث أخرجه أحمد 4/ 168، والطبري 21/ 17، والترمذي 2/ 150، وحسنه من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع".]] أن النبي ﷺ قال لأصحابة: "كم البضع؟ " فقالوا: من واحد إلى عشرة، وهذا قول ابن عباس [[الثعلبي 7/ 84 ب، الطبري 12/ 225.]]، وقال مجاهد [[الطبري 12/ 224، وابن أبي حاتم 7/ 2150.]]: هو ما بين الثلاث إلى التسع، وهو قول قطرب [["معاني القرآن" للنحاس 3/ 430، وفي "الماوردي" 3/ 40 أنه قال: من ثلاث إلى سبع.]]، وعامة المفسرين [[روى ذلك الطبري 12/ 225 عن قتادة ووهب وابن جريج، وذكره الثعلبي 7/ 84 ب ونسبه إلى أكثر المفسرين.]] على أن المراد بالبضع هاهنا سبع، وقالوا: عاقب الله عز وجل يوسف بأن حبس سبع سنين، بعد الخمس التي حبسها إلى وقت قوله ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ وذهب مقاتل [["تفسير مقاتل" 154 أ.]] إلى العكس من هذا، فقال: الأول سبع، والآخر خمس. قال ابن عباس [[روي عن ابن عباس مرفوعًا نحوه انظر: ابن أبي الدنيا كتاب العقوبات، والطبري 12/ 223، والطبراني وابن مردويه كما في "الدر" 4/ 37.]] في رواية عطاء: لما تضرع يوسف إلى مخلوق وقد كان اقترب خروجه، أنساه الشيطان ذكر ربه، حيث مال إلى مخلوق وترك الخالق، فلبث في السجن سنين. وروى الحسن [[الطبري 12/ 223، وأحمد في "الزهد" وابن أبي حاتم 7/ 2148، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 37، الثعلبي 7/ 84 ب، الرازي في 18/ 150.]] أن النبي ﷺ قال: "رحم الله يوسف، لولا الكلمة التي قالها: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ ما لبث في السجن طول ما لبث"، ثم بكى الحسن وقال: نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس [[اختلف العلماء في مسألة البضع، معناها والمراد بهاهنا. والأظهر والله أعلم أن المراد بها هنا سبع سنين. انظر: "معاني النحاس" 3/ 429 - 431، الماوردي 40/ 3، أبو حبان 5/ 311، "تاج العروس" (بضع) 11/ 19.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب