الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ﴾ قال جويبر عن الضحاك [[الطبري 12/ 175، القرطبي 9/ 158.]]: الذي اشتراه من مصر هو العزيز ملك مصر. وقال محمد بن إسحاق [[الطبري 12/ 175، القرطبي 9/ 158، الثعلبي 7/ 68 ب.]] باعه مالك بن ذعر وهو الذي استخرجه من البئر من العزيز وهو اطفير بن روحيب، وكان على خزائن الملك وأمره، وكان الملك في ذلك الدهر الريان بن الوليد رجلاً من العمالقة. وقال الكلبي عن ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 148، الثعلبي 7/ 68 ب.]]: العزيز لم يكن الملك، إنما كان وزير الملك وصاحب أمره. وقال مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 152 ب.]]: باع مالك بن ذعر من قطفير بن ميشا بعشرين دينارًا، وزاده حلة ونعلين، ومعنى الاشتراء والشراء هاهنا الاستبدال لا المنعقد بيعًا وشراءً كقوله ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ [[البقرة: 16، 175 وقال هناك: حقيقة الاشتراء الاستبدال، وكل شراء استبدال، وليس كل استبدال اشتراء.]] وقد مر، وقوله ﴿لِامْرَأَتِهِ﴾ اللام من صلة القول، أي: قال لامرأته. قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 148، و"زاد المسير" 4/ 198، والبغوي 4/ 225.]] في رواية الكلبي: اسم امرأة العزيز زليخا، وهو قول مقاتل [["تفسير مقاتل" 152 ب، و"زاد المسير" 4/ 198.]]، وقال شعيب الجبائي [[لم أجده في مظانه، وهذا القول هو قول مقاتل، وانظر: "زاد المسير" 4/ 198، الرازي 18/ 109، البغوي 4/ 225، القرطبي 9/ 158.]]: اسمها زليخة، وقال محمد بن إسحاق [[الطبري 12/ 175، ابن أبي حاتم 7/ 2117 ب، وانظر: "الدر المنثور" 4/ 19، والثعلبي 7/ 69 أ، و"زاد المسير" 4/ 198.]]: اسمها راعيل. وقوله تعالى: ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ أي أكرمي منزله ومقامه عندك، من قولك: ثويت بالمكان، إذا أقمت به، ومصدره الثواء، يقال: ثوى يثوي [[في (ج): (يثوى ثواء) وهو الصحيح كما في "تهذيب اللغة" 1/ 510.]] ثوًا. قال ابن عباس [[انظر: البغوي 4/ 225، و"زاد المسير" 4/ 198، والقرطبي 9/ 159.]]: يريد أكرميه ما كان عندك. نحو هذا قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 98.]] المعنى: أحسني إليه في طول مقامه عندنا، فالمثوى على هذا بمنزلة الظرف، كأنه قيل: أحسني إليه مدة مقامه عندنا، والمثوى على هذا مصدر، ومن المفسرين من يجعل المثوى الموضع الذي يقيم فيه، وهو قول قتادة [[الطبري 12/ 175، الثعلبي 7/ 69 أ.]] وابن جريج [[الطبري 12/ 175، الثعلبي 7/ 69 أ.]]، وعلى هذا أمر العزيز امرأته بإكرام مثواه، دون إكرام نفسه فقط، ومعنى الإكرام، إعطاء المراد على جهة الإعظام. وقوله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا﴾ أي يكفينا -إذا بلغ وفهم الأمور [[هذه عبارة الثعلبي 7/ 69 أ.]] - بعض شؤوننا، ﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ قال ابن عباس [[القرطبي 9/ 160، ابن عطية 7/ 468.]]: [وكان لا يولد له وكان حَصُورًا. وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 148، و "زاد المسير" 4/ 198.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] يريد ملكناه في أرض مصر، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 99.]]: أي: ومثل الذي وصفنا مكنا ليوسف في الأرض. وعلى هذا وجه التشبيه في ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا﴾ أنه شبه التمكين له في الأرض بالتوفيق للأسباب التي صار بها إلى ما صار بالنجاة من الهلاك، والإخراج من البئر، يعني: وكما أنجيناه من إخوته حين هموا بقتله وإهلاكه، وأخرجناه من ظلمة البئر، مكنا له في الأرض حتى بلغ ما بلغ، قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 148.]] والمفسرون [[الطبري 12/ 176، البغوي 2/ 417، الرازي 18/ 109، "زاد المسير" 4/ 198، الثعلبي 7/ 69 ب.]]: يعني أرض مصر. وقوله تعالى: ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ اختلفوا في هذه الواو، فقال أكثرهم [[انظر: "زاد المسير" 4/ 198.]]: إنها مستأنفة وخبرها مضمر على تقدير: ولنعلمه من تأويل الأحاديث فعلنا ذلك، أو مكنا له في الأرض، كقوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا} [الصافات: 6، 7] أي: وحفظًا زيناها، وعند الكوفيين يجوز أن يكون الواو مقحمة. وقال بعضهم: هي عاطفة على معنى الكلام المتقدم بتقدير: دبرنا ذلك لنمكنه في الأرض ولنعلمه. وذكرنا معنى (تأويل الأحاديث) عند قوله ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ [يوسف: 6]. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ قال ابن عباس [[البغوي 2/ 226، و"زاد المسير" 14/ 199.]] في رواية عطاء: يريد على ما أراد من قضائه، وعلى هذا الكناية في (أمره) تعود إلى اسم الله تعالى وعز، ونحو هذا قال في رواية الكلبي عن أبي صالح [["تنوير المقباس" ص 148.]] عنه، فالمعنى: أن الله لا يغلبه على أمره غالب، ولا يبطل إرادته منازع فهو قادر على أمره من غير مانع [[في (أ)، (ج): (صانع).]]، وتفسير مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 152ب، و"زاد المسير" 4/ 199.]] يدل على أن الهاء عائدة على يوسف، والمعنى: والله غالب على أمر يوسف، فلا يبسط عليه يد عدو، ولا يوصل إليه كيد كائد، لما يريد من رفعه وتمكينه وتبليغه منازل آبائه. وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال ابن عباس [[القرطبي 9/ 191.]]: يريد لا يعلمون غيبي وما أريد بخلقي، وقال غيره [[الطبري 12/ 176، الثعلبي 7/ 70 أ، البغوي 4/ 226.]]: لا يعلمون ما الله بيوسف صانع، وما إليه يوسف صائر، والأكثر هاهنا عبارة عن جميع الناس، لا أحد يعلم ما يأتي في غد، ويجوز أن يقال: إنما قال: (أكثر الناس)؛ لأنه يجوز أن يعلمه من أطلعه الله عليه من نبي أو ولي، والأولى أن يقال: ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن قدر الله غالب، وأن مشيئته نافذة في المرادات.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب