الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ قال ابن عباس [[الرازي 18/ 107، ابن عطية 7/ 464 - 466.]] في رواية الكلبي: لما طرح يوسف في الجب وانصرفوا رجعوا بعد ثلاث، يتعرفون خبره، فلما لم يروه في الجب رأوا أثار السيارة اتبعوهم، فحين أبصروا يوسف قالوا: هذا عبدنا أبق منا، فقالوا: لهم فبيعوناه، فباعوه منهم باثنين وعشرين درهمًا، وهم أحد عشر، ونحو هذا قال مجاهد [[الطبري 12/ 173، وابن أبي حاتم 7/ 2116 أوابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 18، و"زاد المسير" 4/ 197، والقرطبي 9/ 156، والبغوي 4/ 224، والثعلبي 7/ 68 ب.]]: باع يوسف إخوته باثنين وعشرين درهمًا. قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 4/ 98.]]: أخذ كل واحد من إخوته درهمين. وقال ابن عباس [[الطبري 12/ 173، لكنها من رواية ابن جريح، وابن أبي حاتم: 7/ 2116 أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 19، و"زاد المسير" 4/ 196، والقرطبي 9/ 155، والبغوي 2/ 224، والثعلبي 7/ 68 ب.]] في رواية عطاء: باعوه بعشرين درهمًا، فأخذ كل واحد منهم، إلا يهودا فإنه لم يأخذ شيئًا، وهذا قول ابن مسعود [[الطبري 12/ 172، الثعلبي 7/ 68 ب، وابن أبي شيبة والطبراني: وقال في "المجمع" 7/ 39: ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه والحاكم: وصححه وابن المنذر كما في "الدر" 4/ 19، والبغوي 4/ 224، و"زاد المسير" 4/ 196، والقرطبي 9/ 155.]] والسدي [[الطبري 12/ 172، "زاد المسير" 4/ 196، القرطبي 9/ 155، الثعلبي 7/ 68 ب.]]، فذلك قوله ﴿وَشَرَوْهُ﴾ أي باعوه، يقال: شريت الشيء، إذا بعته وإذا اشتريته، قال الشماخ في البيع [[وهو الشماخ بن ضرار الغطفاني، شاعر فحل مخضرم، شهد القادسية وتوفي في خلافة عثمان انظر: "الشعر والشعراء" ص 195، و"الإصابة " 2/ 154، و"الأعلام" 3/ 175، "ديوانه" 190، و"الزاهر" 1/ 371، 2/ 256، والبيت قاله في رجل باع قوسه من رجل، ومعنى (حامز): عامر وقيل: ممض محرق، ويروى (من الوجد) "اللسان" (حزز) 1/ 612، القرطبي 9/ 155. كتاب: "العين" 3/ 17، 167، و"تهذيب اللغة" 1/ 918 (حمز)، و"جمهرة اللغة" (529)، و"مقاييس اللغة" 2/ 8، و"مجمل اللغة" 1/ 212، و"أساس البلاغة" (حزز) 1/ 171.]]: فلما شَرَاهَا فَاضَتِ العَيْنُ عَبْرةً ... وفي الصَّدْرِ حَزَّازٌ من اللومِ حَامِزُ يريد: باعها، وقال قتادة [[عبد الرزاق 2/ 320، و"زاد المسير" 4/ 196، والطبري 12/ 171، و"الدر" 4/ 18.]] في رواية معمر: السيارة هم الذين باعوه. وقوله تعالى: ﴿بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ يريد حرام، وهذا قول الضحاك [[الطبري 12/ 171، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 18، الثعلبي 7/ 68 ب، "زاد المسير" 4/ 196، القرطبي 9/ 155.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 152 أ، الثعلبي 7/ 68 ب، البغوي 4/ 224.]] والسدي [[الثعلبي 7/ 68 ب، البغوي 4/ 224، القرطبي 9/ 155.]]، وعلى هذا سمى الحرام بخسًا؛ لأنه لا بركة فيه، فهو منقوص البركة. وقال قتادة [[الطبري 12/ 172، وعبد الرزاق 2/ 320، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 18، والقرطبي 9/ 155، وابن أبي حاتم 7/ 2116 ب.]]: بخس ظلم، والظلم: النقصان، يقال: ظلمه حقه، أي: نقص. وقال عكرمة [[الطبري 12/ 172، وابن أبي حاتم 7/ 2116 ب، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 18، والبغوي 2/ 224، و"زاد المسير" 4/ 196.]] والشعبي [[الطبري وابن المنذر كما في "الدر" 4/ 18، البغوي 4/ 224، "زاد المسير" 4/ 196.]]: قليل. وقال مقاتل بن حيان [[الثعلبي 7/ 68 ب، وعزاه البغوي لابن عباس وابن مسعود 4/ 224.]]: زيوف من دراهم اليمن، وعلى الأقوال كلها، البخس مصدر وضع موضع الاسم، والمعنى: بثمن مبخوس، أي: منقوص البركة؛ لأنه حرام، أو منقوص لقلته عن ثمن مثله، أو منقوص القيمة لأنه زيف. وقوله تعالى: ﴿دَرَاهِمَ﴾ بدل من الثمن وتفسير له وواحده درهم، ويقال [["تهذيب اللغة" (درهم) 2/ 1181.]]: رجل مدرهم، أي: كثير الدراهم. وقوله تعالى: ﴿مَعْدُودَةٍ﴾ قال ابن إسحاق [[الطبري 12/ 173، الثعلبي 7/ 68 ب، و "زاد المسير" 4/ 196 عن ابن عباس، القرطبي 9/ 156.]]: كانوا يعدون الدراهم، حتى يبلغ أوقية، فقال الله عزّ وجلّ ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾، ليعلم أنها أقل من أوقية، وذلك أنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان وزنه أقل من أربعين درهماً، إنما كانوا يعدونه عدًّا، وقال أصحاب المعاني [["معاني القرآن" للفراء 2/ 40، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبه ص 217.]]: يعني معدودة قليلة، وذكر العدد عبارة عن القلة، وذلك أن الكثير قد يمتنع من عدده لكثرته، والقليل يعد لقلته، وذكرنا الاختلاف في عدد الدراهم. وقوله تعالى: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ قال الليث [["تهذيب اللغة" (زهد) 2/ 1568.]]: الزهد: الزهادة في الدنيا، ولا يقال الزهد إلا في الدين خاصة، والزهادة في الأشياء كلها، ومعنى الزهد قلة الرغبة، يقال: زهد فلان في هذا، إذا لم يرغب فيه، وأصله من القلة، ومنه يقال: رجل زهيد، إذا كان قليل الطُّعْم، رجل مزهد قليل المال، ومصدر قوله ﴿مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ الزهادة لا الزهد، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 197، القرطبي 9/ 157، البغوي 4/ 225.]]: يريد إخوة يوسف، كانوا في يوسف من الزاهدين. قال الضحاك [[الطبري 12/ 174، وابن أبي حاتم 7/ 2118 أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 19، و"زاد المسير" 4/ 197.]]: لم يعرفوا نبوته، وموضعه من الله، وكرامته عليه، ويجوز أن تعود الكناية في قوله: ﴿فِيهِ﴾ إلى الثمن [["زاد المسير" 4/ 197.]] والمعنى: أن إخوة يوسف كانوا من الزاهدين في الثمن إما لذاته، وإما لأن قصدهم تبعيد يوسف لا الثمن. قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 98.]]: وقوله تعالى: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ (فيه) ليست من صلة الزاهدين؛ لأنها لو كانت من صلته ما جاز أن تقدم عليه، لا يجوز أن تقول: كانوا زيدًا من الضاربين؛ لأن زيدًا [[في (أ)، (ب): (زبدٌ).]] من صلة الضاربين فلا يتقدم الموصول، وهذا في الظروف جائز؛ لأنها أقوى في حذف العامل من غيرها، والتقدير: كانوا زاهدين فيه من الزاهدين، ثم حذف زاهدين الأول؛ لأن العامل في الظروف كثيراً ما يحذف، هذا معنى قوله وبعض لفظه. وأكثر المفسرين [[الطبري 12/ 174، و"الدر المنثور" 4/ 18، والبغوي 4/ 225، و"زاد المسير" 4/ 196.]] على ما ذكرنا في الآية أن إخوته باعوه. وقال قتادة [[عبد الرزاق 2/ 320، والطبري 12/ 173، و"زاد المسير" 4/ 196.]]: باع يوسف الذين استخرجوه من البئر بعشرين درهمًا. وقال محمد بن إسحاق [[الرازي 18/ 107.]]: يقال: إن يوسف باعه إخوته، فربك أعلم إخوته باعوه أو السيارة [[في (ب): (والسيارة).]]، وقيل: شروه هاهنا بمعنى اشتروه، أي: السيارة اشتروه من إخوته، وكانوا فيه من الزاهدين؛ لأنهم قالوا لهم: إنه عبد آبق. قال مجاهد [[الطبري 12/ 186، وابن أبي حاتم 7/ 2117 ب، وابن أبي شيبة: وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 18.]]: كانوا يقولون شددوه لا يأبق، وعلى هذا الزهادة فيه من صفة السيارة، ويجوز أن يعود الكناية في قوله (فيه) إلى الثمن، والمعنى أن السيارة كانوا من الزاهدين في ذلك الثمن، لقلته ورداءته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب