قوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ قال المفسرون: لما سمع المشركون ما قبل هذه الآية قالوا: فإنا نؤمن بالله الذي خلق هذه الأشياء، فأنزل الله هذه الآية. قال ابن عباس [[الطبري 13/ 77، وابن أبي حاتم 7/ 2207، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 75، و"زاد المسير" 4/ 294.]] ومجاهد [[الطبري 13/ 77، وابن المنذر وابن أبي حاتم 7/ 2207.]] وقتادة [[الطبري 13/ 78، وعبد الرزاق 2/ 328، و"زاد المسير" 4/ 293.]]: وما يؤمن أكثرهم في إقراره بأن الله -عز وجل- خلقه وخلق السموات والأرض، إلا وهو مشرك بعبادة الوثن، ونحو هذا قال عكرمة [[الطبري 13/ 77، 78، والثعلبي 7/ 115 أ، و"زاد المسير" 4/ 293.]] والشعبي [[الطبري 13/ 77، 78، والثعلبي 7/ 115 ب، و"زاد المسير" 4/ 293.]]، وعلى هذا المعنى: أنهم كانوا يعترفون بأن الله خالقهم ورازقهم، ويجعلون له شركاء من الأصنام، قال الله: ﴿إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ يعني: إلا وهم جاعلون [[في (ج): (عاجلون).]] له شركاء في حال إيمانهم به، وهذا القول اختيار الفراء [["معاني القرآن" 2/ 55.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 131.]].
وقال ابن عباس [[الثعلبي 7/ 115 ب، و"زاد المسير" 4/ 294، والبغوي 4/ 283.]] في رواية الضحاك: نزلت هذه الآية في تلبية مشركي العرب، وذلك أنهم كانوا يقولون: لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك، فبين الله -عز وجل- أنهم كانوا يجعلون له شريكًا وقت تعبدهم وتقربهم إليه.
وشرح ابن عباس [[الرازي 18/ 224.]] في رواية عطاء شرحًا شافيًا فقال: قال أهل مكة: ربنا وحده لا شريك له، والملائكة بناته فلم يؤمنوا، وقال عبدة الأصنام: ربنا الله وحده والأصأم شفعاؤنا عنده، فلم يؤمنوا. وقالت اليهود: ربنا الله وحده وعزير ابنه، فلم يؤمنوا، وقالت النصارى: ربنا الله وحده والمسيح ابنه، فلم يؤمنوا، وقال عبدة الشمس والقمر: ربنا الله وحده وهؤلاء يشفعون، فلم يؤمنوا، وقال المهاجرون والأنصار: ربنا الله وحده لا شريك له، فآمنوا وصدقوا.
قال أبو علي الفارسي [["الحجة" 1/ 225.]] في هذه الآية: ليس المؤمن هاهنا الذي آمن حقيقة، ولكن المعنى: أن أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم مشركون، وقد يطلق على المُظْهر الإيمانَ بلسانه اسم مؤمن، ولا يجوز أن يراد بذلك المدح، وكان الاسم البخاري على الفعل.
{"ayah":"وَمَا یُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ"}