الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾، وتقرأ (أصلاتك) على واحدة، وتوجيه القراءتين [[قرأ حفص وحمزة والكسائي بالتوحيد، وقرأ الباقون بالجمع، وحجة من وحّد أن (الصلاة) بمعنى الدعاء، والدعاء صنف واحد وهي مصدر والمصدر يقع للقليل والكثير بلفظه، وحجة من جمع أنه قدر أن الدعاء مختلف أجناسه وأنواعه فجمع المصدر لذلك، انظر: "الكشف" 1/ 507، "السبعة" ص 317، "إتحاف" ص 259.]] ذكرناه في سورة براءة [[عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [براءة: 103]. ونقل في توجيه القراءة ما ذكره أبو علي حيث قال: "الصلاة مصدر يقع على الجميع والمفرد بلفظ واحد، كقوله سبحانه: ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: 19]، فإذا اختلفت جاز أن يجمع، لاختلاف ضروبه، كما قال: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾. ومن المفرد الذي يراد به الجمع قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: 35]، وقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: 43]، والمصدر إذا سمي به صار بالتسمية وكثرة الاستعمال كالخارج عن حكم المصادر، وإذا جمعت المصادر إذا اختلفت نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ﴾ فأنْ يُجْمَع ما صار بالتسمية كالخارج عن حكم المصادر أجدر.]]، قال عطاء عن ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 149 عن عطاء.]]: يريدون دينك يأمرك، وعلى هذا كنى عن الدين بالصلوات؛ لأنها من الدين مما كانوا يرونه يفعلها تدينًا، والمعنى: أفي دينك الأمر بذا؟ وهو معنى قول الحسن [[القرطبي 9/ 87.]]، ورُوي عن ابن عباس [[الثعلبي 7/ 54 أ، البغوي 4/ 195، "زاد المسير" 4/ 149، القرطبي 9/ 87.]] أيضًا أنه قال: كان شعيب كثير الصلاة [[في (ي): (الصلوات).]] لذلك قالوا هذا.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾. قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 72.]]: وهذا دليل [[ساقط من (ب).]] على أنهم كانوا يعبدون غير الله -عز وجل-. قال صاحب النظم: قوله: ﴿أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ﴾ وليس للصلاة أمر ولا نهي، وهذا يحمل على أن تكون الصلاة [[ساقط من (ب).]] سببًا للفعل المتصل بها، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45] من أجل صلاته؛ لأن الصلاة من الإيمان والإيمان مانع منهما، فقد صارت الصلاة سببًا للامتناع منهما، فيصح على هذا الترتيب أن يقال: الصلاة مانعة من ذلك وآمرة به، وكذلك قوله: ﴿أَصَلَاتُكَ﴾ أي: من أجل أنك تصلي تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا، أي: صلاتك تحملك على ذلك؟ فلذلك جاز أن يضاف الأمر إليها، فأما قوله: ﴿تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ﴾ أوقع الأمر على شعيب وهو في المعنى واقع على قومه، والتأويل: أصلاتك تأمرك أن تأمرنا أن نترك، فلما ذكر معنى الأمر أولًا اقتصر عليه ولم يُعد ذكره.
وقوله تعالى: ﴿مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ وقد خلوا وماتوا وجاءت الحكاية عن فعلهم على وزن الاستقبال، والتأويل: إن شاء الله أن نترك ما كان يعبد آباؤنا، ومثله قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ [البقرة: 102] أي كانت تتلوا.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ﴾، قال ابن الأنباري [[في (ي): (ابن عباس)، وانظر: "زاد المسير" 4/ 150.]]: (أن) منسوقة على (ما) في قوله ﴿مَا يَعْبُدُ﴾ على تقدير أو نترك أن نفعل وهذا قول الفراء [["معاني القرآن" 2/ 52.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 73.]]، وزاد الفراء قولًا آخر شرحه أبو بكر، وهو: أن تكون (أن) منصوبة بفعل مضمر يراد به تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وتنهانا أن نفعل، فدل الأمر على النهي، فحذف كما حذف البرد لما دل عليه الحر في قوله ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [[النحل:81.]]، ومعنى قوله ﴿أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ قال الكلبي [[نقله ابن الجوزي عن ابن عباس، "زاد المسير" 4/ 150، وانظر: "تنوير المقباس" 144.]]: أي من البخس والظلم ونقص المكيال والميزان، وهو اختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 73.]]؛ قال: المعنى: إنا قد تراضينا بالبخس فيما بيننا.
وقال ابن عباس [["البحر المحيط" 5/ 253 عن ابن المسيب.]] في رواية عطاء: يريد قطع الدنانير والدراهم، وهو قول القرظي [[الطبري 12/ 102، "زاد المسير" 4/ 150، وابن المنذر كما في "الدر" 3/ 627، "البحر المحيط" 5/ 253.]] وزيد بن أسلم [[الطبري 12/ 102، "زاد المسير" 4/ 150، القرطبي 9/ 88، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 627.]]؛ قالوا: كان ينهاهم عن ذلك.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾، قال ابن عباس [[الثعلبي 7/ 54 ب، البغوي 4/ 195، "زاد المسير" 4/ 150.]]. يريدون: السفيه الجاهل، وعلى هذا كنوا بالحليم الرشيد عن السفيه الجاهل.
قال أبو بكر: وهذا التفسير مشاكل للغة [[في (ب): (اللغة).]]؛ لأن العربي يقول لمخاطبه إذا استحمقه: يا عاقل من يقول هذا غيرك؟ يريد يا أحمق، ويقول لمن يستجهله: يا حليم فكر [[ساقط من (ب).]] فيما تسمع، يعني يا جاهل.
قال الشاعر [[البيت لشييم بن خويلد كما في "اللسان" (خفق) 2/ 1214.]]:
فقلت لسيدنا يا حليم ... إنك لم تأس أسواء [[في (ب): (تأسوا سواء).]] رفيقًا
فآخر البيت يدل على أنه استجهله وخاطبه بالحلم كانيا عن غيره، وهذا قول مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 148 ب.]] قال: معناه: إنك لأنت السفيه الضال، وقال الحسن وابن جريج [[الطبري 12/ 103.]] والكلبي وابن زيد وأكثر أهل التأويل: هذا على طريق الاستهزاء بشعيب.
وقال ابن كيسان [[الثعلبي 7/ 54 ب، "زاد المسير" 4/ 150، ورجحه القرطبي 9/ 87.]]: هذا على طريق الصحة، قالوا له: إنك فينا حليم رشيد فليس يليق بك شق عصا قومك ومخالفة دينهم.
{"ayah":"قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق