الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾، قال ابن عباس: يريد على يقين من ربوبية ربي [[ساقط من (ي).]] وعظمته، وروي عنه: على بصيرة ومعرفة [[البغوي 4/ 171، "زاد المسير" 4/ 96، الطبري 12/ 28، "مشكل القرآن وغريبه" ص 210.]].
وقال أهل المعاني: عني بالبينة هاهنا: البرهان من جهة المعجزة التي تشهد بصحة النبوة، وخصهم بهذا في المناظرة؛ إذ هو طريق العلم بالحق، لا ما التمسوا من [[في (ي): (أما).]] اختلاف الخلق في قولهم ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾.
قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 96.]]: ودخول الشرط في قوله ﴿إِن كُنتُ﴾ لا يوجب شكًا لحق النبي في أمره، لكن الشك لاحق للمخاطبين، وتلخيص الكلام: قل أرأيتم إن كنت على بينة من ربي عندكم، وفيما يصح من عقولكم وتقبله أفهامكم، فدخل الشرط في كلام [[ساقط من (ب).]] النبي ﷺ لهذا الترتيب.
وقوله تعالى: ﴿وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ﴾، قال ابن عباس [["تنوير المقباس" /140، "زاد المسير" 4/ 97، القرطبي 9/ 25، ابن كثير 2/ 485.]]: يريد النبوة، قال أبو بكر: وإنما جعلت رحمة؛ لأن الله عز وجل ينتاش [[في (ي): (ساتين). ومعنى ينتاش، من نوش، ومن التناوش أي التناول. مختار == الصحاح 685. ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ سبأ: 52.]] بها الخلق من العطب والهلكة، وقال بعض أهل المعاني [["زاد المسير" 4/ 97.]]: وذكر الرحمة هاهنا نقضًا عليهم فيما ادّعوه من أنه ليس عليهم [[في (ب): تكرار (فيما ادعوه من أنه ليس عليهم). وقوله: (ليس عليهم فضل) كذا في جميع النسخ ولعل فيه سقط هنا (له) فيكون: ليس له عليهم فضل.]] فضل، فبين ذلك بالنبوة والهداية إلى الحق من جهة البرهان المؤدي إلى العلم.
وقوله تعالى: ﴿فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ﴾، ذكر ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 97.]]، وأبو علي [["الحجة" 4/ 322.]] وغيرهما، فيه وجهين:
أحدهما: أن معناه: فخفيت عليكم؛ لأن الله عز وجل سلبكم علمها ومنعكم معرفتها لعنادكم الحق، وأنشد أبو علي قول رؤبة [[البيت لرؤبة بن العجاج، من أرجوزة يصف بها نفسه، برواية "الجاهلين" بدلاً من "الحائرين" في ديوانه، والرجل العمه: المتردد في رأيه أو أعمى القلب. انظر: ديوانه / 166، و"اللسان" 5/ 3114، (عمه)، و"شرح شواهد الشافية" 202، و"شرح شواهد العيني" 3/ 345.]]:
ومهمه أطرافه في مهمه ... أعمى الهدى في الحائرين العمه
أي خفي الهدى. ألا ترى أن الهدى ليس بذي جارحة تلحقها هذه الآفة، قال: ومن هذا قيل للسحاب العما؛ لإخفائه ما يخفيه كما قيل له الغمام.
الوجه الثاني: أن يكون عموا هم عنها، ألا ترى أن الرحمة لا تعمى وإنما يُعمى عنها، فيكون هذا كقولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي، ونحو ذلك مما يقلب إذ لم يكن فيها إشكال، وفي التنزيل: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ [[إبراهيم: 47.]]، قال الشاعر [[من شواهد سيبويه، أراد مدخل رأسه الظل، الكتاب 1/ 92، أمالي المرتضى 1/ 55، "تأويل مشكل القرآن" /194، "معاني القرآن" 2/ 80، السيرافي 1/ 245، "الدرر" 2/ 156، الهمع 2/ 123.]]:
ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه ... وسائره باد إلى الشمس أجمع
وهذا مذهب الفراء [["معاني القرآن" 2/ 12.]]، والوجه الأول معناه [[ساقط من (ي).]]: خفيت عليكم بإخفاء الله تعالى؛ لأنكم لم تسلكوا الطريق المؤدي إليها، والوجه الثاني معناه القلب، وهو تصرف في الكلام من غير إخلال بالمعنى [[ساقط من (ب).]]، إذ هو ظاهر للأفهام، وهذا قراءة عامة القراء [[قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر، (فعميت) بتخفيف الميم وفتح العين، "السبعة" /332، "الحجة" 4/ 321، "التبصرة" / 538، "الكشف" 1/ 527، إتحاف ص 255 - 256، النشر 3/ 114.]]، ويؤكده إجماعهم على قوله ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ﴾ [[القصص / 66، وقد قرئت بالتخفيف بإجماع القراء. انظر: "التبصرة" 5/ 538، "الكشف" 1/ 527، "إتحاف فضلاء البشر" ص 255 - 256، "النشر" 3/ 114.]] أنه بالتخفيف.
وقرأ أهل الكوفة [[قرأ بها حمزة والكسائي وحفص عن عاصم، السبعة / 332، "الحجة" 4/ 322، "التبصرة" / 538، "الكشف" 1/ 527، "إتحاف" ص 255 - 256، "النشر" 3/ 114.]] ﴿فَعَمِيَتْ﴾ مشددة مضمومة العين، قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 97.]]: معناه: فعماها الله تعالى عليكم؛ إذ كنتم ممن حكم عليه بالشقاء، يؤكد هذا التأويل وهذه القراءة: قراءة أبي "فعماها عليكم" [[ذكرها مكي في كتاب الكشف 1/ 527، وعزاها للأعمش، وعزاها في الإتحاف ص 255 - 256 لأبي والأعمش، وعزاها القرطبي 9/ 25، لأبي، وعزاها الطبري 12/ 28 لابن مسعود.]]؛ يعني: الله؛ لأنه اتصل بذكره جل وعز، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 47.]]: هذا ما أجابهم به من قولهم: إن الذين اتبعوك إنما اتبعوك غير محققين، [فأعلمهم أنهم محققون] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] بهذا القول؛ لأنه إذا كان على بينة فمن آمن به فعالم بصير، ومن لم يفهم البينة فقد عمي عليه الصواب.
قوله تعالى: ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا﴾، قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 97.]]: الهاء تعود على الرحمة والمعنى: أنلزمكم قبولها، قال: وإلي هذا المعنى ذهب مقاتل بن سليمان
قال المفسرون وأهل المعاني [[الطبري 12/ 28، "زاد المسير" 4/ 97، القرطبي 9/ 25، ابن عطية 7/ 276، "مشكل القرآن وغريبه" 1/ 210، "معاني القرآن" للنحاس 3/ 343.]]: يقول: لا نقدر أن نلزمكم من ذات أنفسنا ما أنتم له كارهون، والدليل على صحة هذا التأويل قراءة ابن عباس "أنلزمكموها من شطر أنفسنا" [[الطبري 12/ 28، 29، وذكر أيضًا أنها قراءة أبي، ابن عطية 7/ 276، "الدر المنثور" 3/ 591.]] يعني من تلقاء أنفسنا، وهذا استفهام معناه الإنكار، يعني لا نقدر على ذلك، والذي عليّ أن أدل بالبينة، وليس عليّ أن أضطركم إلى المعرفة إذ كرهتم.
وروى سعيد عن قتادة [[الطبري 12/ 29 وفيه (ولكن لم يستطع ذلك ولم يملكه)، ابن أبي حاتم 6/ 2023.
وانظر البغوي 4/ 171، "زاد المسير" 4/ 97، القرطبي 9/ 26، "الدر المنثور" 3/ 591.]] قال: والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه، ولكنه لم يملك ذلك ولم يملكه [[في (ي): (لم يهلك ذلك ولم يملكه).]]، وفي ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا﴾ ثلاث مضمرات: ضمير المتكلم، وضمير المخاطب، وضمير الغائب، وأجاز الفراء [["معاني القرآن" 2/ 12.]] إسكان الميم الأولى، وروى ذلك عن أبي عمرو؛ قال: وذلك أن الحركات توالت فسكنت الميم، وهي أيضًا مرفوعة وقبلها كسرة، وتستثقل كسرة بعدها ضمة، أو ضمة بعدها كسرة، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 48، وعبارته: "وسيبويه والخليل لا يجدان إسكان حرف الإعراب إلا في اضطرار، فأما ما روي عن أبي عمرو من الإسكان فلم يضبط ذلك عنه".]]: وجميع النحويين البصريين لا يجيزون إسكان حرف الإعراب إلا في اضطرار الشعر، فأما ما يروى عن أبي عمرو فلم يضبطه عنه الفراء [[الصحيح (القراء). انظر: "البحر المحيط" 5/ 217.]]، وروى عنه سيبويه أنه كان يخفف الحركة ويختلسها، وهذا هو الحق، وإنما يجوز الإسكان في الشعر كقوله [[البيت لامرئ القيس، عجزه:
إثما من الله ولا واغل
وفي "ديوانه" ص 122:
(فاليوم أسقي ..)، وانظر: "الكتاب" 2/ 297، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 87، == واحتقب الإثم واستحقبه احتمله، ومعناه: "حلت لي الخمر فلا آثم بشربها إذ قد وفيت بنذري فيها. وكان قد نذر ألا بشربها حتى يدرك ثأر أبيه" القرطبي 9/ 26 وانظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 4/ 275.]]: فاليوم أشربْ غير مستحقب
{"ayah":"قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّی وَءَاتَىٰنِی رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّیَتۡ عَلَیۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَـٰرِهُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق