الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ [اختلفوا في معنى "لا جرم"؛ فقال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 91.]]: يقول: حقا إنهم في الآخرة هم الأخسرون] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]]، وكذلك قال أكثر [[ساقط من (ي).]] المفسرين. قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 8.]]: "لا جرم" كلمة كانت في الأصل بمنزلة [[ساقط من (ي).]] (لا بد) و (لا محالة)، فكثر استعمالها حتى صارت بمنزلة (حقا)، ألا ترى أن العرب يقول: لا جرم لآتينك، فتراها بمنزلة اليمين، وكذلك فسرها المفسرون [[انظر: الطبري 12/ 23، البغوي 4/ 169، ابن عطية 7/ 266 - 268، "البحر المحيط" 5/ 212، الرازي 17/ 208، القرطبي 9/ 20.]] في قوله تعالى: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ﴾ حقا [[ساقط من (ب).]]، انتهى كلامه، وعلى هذا معنى ﴿لَا جَرَمَ﴾ أي لا قطع قاطع عن أنهم في الآخرة هم الأخسرون، إلا أنه كثر حتى صار كالمثل، فإذا قالوا: لا جرم، فكأنهم قالوا: حقًا، والأصل مما ذكرنا، ووضع موضع القسم في قولهم: لا جرم لأفعلن كذا، كما قالوا: حقًا لأفعلن، إذ جعلوه بدلاً من اليمين، وهذا قول في هذه الكلمة. وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 46.]]: معنى لا جرمِ: (لا) نفي لما ظنوا أنه ينفعهم، كأن المعنى: لا ينفعهم ذلك، ﴿جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ أي: كسب ذلك الفعل لهم الخسران، وذكرنا ﴿جَرَمَ﴾ هو بمعنى كسب في قوله: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ [[المائدة: 2. قال هنالك: وأكثر أهل اللغة والمعاني يقولون: لا يكسبنكم، ونقل ذلك عن جماعة منهم الفراء وابن الأنباري وأبو علي الفارسي وغيرهم.]]. قال الأزهري [["تهذيب اللغة" 1/ 587 - 588 (جرم)، قال: "وهذا من أبين ما قيل فيه".]]: وهذا من أحسن ما قيل فيه. قال ابن الأنباري: (جرم) على هذا القول فعل ماض، وفاعله مضمر فيه [[ساقط من (ي).]] من ذكر الكفر، و (أنَّ) منصوبة بـ (جرم) كما يقول القائل: كسب جفاؤك زيدًا غضبه عليك، وقد قال الأزهري: [وقد قيل] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]]: (لا) صلة في ﴿لَا جَرَمَ﴾ والمعنى: كسب لهم عملهم الندامة، وقال قوم: (لا) رد على أهل الكفر كما ذكرنا، وجرم معناه أحق صحيح، والتأويل: حق كفرهم ووقوع العذاب والخسران بهم، وهذا مذهب الأخفش [["معاني القرآن" 2/ 459.]]، وسيبويه [["الكتاب" 3/ 138، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 84 - 85.]]، واحتجوا بقول الشاعر [[هو: أبو أسماء بن الضريبة، أو عطية بن عفيف، كما في "مجاز القرآن" 1/ 358، وقد ورد في "معاني القرآن" للأخفش 2/ 459، و"معاني القرآن" للفراء 2/ 9، والزجاج 2/ 45، والخزانة 4/ 310، والكتاب 3/ 138. وقبله: يا كرز إنك قد قتلت بفارس ... بطل إذا هاب الكماة وجببوا كان كرز قد طعن أبا عيينة حصن بن حذيفة الفزاري في يوم الحاجر فقتل به فرثاه الشاعر، وقوله "جببوا" أي فروا. وانظر: "اللسان" (جرم) 1/ 605، "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 588، (جرم).]]: ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا أراد: أحقت الطعنة فزارة الغضب، ورواه بعضهم فزارةُ بالرفع يعني: حققت فزارة الغضب، وأنكر الفراء وأبو العباس هذا القول، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 9.]]: جرمت فزاره بالنصب، والمعنى جرمتهم الطعنة أن يغضبوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب