الباحث القرآني

وقوله تعالي: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ معناه لا أحد أظلم منه، إلا أنه خرج مخرج الاستفهام، مبالغة في أنه أظلم لنفسه من كل ظالم، إذ لا يصح الجواب عمن هو أظلم منه، قال ابن عباس: يريد كذب على الله، مثل قولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وذكرنا ما في هذا في سورة الأنعام [[آية:21. وقد نقل هنالك عن ابن عباس قوله: "ومن أكفر ممن اختلق على الله كذبًا فأشرك به الآلهة"، وقال أهل المعاني: (هذا الاستفهام معناه الجحد، أي لا أحد أظلم منه؛ لأنه جوابه كذلك فاكتفى من الجواب بما يدل عليه).]]. وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ﴾، ذكرنا معنى العرض عند قوله: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ﴾ [[البقرة:31. قال هنالك: "ومعنى العرض في اللغة: الإظهار، ومنه عرض الجارية وعرض الجند، الليث: ويقال أعرض الشيء، أي بدا وظهر".]]، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 44.]]: والخلق كلهم يعرضون على ربهم، وذكر عرض هؤلاء، توكيدًا لما لهم في الانتقام منهم. قال ابن الأنباري: ومعناه أن العذاب نازل بهم غير مندفع [[في (ي): (منتفع).]] عنهم، فذكر عرضهم تصحيحًا لتعذيبهم، وتحقيقًا لما ينزل بهم، فوقع الاختصاص في الآية لما كان المعنى: أولىك لا يفوتون الله ولا يسبقون [[في (ب): (يشفعون).]] عذابه. وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾، الأشهاد: يجوز أن يكون جمع شاهد، مثل صاحب وأصحاب، وناصر وأنصار، ويجوز أن يكون جمع شهيد مثل: شريف وأشراف [[ما سبق من كلام أبي عبيدة. "مجاز القرآن" 1/ 286.]]، قال أبو علي: وهذا كأنه أرجح؛ لأن ما جاء من ذلك في التنزيل جاء على (فعيل) كقوله: ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143] و ﴿وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ﴾ [النحل: 89]. قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 89، والبغوي 4/ 168، و"القرطبي" 9/ 18، وهو قول الطبري 12/ 20.]]: يريد الأنبياء والملائكة، وقال مجاهد والأعمش [[الطبري 12/ 20 - 21 عن مجاهد والأعمش وغيرهم. وانظر: "زاد المسير" 4/ 89، والبغوي 4/ 168، والقرطبي 9/ 18.]]: هم الملائكة الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا. وقال قتادة [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 304، وابن أبي حاتم 4/ 158 ب.]]: يعني الخلائق، ونحو هذا قال مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 144 ب، "زاد المسير" 4/ 89.]]: الأشهاد: الناس؛ كما يقال على رؤوس [الأشهاد، يعني على رؤوس] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] الناس، فالأشهاد على هذه الأقوال: الأنبياء والملائكة والمؤمنون. قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 89.]]: والفائدة في إخبار الأشهاد بما الله يعلمه، تعظيم الأمر على المشهود عليه، وحسم طمعه من أن يجد سبيلا إلى التخلص، بمجاحدة أو مدافعة. وقال غيره: هو توبيخ لهم من الشهداء، وهتك سترهم، وإظهار فضيحتهم. وقوله تعالى: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾، قال ابن عباس: زعموا أن لله ولدًا وشريكًا، ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ قال: يريد المشركين، قال الزجاج [[في (ي): (الحجاج).]]: ومعنى لعنة الله: إبعاده من رحمته وعفوه [["معاني القرآن" 3/ 44.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب