الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾ يعني مثل القرآن في البلاغة؛ وذلك أن القرآن من البلاغة في أعلاها، وأعلى البلاغة معجز. وقوله تعالى ﴿مُفْتَرَيَاتٍ﴾ أي: بزعمكم، أي إن أصبتم في تكذيب القرآن وقولكم فيه إنه مُفترى، يوجب عليكم أن تأتوا بالمعارضة، كما ادعيتم على النبي ﷺ، فقوله ﴿مُفْتَرَيَاتٍ﴾ للمقابلة لا لتحقيق وصف القرآن بأنه مفترى [[وهذا كثير في أسلوب القرآن، ومنه قوله تعالى: كلي وَ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ == مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} النحل: 126، وقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ الشوري: 40.]] ﴿وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي إلى المعاونة على المعارضة، وهذا أتمّ ما لِكون من التحدي [[ساقط من (ب).]] في المحاجة ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في قولكم افتراه. وتفسير مثل هذه الآية قد سبق في سورة يونس عند قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ [يونس: 38]. قوله تعالى: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ [يعني المشركين، لم يستجيبوا لكم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] إلى المعارضة، والخطاب في قوله ﴿لَكُمْ﴾ [[ساقط من (ي).]] للنبي ﷺ[وأصحاب في قول مجاهد [[الطبري 12/ 10، الثعلبي 7/ 35 أ، أبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 583.]]؛ لأنه قال: عني به أصحاب محمد ﷺ. قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 5.]]: هذا كقوله: ﴿عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾، [يونس:83] يريد أن خطاب النبي ﷺ في الآية الأولى كخطاب أصحاب النبي ﷺ]، [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]، فكأنه قال: قولوا: فأتوا بعشر سور، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: 1]. قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 83، القرطبي 9/ 13، الثعلبي 7/ 35 أ، البغوي 4/ 165.]]: العرب قد تذكر الاسم موحدًا ثم ترجع إلى قوم الاسم وأهله وأصحابه فيجمعون، من ذلك قول الشاعر [[لم أقف عليه، وهو من بحر البسيط.]]: دالت علينا [[في (ب): (عليها).]] يمينًا لا تكلمنا ... من غير [[في (أ، ب، ج): بزيادة (ما) وبها ينكسر البيت.]] بأس ولا من ريبة حلفوا فجعل دالت لواحدة مؤنثة ثم رجع إليها وإلى قومها فجمع وقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ﴾، قال ابن الأنباري: هذا خطاب لأهل الكفر بإضمار قول قبله، يراد به: فقولوا لهم: اعلموا أنما أنزل بعلم الله، أي أنزل والله عز وجل عالم بإنزاله، وعالم أنه حق من عنده، ويجوز أن يكون معنى (بعلم الله) أي بما أنبأ الله به من غيب ودلَّ [[ساقط من (ب).]] على ما سيكون وما سلف مما لم [[ساقط من (ي).]] يقرأ به النبي ﷺ كتاباً، والوجهان ذكرهما أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 42.]]. وقال أبو بكر: اعلموا أنما أنزل بعلم الله الذي لكم فيه النفع والشفاء والرشد من أمره ونهيه ووعده ووعيده، وغير ذلك من تعليمه وتشديده، هذا الذي ذكرنا من أن قوله: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ خطاب للنبي ﷺ وأصحابه، مذهب المفسرين وأصحاب المعاني [[الثعلبي 7/ 35 أ، البغوي 4/ 165، ابن عطية 7/ 252، "زاد المسير" 4/ 83، القرطبي 9/ 13، ابن كثير 2/ 481.]] وقال بعضهم [[رجحه الطبري 12/ 10، واستبعد الأول، ابن عطية 7/ 252، القرطبي 9/ 13، ورجحه الرازي 17/ 196، أبو حيان في "البحر" 5/ 209.]]: الخطاب فيه للمشركين؛ أي فإن لم يستجيبوا [[في (ب): (يستجيب).]] لكم من تدعونهم إلى المعاونة ولا تهيأ لكم المعارضة، فقد قامت عليه الحجة ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ استفهام [[ساقص من (ب).]] معناه الأمر، وقد ذكرنا ما فيه [[في (ب): قبله.]] عند قوله في تحريم الخمر: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [[المائدة:91. وقال هناك: "بين تحريم الخمر في قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ إذ كان معناه فانتهوا، قال الفراء: ردد عليّ أعرابي: هل أنت ساكت؟ هل أنت ساكت؟ وهو يريد: اسكت! اسكت!. وقال غيره: إنما جاز في صيغة الاستفهام أن تكون على معنى النهي؛ لأن الله تعالى ذم هذه الأفعال وأظهر قبحها، وإذا ظهر قبح الفعل للمخاطب، ثم استفهم عن تركه لم يسعه إلا الإقرار بالترك".]]، والآية بيان عما يوجبه ترك المعارضة -مع التحدي بها، وتوفر الدواعي إليها- من ظهور المعجز المؤدي إلى العلم بصحة الأمر فيه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب