الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84.]]: ﴿كُلًّا﴾ منصوب بـ (نقص)، المعنى: وكل الذي تحتاج إليه من أنباء الرسل نقص عليك، و ﴿مَاَ﴾ منصوبة بدلا من (كل)، المعنى نقص عليك ﴿مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ قال ابن عباس [[البغوي 4/ 207.]]: يريد لنزيدك يقينا، وفسر التثبيت هاهنا بالتشديد [[في (ي): (التشديد).]] عن ابن عباس [[الثعلبي 7/ 61 أ، القرطبي 9/ 116.]]، وبالتقوية عن الضحاك [[الثعلبي 7/ 61 أ.]] والتصبير عن ابن جريج [[الثعلبي 7/ 61 أ، القرطبي 9/ 116.]]، وهو الأقرب؛ لأن ما يقص عليه من أنباء الرسل إنما هو للاعتبار بها؛ لما فيها من حسن صبرهم على أممهم، واجتهادهم في دعائهم إلى عبادة الله، فإذا سمعها النبي ﷺ كان في ذلك تقوية لقلبه على الصبر على أذى قومه.
وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84، وانظر: "تهذيب اللغة" (ثبت) 1/ 470.]]: وتثبيت الفؤاد وتسكين القلب هاهنا ليس للشك، ولكن كما كانت الدلالة والبرهان أكثر كان القلب أثبت، قال إبراهيم عليه السلام: ﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: 260]، وهذا الذي قال الزجاج معنى قول ابن عباس: لنزيدك يقينا.
وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ﴾، قال ابن عباس [[الطبري 12/ 146، عبد الرزاق 2/ 316، والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم 6/ 2096، وأبو الشيخ وابن مردويه، كما في "الدر" 3/ 646، القرطبي 9/ 116.]] والحسن [[الطبري 12/ 146، "زاد المسير" 4/ 173.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 146، "زاد المسير" 4/ 173.]] والأكثرون: يعني في هذه السورة.
قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84.]] وابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 174.]]: وخصّت هذه السورة؛ لأن فيها أقاصيص الأنبياء ومواعظ، وذكر ما في الجنة والنار.
وقيل [[ساقط من (ب)، ذكر هذا القول الزجاج في معانيه 3/ 84.]]: وجاءك في هذه الآيات التي ذكرت قبل هذا الموضع؛ وهو قوله: ﴿وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ﴾ [هود: 109] وقوله: ﴿وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ﴾ [هود: 111] وقوله: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: 105] الآيات، ويعني بالحق ما ذكر من أن الخلق يجازون بأنصبائهم، وأن بعضهم يصير إلى النار بشقائه، وبعضهم يصير إلى الجنة بسعادته، وخصت هذه السورة أو هذه الآيات بمجيء الحق فيها -وإن كان جميع ما أنزله الله حقا- تشريفًا للسورة ورفعًا لمنزلتها، وغيرها من السور غير منتقص الفضل بما لحق هذه السورة [[ساقط من (ي).]] من الاختصاص [[انظر: "زاد المسير" 4/ 174، "القرطبي" 9/ 116.]]، كقوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: 238] [فاختصاص الوسطى] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] لا يزيل عن غيرها معنى التشريف ووجوب المحافظة عليها، ومثله كثير، وهذا الذي ذكرنا معنى قول أبي إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84.]] وابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 174.]]. وقال الحسن [[الطبري 12/ 147، الثعلبي 7/ 61 أ، "زاد المسير" 4/ 173، البغوي 4/ 207، القرطبي 9/ 116.]] وقتادة [[الطبري 12/ 147، الثعلبي 7/ 61 أ، "زاد المسير" 4/ 173، البغوي 4/ 207، وابن أبي حاتم 6/ 2096، أبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 646، القرطبي 9/ 116.]]: وجاءك في هذه الحق: في الدنيا.
وقوله تعالى: ﴿وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، يريد أنهم يتعظون إذا سمعوا هذه السورة بما نزل بالأمم لما كذبوا أنبياءهم، فتلين قلوبهم لسلوك طريق الحق، ويتذكرون بها الخير والشر، وما يدعو إليه كل واحد منهما من عاقبة النفع والضر، كما دعا إليه الأمم المكذبة الكافرة، والمصدقة المؤمنة.
قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ تهديد ووعيد، يقول ما أنتم عاملون ﴿إِنَّا عَامِلُونَ﴾ وستعلمون عاقبة أمركم ﴿وَانْتَظِرُوا﴾ ما يعدكم الشيطان ﴿إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ ما يعدنا ربنا من النصر والعلو، عن ابن جريج [[الطبري 12/ 148، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 646.]].
وقال ابن إسحاق [[انظر: "تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 255.]] ﴿وَانْتَظِرُوا﴾ ما يحل بكم من العذاب ﴿إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ لذلك.
قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال أبو علي [[القرطبي 9/ 117.]]: الغيب مصدر مضاف إلى المفعول على الاتساع وحذف حرف الجر؛ لأنك تقول (غبت في الأرض)، و (غبت ببلد كذا) فتعديه بحرف الجر، فحذف وأضيف المصدر إلى المفعول به في المعنى، نحو: ﴿مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ [فصلت: 49] و ﴿بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ﴾، [ص: 24] ويحتمل وجهين: أحدهما: ذو [[في (ي)، (جـ): (ذوو).]] غيب السموات والأرض، أي ما غاب فيهما من أولي العلم، والآخر: أن يكون المعنى: ولله علم [[ساقط من (ي).]] غيب السموات والأرض، ويدل على هذا قوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾ [الأنعام: 73].
قال ابن عباس [[الثعلبي 7/ 61 أ، القرطبي 9/ 117.]] في رواية الوالبي: يعني خزائن السموات والأرض، وقال الضحاك [[الثعلبي 7/ 61 أ، البغوي 2/ 407، القرطبي 9/ 117، "زاد المسير" 4/ 175.]]: يعني جميع ما غاب عن العباد.
وقوله تعالى: ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ في المعاد حتى لا يكون للخلق أمركما يكون في الدنيا للفقهاء والأمراء، وقرئ ﴿يَرجع﴾ [[قرأ نافع وحفص عن عاصم (يُرجَع) بضم الياء وفتح الجيم، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم (يَرجعُ) بفتح الياء وكسر الجيم، انظر: "السبعة" ص 340، "الكشف" 1/ 538، "إتحاف" 2/ 137.]]، وذكرنا هذا مستقصى في المعنى والتوجيه عند قوله: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [[البقرة: 210. قال هنالك: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ أي من الجزاء ومن الثواب والعقاب، وذلك أن العباد في الدنيا لا يجازون على أعمالهم، ثم إليه يصيرون، فيعذب من يشاء ويرحم من يشاء .. ويكون المعنى على أن الله ملّك عبيده في الدنيا الأموال والتصرف فيها، ثم يرجع الأمر في ذلك كله إلى الله تعالى في الآخرة فلا يملك أحد شيئًا".]] في سورة البقرة.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾، أي أنه يجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، والمعنى في قوله: ﴿يَعْمَلُونَ﴾ ينصرف إلى جميع الناس مؤمنهم وكافرهم، وقرئ [[قرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. انظر: "السبعة" ص 340، "الكشف" 1/ 538، "إتحاف" 2/ 137.]] (تعملون) بالتاء على معنى قل لهم: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
{"ayah":"وَكُلࣰّا نَّقُصُّ عَلَیۡكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَۚ وَجَاۤءَكَ فِی هَـٰذِهِ ٱلۡحَقُّ وَمَوۡعِظَةࣱ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق