الباحث القرآني
وقوله تعالى: (يوم يأتي) ويقرأ ﴿يَأْتِ﴾ [[قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي "بياء" في الوصل ويحذفونها في الوقف، غير ابن كثير فإنه يثبت الياء في الوصل والوقف، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة بغير "ياء" لا في وصل ولا وقف. انظر: "السبعة" 338، "الإتحاف" ص 261، "الحجة" 4/ 373، الطبري 2/ 115.]] بحذف الياء، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 27.]]: كل ياء أو واو يسكنان وما قبل [الواو مضموم وما قبل] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] الياء مكسور، فإن الحرب تحذفها وتجتزئ بالضمة من الواو وبالكسرة من الياء، وأنشد [[الشاهد بلا نسبة في: "الإنصاف" 329، "اللسان" (ليق) / 4115، "الأشباه والنظائر" 1/ 23 "أمالي ابن الشجري" 2/ 228، "الخصائص" 3/ 90، 133، "معاني القرآن" 2/ 27، 118، 3/ 260، الطبري 12/ 116، وقوله "لا تليق" يقال: ألاقه أي حبسه، يصفه بالجود والغلظة على عدوه.]]:
كفاك كفٌّ لا تُلِيقُ درهمًا ... جودًا وأخرى تُعْطِ بالسيف الدما
وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 77.]]: هذيل تستعمل حذف هذه الياءات كثيراً، وقد حكى سيبويه والخليل أن العرب تقول: لا أدر فتحذف الياء وتجتزئ بالكسرة.
قال أبو علي الفارسي [["الحجة" 4/ 373 - 378 بتصرف.]]: قوله: ﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾، فاعل يأتي لا يخلو من أن يكون اليوم الذي أضيف [[في (ي): (إليه).]] إلى يأتي، أو اليوم المتقدم ذكره، فلا يجوز أن يكون فاعله اليوم الذي أضيف إلى يأتي؛ لأن اليوم هو الفاعل، فلا يجوز أن يضاف إلى فعل نفسه، ألا ترى أنك لا تقول: جئتك يوم يسرك، على أن يكون فاعل السرور اليوم، ويجوز أن يكون جئتك يوم يخرج زيد؛ لأن المعنى فيه: يوم خروج زيد، فتضيف المصدر إلى الفاعل فيتعرف اليوم بفعل مضاف إلى فاعل غير اليوم.
وإذا قلت: (يوم يسرك) يكون معناه وتقديره: (يوم سروره إياك)، ويصير كأنك عرفت اليوم بنفسه؛ لأن الفعل يعرفه الفاعل، واليوم مضاف إلى الفعل المعروف باليوم، وحدُّ جواز هذا أن يكون الظرف مضافا إلى فعل معرف [بفاعل نحو قولك: يوم يخرج زيد، فاليوم معرف] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] بالفعل، والفعل معرف بالفاعل، وإذا قدرت الظرف فاعلاً يعرف به الفعل، والفعل هو الذي يعرف الظرف، كأنك إنما عرفت الظرف بنفسه؛ لأنك أضفته إلى الفعل المعرف به [[ساقط من (ي).]] فصار هذا نظير قولك: هذا يوم حره، تريد: حر اليوم، ويوم برده، فلا يصح أن يعرف اليوم بشيء مضاف إلى اليوم، وليس هذا [[ساقط من (ي).]] مثل سيد قومه، فتضيفه إلى ما هو مضاف إليه؛ لأن قومه وما أشبه ذلك شيء معروف يقصد إليه، وقولك يوم سروره زيدًا ويوم يسرك إنما هو مضاف إلى فعل، وإنما يقوم الفعل بفاعله، ليس أن الفعل شيء منفصل يقصد إليه في نفسه، و (واحد أمه)، و (عبد بطنه)، مضافان إلى الأم والبطن، وكل واحد منهما ظاهر يقوم بنفسه، وكذلك لا يجوز أن [تضيف الظرف إلى جملة معرف يضمره [[كذا في الأصل، ولعل الصواب (معرفة بضميره) أي معرفة بضمير عائد على الظرف. حتى يستقيم السياق.]] وإن كانت ابتداءً وخبرًا؛ لا يجوز أن] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] تقول: (آتيك يومَ ضحوتُه باردة)، ولا (ليلةَ أولها مطير)، فإن نوّنت في هذا وفي الأول حتى يخرج من حد [[في (ي): (وجه).]] الإضافة جاز، فقلت: آتيك يومًا ضحوته باردة، وآتيك يومًا يسرك. وهذا قول أبي عثمان، فإذا لم يجز أن يكون (يوم) في قوله ﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾ [فاعل يأتي] [[ساقط من (ب).]] ثبت أن في (يأتي) ضمير اليوم المتقدم ذكره في قوله: ﴿لِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾، وتقديره: يوم يأتي هذا اليوم الذي تقدم ذكره ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ﴾، واليوم في قوله: ﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾ هو المراد به الحين والبرهة، ليس [[في (في): (بإضافة على).]] وضح النهار.
فأما قوله: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ يحتمل ضربين:
أحدهما: أن يكون حالاً من الذكر الذي في ﴿يَأْتِ﴾، ونقدر فيه ضميرًا يرجع إلى ذي الحال، وتقديره: يوم يأتي ذلك اليوم غير متكلم فيه نفس، ومن قدَّر هذا التقدير كان أجدر بأن يحذف الياء من ﴿يَأْتِ﴾؛ لأنه كلام مستقل [[في (ب): (مستقبل).]] فيشبه [[ساقط من (ي).]] -من أجل ذلك- الفواصل وإن لم يكن فاصلة، كما أن حذف الياء من قوله: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ [الكهف: 64] لما كان كلامًا تامًّا أشبه الفواصل فحسن الحذف له.
الضرب الثاني: أن يكون قوله: ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ﴾ صفة اليوم المضاف إلى ﴿يَأْتِ﴾؛ لأن اليوم في (يوم يأتي) مضاف إلى الفعل، والفعل نكرة، فإذا كان كذلك لم يمتنع أن يوسف به اليوم، كما يوسف النكرة بالجملة من الفعل والفاعل، والمعنى: لا تكلم فيه نفس، فحذف فيه أو حذف الحرف وأوصل الفعل إلى المفعول به، ثم حذف الضمير من الفعل الذي هو صفته، كما يحذف من الصلة، ومثل ذلك قولهم: الناس رجلان رجل أكرمت ورجل أهنت.
وعلى هذا أيضًا لا يمتنع حذف الياء من في ﴿يَأْتِ﴾؛ لأن الصفة قد يستغني عنها الموصوف كما أن الحال كذلك، إلا أن من الصفات ما لا يحسن أن يحذف فيصير لذلك أشبه بغير الكلام التام، فأما إثبات الياء في الوصل والوقف وإسقاطها؛ فمن أثبتها في الوصل فهو القياس البين؛ لأنه لا شيء يوجب حذف الياء إذا وصل، وأما من حذف في الوقف فلأنها -وإن لم تكن فاصلة- أمكن أن تشبه بالفاصلة قياسا عليها؛ لأن هذه الياء تشبه الحركة؛ لأن الجازم يسقطها كما يسقط الحركة، فكما أن الحركة تحذف في الوقف، فكذلك ما أشبهها، ومن وقف بالياء فهو حسن؛ لأنها أكثر من الحركة في الصوت، فلا ينبغي إذا حذفت الحركة للوقف أن تحذف الياء له، كما لا تحذف سائر الحروف، ويدل على أن الياء [[في (ب): (تترك).]] تنزل عندهم منزلة سائر الحروف تقديرُهم الحركة فيها في نحو [[صدر بيت لقيس بن زهير العبسي، وعجزه: == بما لاقت لبون بني زياد
قالها في إبل للربيع بن زياد العبسي، استاقها قيس وباعها بمكة؛ لأن الربيع كان قد أخذ منه درعًا ولم يردها عليه.
انظر: "شعره" 29، "الكتاب" 2/ 32، "حاشية النوادر" ص 523، "سر صناعة الإعراب" 78، 631، "الإيضاح" للفارسي ص 233، "الإنصاف" ص 22، "الدر المصون" 6/ 397، "الخصائص" 1/ 333، "شرح شواهد الشافية" ص 48، "الحجة" 1/ 93.]]: ألم يأتيك والأنباء [[في (ب): (ألم تأتيك الأنباء).]] تنمي
فكأنهم قدروا أنها [[ساقط من (ي).]] كانت متحركة ثم سكنت للجزم كسائر الحروف، وتحريكهم لها في الشعر يدل أيضًا على [[ساقط من (ي).]] أنها عندهم بمنزلة سائر الحروف، وذلك نحو قول الشاعر [[صدر بيت لجرير من قصيدة هجا بها الأخطل، وعجزه:
ويومًا ترى منهن غُولًا تَغَوَّلُ
ويُروى (ماضيًا) مكان ماض أي من غير ميل منهن إليَّ، وتغول: تتلون. انظر: "الديون" 455، "النوادر" 203، "الحجة" 1/ 325، "الكتاب" 3/ 314، "المقتضب" 1/ 144، "خزانة الأدب" 8/ 358، "الخصائص" 3/ 159، "شرح المفصل" 10/ 101، "اللسان" (غو) 6/ 3318، (مضى) 7/ 4222.]]:
فيومًا يوافين الهوى غير ماضِيٍ
وأما من حذف في الوصل والوقف، فلأنه جعلها بمنزلة ما استعمل محذوفًا مما لم يكن ينبغي في القياس أن يحذف، نحو ولم يكُ ولا أدر [[نهاية النقل عن "الحجة" 4/ 373 - 378 بتصرف.]].
وقوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ﴾ أي من الأنفس في ذلك اليوم؛ لأن النفس في قوله: ﴿لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ﴾ لم يرد به واحداً، فصار كقوله: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: 47] وقوله تعالى: (شقي) يقال: شقي [["تهذيب اللغة" (شقو) 2/ 1908، "اللسان" (شقى) 4/ 2304.]]، يشقى، شقاء، وشقاوة، وشِقْوة، وأصل معنى الشقاء في اللغة: الشدة والعسرة يقال: شاقيت فلانا مشاقاة [[في (ب): (مشاقة).]]: إذا عاسرته وعاسرك قال [[الرجز بلا نسبة في اللسان (شقا) 4/ 2304، "تهذيب اللغة" 8/ 1902، "أساس البلاغة" (شقو)، "تاج العروس" (شقي) وبعده:
يكاد من ضعف القوى لا ينبعث]]:
إذا تشاقى الصابرات لم يرث
يعني: جملاً يصابر جمالًا على شدة المشي والتعب، قال ابن عباس [[الثعلبي 7/ 56 ب، "زاد المسير" 4/ 158.]]: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ﴾ كتبت عليه الشقاوة، ﴿وَسَعِيدٌ﴾ كتبت عليه السعادة.
{"ayah":"یَوۡمَ یَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ فَمِنۡهُمۡ شَقِیࣱّ وَسَعِیدࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق