الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ﴾، (ما) هاهنا موصولة بمعنى (الذي) وهي مرتفعة بالابتداء وخبرها (السحر)، قال الفراء: وإنما قال: ﴿السِّحْرُ﴾ بالألف واللام؛ لأنه جواب لكلام [[من (م) وفي بقية النسخ: (الكلام)، والصواب ما أثبته وهو موافق للمصدر.]] قد سبق، ألا ترى أنهم قالوا لما جاءهم به موسى ﴿هَذَا سِحْرٌ﴾ [[ورد قولهم هذا في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [النمل: 13].]] فقال موسى: بل ما جئتم به السحر [[اهـ. كلام الفراء، انظر: "معاني القرآن" 1/ 475.]]. قال أبو بكر: فوجب دخول الألف واللام؛ لأن النكرة إذا عادت عادت معرفة، يقول الرجل لمخاطبه: لقيت رجلاً، فيقول له: من الرجل؟ فيعيده بالألف واللام، ولو قال له من رجل؟ لم يقع في وهمه أنه يسأله عن الرجل الذي ذكره له [[ذكره الرازي في "تفسيره" 17/ 142، لكنه لم ينسبه لابن الأنباري، بل أدخله ضمن قول الفراء.]]. وقرأ أبو عمرو (آلسحر) بالاستفهام [[انظر: كتاب "السبعة" ص 328، "إرشاد المبتدي" ص 365، "النشر" 1/ 378، "إتحاف فضلاء البشر" ص 253.]] و (ما) على هذه القراءة استفهام يرتفع بالابتداء، و ﴿جِئْتُمْ بِهِ﴾ في موضع الخبر كأن قيل: أي شيء جئتم به؟ ثم قال على وجه التقرير والتوبيخ (آلسحر)؟ كقوله تعالى: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾ [المائدة: 116] ونحوه كثير، و (آلسحر) بدل من المبتدأ، ولزم أن يلحقه الاستفهام ليساوي المبدل منه في أنه استفهام، كما تقول: كم مالك؟ أعشرون أم ثلاثون؟ فجعلت (أعشرون) بدل من كم، ولا يلزم أن يضمر للسحر خبر؛ لأنك [[في (ح) و (ز): (خبرًا أنك) وهو خطأ.]] إذا أبدلته من المبتدأ صار في موضعه، وصار ما كان خبرًا لما أبدلت [[في (ح) و (ز): (أنزلت) وهو خطأ.]] منه في موضع خبر البدل [[انظر هذا التوجيه للقراءة في: "الحجة للقراء السبعة" 4/ 290.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ﴾ سيهلكه ويظهر فضيحة صاحبه، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي: لا يجعله ينفعهم؛ لأن معنى إصلاح العمل تقويمه على ما ينفع بدلا بما يضر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب