الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ﴾ أي خلق، وذكرنا معنى الجعل عند قوله: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ﴾ [[قال في هذا الموضع: وأما (جعل) فلها أحوال منها: جعل: صير، ومنها جعل: أوجب، ومنها جعل: خلق، ومنها جعل: صلة لما بعده، مثل: جعل يعرفه، نحو طفق وأنشأ وأقبل، كل منها صلة لما بعده من الفعل.]] [المائدة: 103]. وقوله تعالي: ﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾، قال ابن عباس: يقول جعلت الليل راحة لكم لتسكنوا فيه مع أزواجكم وأولادكم [["تنوير المقباس" ص 216 بمعناه مختصرًا.]]. وقال أهل المعاني: جعل الليل ليزول التعب والكلال بالسكون فيه، وجعل النهار مبصرًا: أي: مضيئًا لتهتدوا به في حوائجكم بالإبصار، والمبصر الذي يبصر، والنهار يبصر فيه وإنما جعله مبصرًا على طريق استعارة صفة الشيء لسببه للمبالغة [[لم أقف عليه عند أهل المعاني، وقد ذكره من غير نسبة الرازي في "تفسيره" 17/ 131.]]، كما قال جرير: لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى [[في (خ) و (ز): (بالسرى).]] ... ونمت وما ليل المطي بنائم [["ديوان جرير" ص 993، "خزانة الأدب" 1/ 465، "كتاب سيبويه" 1/ 160.]] وقال رؤبة: فنام ليلي وتجلى همي [[البيت في "ديوان رؤبة" ص 142، وفيه: وتقضى همي.]] ومثله قوله: ﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ [إبراهيم: 18]، وذكرنا الكلام هناك بأبسط من هذا [[قال في هذا الموضع: قال الفراء: جعل العصوف تابعًا لليوم في إغوائه، وإنما العصوف للرياح، وذلك جائز على وجهين، أحدهما: أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به؛ لأن الريح تكون فيه، وقال أبو عبيدة: العرب تفعل ذلك في الظرف، قال الفراء: الوجه الآخر: أن يريد: في يوم عاصف الريح، فيحذف الريح؛ لأنها قد ذكرت في أول الكلام.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ يريد: يسمعون سماع اعتبار، أنه مما لا يقدر عليه إلا عالم قاصد مدبر لهما، وأنه نعمة على العباد بما لهم فيه من الانتفاع والصلاح.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب