الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا﴾ الآية، هذا جواب لقولهم: متى هذا الوعد، وهذا استعجال منهم للعذاب [[في (م): (للعقاب).]]، فقيل للنبي ﷺ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ أي أعلمتم [[في (ى): (علمتم).]]، والرؤية هاهنا من رؤية القلب لا من رؤية العين، ﴿إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ﴾ أي عذاب الله ﴿بَيَاتًا﴾، قال الزجاج: البيات: كل ما كان بليل، وهو منصوب على الوقت [[يعني نصب على الظرفية.]] [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 24.]]، ﴿أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [يجوز أن يكون (ماذا) اسمان، فيكون (ما) استفهامًا، و (ذا) بمعنى (الذي)، ويكون المعنى ما الذي يستعجل منه المجرمون؟] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).]] كقولك: أي شيء الذي يستعجل من العذاب المجرمون؟ أي يستعجله؛ فـ (ما) على هذا في موضع رفع، و (ذا) بمعنى (الذي) خبره، والعائد إن صلته إليه الهاء المقدر في (يستعجل)، فإن جعلت [[في (ح): (جعل).]] (ما) و (ذا) اسمًا واحدًا كان في موضع نصب كأنه في التمثيل: أي شيء يستعجل المجرمون من العذاب أو من الله؟ هذا كلام أبي علي الفارسي [[انظر: "الإغفال" ص 865، وما بعدها.]] في شرح كلام أبي إسحاق، وذكر أبو إسحاق أن (ما) في [[ساقط من (ح) و (ز).]] موضع [[في (ح) و (ز): (موضعه).]] رفع من جهتين [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 24، وعبارته: (ما) في موضع رفع من جهتين، إحداهما: أن يكون (ذا) بمعنى (ما الذي)، ويجوز أن يكون (ماذا) اسمًا واحدًا، ويكون المعنى: أي شيء يستعجل منه المجرمون.]]، وأنكر أبو علي أن تكون في موضع رفع إلا من جهة واحدة، وهي ما ذكرنا من الابتداء، وذكر الكلام عليه في "المسائل المصلحة" [[يعني "الإغفال"، انظر ص 865.]]. قال أبو إسحاق: والأجود أن تكون الهاء في (منه) تعود على العذاب [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 24.]]. وأما معنى هذا الاستفهام فقال ابن الأنباري وصاحب النظم: معناه: التهويل والتحذير والتفظيع، أي: ما أعظم ملتمسهم، وأشد وقوع الذي يبغون، ونزوله بهم، وهذا كقولك لمن هو في أمر تستوخم [[تستوخم: أي تستردئ وتستثقل. انظر: "اللسان" (وخم) 12/ 631.]] عاقبته: ماذا تجني على نفسك؟ [[ذكره القرطبي في "تفسيره" 8/ 350 دون نسبة.]]، وكقول الشاعر [[هو: كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه. انظر: "الصحاح" (هوى) 6/ 2539، "تهذيب اللغة" (هوى) 6/ 492، "الأمالي" للقالي 2/ 150، "التكملة" للصغاني (هـ وى) 6/ 540، "لسان العرب" (هوا) 15/ 373. ومعنى هوت أمة: أي هلكت، كما في المصدر الأخير، نفس الموضع.]]: هوت أمه ما يبعث الصبح غاديًا ... وماذا يؤدي الليل حين يؤوب فهذا الاستفهام معناه التعظيم لشأن من ذكر، والتهويل منه. وقال بعض أصحاب المعاني [[يعني الحوفي، انظر: "البحر المحيط" 6/ 68، "الدر المصون" 6/ 215، والنسخة التي بين يدي من كتابه "البرهان" ينقصها سورة يونس، وبعض سورة التوبة.]]: تقدير الآية ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ أي أعلمتم؛ لأن هذا من رؤية القلب فيكون معناه العلم، ماذا يستعجل المجرمون من العذاب إن أتاكم بياتًا أو نهارًا؟ أي: أعلمتم أي شيء استعجلوه [[هكذا، والسياق يقتضي أن يقول: استعجلتموه.]] إن أتاكم، يعني في العظم [[في (ج): (العلم).]] والفظاعة، وهذا على التقديم والتأخير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب