الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً﴾، قال أبو علي: الضياء لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون جمع ضوء، كسوط وسياط، وحوض وحياض، أر مصدر ضاء يضوء ضياءً، كقولك قام قيامًا، وصام صيامًا [[في "الحجة": عاد عيادةً.]]، وعلى أي الوجهين حملته فالمضاف محذوف، والمعنى: جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور، ويجوز أن يكون جُعلا النور والضياء لكثرة ذلك منهما [[اهـ. كلام أبي علي، انظر: "الحجة للقراء السبعة" 4/ 258.]]. وروي عن ابن كثير من طريق قنبل [[هو: محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي مولاهم، أبو عمر المكي، مقرئ أهل مكة في عصره، وراوية الإمام ابن كثير، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز، وتوفي سنة 291 هـ. انظر: "معرفة القراء الكبار" 1/ 230، "غاية المنتهى" 2/ 165، "النشر في القراءات العشر" 1/ 115.]] (ضئاءً [[ساقط من (م).]] بهمزتين [[انظر: "السبعة" ص 323، "التيسير" ص 120، "إرشاد المبتدي" ص 359، " النشر" 1/ 406.]]، وأكثر الناس على تغليطه في ذلك [[انظر: "السبعة" ص 323، "النشر" 1/ 406، "البحر المحيط" 5/ 125، ولا وجه لتغليط قنبل إذ وافقه الحلواني عن القواس، عن ابن كثير، انظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 328، "النشر" 1/ 406، وانظر توجيه القراءة والرد على من ضعفها في "الدر المصون" 6/ 151 - 152.]]؛ لأن ياء [[ساقط من (ح).]] ضياء منقلبة عن واو، مثل ياء قيام وصيام فلا وجه للهمز فيها، وعلى البعد يجوز أن يقال: الهمزة في موضع العين [من (ضياء) يكون على القلب كأنه قَدَّم اللام التي هي همزة إلى موضع العين] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] وأخَّر العين التي هي واو إلى موضع اللام، فلما وقعت طرفًا بعد ألف زائدة انقلبت [همزة كما انقلبت] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).]] في سقاء [[أجل سقاء، سقاي؛ لأنه من سقى يسقي، فلما تطرفت الياء بعد ألف زائدة انقلبت همزة.]] وبابهن وهذا إذا قدر الضياء جمعا كان أسوغ، ألا ترى أنهم قالوا: [قوس وقسي؛ فصححوا الواحد وقلبوا في الجمع [[قال الجوهري: أصل قسي: قووس؛ لأنه (فعول) إلا أنهم قدموا اللام وصيروه قسو على (فلوع) ثم قلبوا الواو ياء وكسروا القاف كما كسروا عين عِصِيّ، فصارت فسي على (فِليع). "الصحاح" (قوس)، "لسان العرب" (قوس).]]، وإذا قدرته مصدرًا كان أبعد؛ لأن المصدر يجري على فعله في الصحة والاعتلال، والقلب ضرب من الاعتلال فإذا لم يكن في الفعل امتنع أن يكون في المصدر أيضاً، ألا ترى أنهم قالوا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).]]: لاوذ لواذا، وبايع بياعا فصححوهما [[في (ى): (فصححوا)، والمثبت موافق لـ"الحجة"، وهو أنسب للسياق.]] في المصدر لصحتهما في الفعل، وقالوا: قام قيامًا، فأعلوه [[في (ح): (علّوه).]] ونحوه؛ لاعتلاله في الفعل [[نقل الواحدي توجيه القراءة من "الحجة للقراء السبعة" 4/ 258.]]. وقوله تعالى: ﴿وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" 1/ 458.]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 7.]]، وابن الأنباري وغيرهم [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 86، والثعلبي 7/ 5 أ، والبغوي 4/ 121، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 50.]]: خص القمر بالعائد لأن به تعرف المشهور دون الشمس فلحقه الاختصاص، قالوا: ويجوز أنه أراد: وقدرهما، فاكتفى بإعادة الذكر على أحدهما اختصارًا، ولهذا نظائر قد تقدمت [[انظر مثلاً: تفسير قول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: 62].]]. ومعنى قدر: أي هيأ ويسر [[في "لسان العرب" (قدر) تقدير الله الخلق: تيسيره كلًّا منهم لما علم أنهم صائرون إليه من السعادة والشقاء.]]، وقوله: ﴿وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ﴾ يتوجه علي أحد وجهين [[في (خ): (الوجهين).]]: إما أن يقال: المعنى: قدر له منازل، فحذف الجار وأفضى الفعل، وإما إن يقال: قدره [[ساقط من (ح).]] ذا منازل، فحذف المضاف [[انظر الوجهين في "التبيان في إعراب القرآن" ص 433.]] وقوله تعالى: ﴿لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾، قال ابن عباس: يقول: لو جعلت شمسين شمسًا بالنهار وشمسًا بالليل ليس فيها ظلمة [[في (خ): (ظل).]] ولا ليل لم تعلموا عدد السنين والحساب [[ذكره القرطبي في "تفسيره" 8/ 310.]]. قال الكلبي: يعني حساب المشهور والسنين والأيام والساعات [["تنوير المقباس" ص 208 عنه، عن ابن عباس مختصرًا.]]. وقوله تعالى: ﴿مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ يعني ما تقدم [[ساقط من (ي).]] ذكره من الشمس والقمر ومنازله، ﴿ذَلِكَ﴾ يُشار به إلى أكثر من الواحد، وذكرناه في قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: 68] مستقصى مشروحًا [[ساقط من (ح).]]. وقوله تعالى: ﴿بِالْحَقِّ﴾، قال ابن عباس: يريد بالعدل؛ لأنه هو الحق، وكل ما جاء من عنده هو الحق [[لم أقف عليه.]]، وعلى هذا، المعنى: ما خلق الله ذلك إلا عادلًا في خلقه لم يخلقه ظلمًا ولا باطلاً، بل إظهارًا لصنعه ودلالة على قدرته وحكمته، وقال بعضهم: الباء هاهنا بمعنى اللام، والمعنى ما خلق الله ذلك إلا للحق [[انظر: "زاد المسير" 4/ 9، "البحر المحيط" 5/ 126.]]، وهو ما ذكرنا من إظهار صنعه وقدرته ووحدانيته، وذكرنا وجهًا آخر في قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ﴾ في سورة الأنعام [[الآية 73. من "تفسير البسيط" ونصه: (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق: أي بكمال قدرته وشمول علمه، وإتقان صنعه، وكل ذلك حق) اهـ. ثم أحال على آية سورة يونس.]]. وقوله تعالى: ﴿نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ أي نبينها ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أي يتدلون بالأمارات والبراهين على قدرة الله، ولهذا خص العلماء؛ لأنهم المستدلون دون الجُهّال الذين لا يبلغون هذه المنزلة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب