الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 20 بنحوه.]]، وابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 32 مختصرًا.]]: هذا جواب لقولهم ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا﴾ [يونس: 15] و (أن) مع (يُفْتَرَى) مصدر مقضيًا عليه بالنصب تقديره: وما كان هذا القرآن افتراءً من دون الله، كما تقول: ما كان هذا الكلام كذبًا. ﴿وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [أي: ولكن كان تصديق الذي بين يديه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] من الكتب وأنباء الأمم السالفة وأقاصيص أنبيائهم، وهذا قول المفسرين [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 117، والماوردي 2/ 435، والبغوي 4/ 134.]]. قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون المعنى: ولكن تصديق الذي بين يديه [[في "معاني القرآن وإعرابه" المطبوع: يدي، والصواب ما ذكره الواحدي؛ لأن القرآن قبل البعث، ولو قيل: البعث بين يدي القرآن لكان المعنى: البعث قبيل القرآن، وهذا لا يصح، وفي "لسان العرب" (يدي) 8/ 4954: يقال: بين يديك كذا لكل شيء أمامك، قال الله -عز وجل-: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ [الأعراف: 17] ويقال: إن بين يدي الساعة أهوالاً، أي: قدامها.]] القرآن، أي تصديق الشيء الذي تقدمه القرآن، أي يدل على أمر البعث والنشور [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 20.]]، فعلى القول الأول الكناية في ﴿يَدَيْهِ﴾ تعود إلى القرآن، وعلى القول الثاني تعود إلى الذي قال ابن الأنباري [[لم يرد لابن الأنباري قول في هذه الجملة من الآية، ولا يمكن أن يكون مراده قول ابن الأنباري الآتي، لعدم اتفاقه مع معنى القول الثاني، ولعل المؤلف يريد قول أبي إسحاق الزجاج.]]. تحقيق القول الأول: ولكن تصديق الوحي الذي بين يدي القرآن من الكتب، فالقرآن شاهد لما تقدمه من الكتب أنها حق، وموافق لها في الأخبار وشاهد لها، إذ جاء على ما تقدمت به البشارة فيها. وتحقيق القول الثاني: ولكن تصديق البعث الذي القرآن بين يديه؛ لأن القرآن يخبر بالبعث، ويدعو إلى الاستعداد له، قال أبو بكر: ويحتمل أن يكون المعنى ولكن تصديق النبي [[في (ح): (الشيء)، وهو خطأ.]] الذي بين يدي القرآن [[يعني محمدًا ﷺ، وانظر تفسير القول في "الجامع لأحكام القرآن" 8/ 344.]]؛ [لأنهم شاهدوا النبي ﷺ وعرفوه قبل أن يسمعوا منه القرآن [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 32.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]]. وقوله تعالى: ﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ﴾ أراد وتفصيل ما في الكتاب من الحلال والحرام والفرائض والسنن والأحكام، وما في الكتاب هو الكتاب لذلك قال: ﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ﴾ كأن المعنى وتفصيل المكتوب من هذه الأشياء، والتفصيل: التبيين، وقد مر، وهذا معنى قول ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 213.]]. وقال الحسن: ﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ﴾ الوعد لمن آمن بالنعيم، والوعيد لمن عصي بالعذاب الأليم [[لم أجده.]]، والمعنى على هذا أيضًا: تفصيل المكتوب من الوعد والوعيد، والقرآن أتى ببيان هذا، وقوله تعالى: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ أي في كونه ونزوله من رب العالمين، قال ابن عباس: يريد أنه من عند رب العالمين [["تنوير المقباس" ص 213 بمعناه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب