الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ﴾، قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 213.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 140 أ.]]، والمفسرون [["تفسير ابن جرير" 11/ 115، والسمرقندي 2/ 98، "الدر المنثور" 3/ 552.]]: يعني آلهتهم التي يعبدون من دون الله، وذكرنا معنى إضافة الشركاء إليهم في قوله: ﴿أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾ [يونس: 28].
وقوله تعالى: ﴿مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾ أي: يرشد إلى دين الإسلام، ﴿قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ أي: إلى الحق.
قال أبو إسحاق: تقول هديت إلى الحق وهديت للحق بمعنى واحد [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 19.]] وهذا مما ذكرناه في أول الكتاب [[في أول البقرة [2].]].
قال ابن عباس: يريد [[ساقط من (ى)، وفي (ح): (يريد به).]] يرشد إلى الحق أهل الحق [[ذكره بمعناه ابن زنجلة في "حجة القراءات" ص 332.]].
قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي﴾ أي: آلله الذي يهدي ويرشد إلى الحق أهل الحق أحق أن يتبع أمره، أو الأصنام التي لا تهدي أحدًا ولا تهدي إلى خير؟! وهذا معنى قول ابن عباس [[انظر: "تنوير المقباس" ص 213، "حجة القراءات" ص 332.]]، والحسن [[لم أعثر على قوله.]]، والمفسرين [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 116، والثعلبي 7/ 14 ب، والسمرقندي 2/ 98، والبغوي 4/ 133، وابن كثير 2/ 457.]].
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾، قال ابن عباس: يريد يرشد، وما ذلك إلا بيد الله، وما يفعله إلا بأوليائه [[لم أقف عليه.]].
وقال مقاتل: ﴿إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾ يعني: هذا الذي يعبد الأوثان [[نص عبارة مقاتل: إلا أن يهدى، وبيات ذلك في: ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾ [النحل: 76] انظر: "تفسير مقاتل" 140 ب.]]، فعلى هذا الهداية لا ترجع إلى الوثن إنما ترجع إلى عابده، وتصحيحه في النظم أن يكون التقدير: أمن [[في (ح): (أم لا).]] لا يهدي غيره أو عابده أو أحدًا، ثم حذف المفعول وتم الكلام، ثم قال: ﴿إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾ على الاستثناء المنقطع بمعنى: لكن إن هدي ذلك العابد اهتدى، أي إن هداه الله اهتدى، فأما الصنم فلا هداية عنده، وهذا المعنى على قراءة من قرأ (أَمَّنْ لَا يَهْدي)
ساكنة الهاء خفيفة الدال [[وبهذا قرأ حمزة والكسائي وخلف. انظر كتاب "السبعة" ص 326، "إرشاد المبتدي" ص 362، "تقريب النشر" ص 122، "إتحاف فضلاء البشر" ص 249.]].
وقرئ (يَهَدّي) [[بفتح الياء والهاء وتشديد الدال، وهي قراءة ابن كثير وابن عامر وورش وأبي عمرو في أحد الوجهين. انظر المصادر السابقة، نفس المواضع.]]، و (يِهِدّي) [[بكسر الياء والهاء وتشديد الدال، وهي قراءة أبي بكر عن عاصم.]]، و (يَهِدّي) [[بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال، وهي قراءة حفص عن عاصم، ويعقوب.]]، و (يَهْدّي) [[بإسكان الهاء وتشديد الدال، وهي قراءة نافع وأبي عمرو، غير أن أبا عمرو كان يشم الهاء شيئًا من الفتح. انظر المصادر السابقة، نفس المواضع.]]، ومعانيها كلها (يفتعل) وإن اختلفت ألفاظها.
والجميع أدغموا التاء في الدال لمقاربتها لها؛ ألا ترى أن التاء والطاء والدال من حيز واحد.
واختلفوا في تحرك الهاء، فمن فتح الهاء ألقى حركة الحرف المدغم وهي الفتحة على الهاء كما ألقاها على ما قبل [[في (ى): (قبلها).]] المدغم في مُعِدّ ومُمِدّ، ومن حرك الهاء بالكسر فلأن الكلمة عنده تشبه المنفصلة، فلم يُلق حركة المدغم على ما قبله نحو (قومْ موسى) إذا أدغم [[في "الحجة للقراء السبعة" 4/ 277 الذي نقل منه النص: واسم موسى لا يُلقى على الساكن منه حركة المدغم.]] لا يلقى على الساكن منه حركة المدغم فلما لم يجز ذلك تركت الهاء على سكونها، فالتقت مع [[في (ح): (على).]] الحرف المدغم، وهما ساكنان فحرك الأول منهما بالكسر لالتقاء الساكنين، ومن سكّن الهاء جمع بين الساكنين، وقد بينا حكم الجمع بين ساكنين في هذا النحو فيما تقدم.
ومن قرأ (يِهِدّي) بكسر الياء والهاء فقال الزجاج: هي رديئة لثقل الكسر في الياء [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 19، ولا معنى لوصفها بالرداءة وهي قراءة متواترة، قال السمين الحلبي في "الدر المصون" 6/ 199 بعد أن نقل رأي سيبويه في منع كسر ياء المضارعة: وهذا فيه غض من قراءة أبي بكر، لكنه قد تواتر قراءة، فهو مقبول، وانظر رأي سيبويه في "كتابه" 4/ 110، وانظر توجيه القراءة لغة في "الحجة للقراء السبعة" 4/ 279، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 332.]].
قال أبو علي: أتبع الياء ما بعدها من الكسر، وليس الكسر في الياء على لغة من يكسر حروف المضارعة من التاء والنون في نحو تِعلم ونِعلم؛ لأن من يقول تِعلم [[بكسر التاء.]] لا يقول يِعلم [[بكسر الياء.]]، ومن قال [[في (ى): (قرأ)، وهو خطأ.]]: أنت تِهتدي [[بكسر التاء.]] لا يقول: هو يِهتدي [[بكسر الياء.]]، ولكن الكسرة في الياء للإتباع، كما أنه لم تكسر الياء في: يِيْجل [[رسمت الكلمة في النسخ بلا نقط، والكلمة في "الحجة للقراء السبعة" 4/ 279،= ==وقال سيبويه في "كتابه" 4/ 110: وأما يوجل ونحوه فإن أهل الحجاز يقولون: يوجل، فيجرونه مجرى علمت، وغيرهم من العرب سوى أهل الحجاز يقولون في توجل: هي تيجل، وأنا إيجل، ونحن نِيجل، وإذا قلت (يفعل) فبعض العرب يقولون: ييجل، كراهية الواو مع الياء.]]، من حيث كسرت التاء في تِعلم، ولكن كسرت لتنقلب الواو ياء، كذلك هاهنا كسرت للإتباع. هذا وجه القراءة في ﴿أَمَّنْ لَا يَهِدِّي﴾.
فأما معنى لا تهتدي إلا أن تهدى، وهي لا تهتدي وإن هديت؛ لأنها موات من حجارة وأوثان ولكن الكلام نزل على أنها إن هديت اهتدت، وإن لم تكن في الحقيقة كذلك؛ لأنهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمن يعلم ويفعل [[ساقط من (ح).]] ويعقل، ألا ترى أنه تعالى قال: ﴿مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [النحل: 73]، وكما قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ [الأعراف: 194]، وإنما هي موات؛ ألا ترى أنه قال: ﴿فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ [الأعراف: 194]، ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا﴾ [الأعراف: 195]، وكذلك قوله: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾ [فاطر: 14] الآية، وأجرى اللفظ على الأوثان على حسب ما يجري على من يعلم، كذلك هاهنا وصف بصفة من يعقل وإن لم يكن في الحقيقة كذلك، و (إِلَّا) على هذا بمنزلة (حتى) كأنه قال [[ساقط من (م).]]: أمن لا يهدي [[في (م): (يهتدي).]] حتى يُهدى، أي من لا يَعلم حتى يُعلم، ولا يستدل على شيء حتى يُدل عليه، وإن كان لو دُل أو أُعلم لم يعلم ولم يستدل.
وهذا الذي ذكرنا وجه آخر في قراءة من قرأ: (أَمَّن لَا يَهْدِي إلا أن يُهدى) [[يعني قراءة حمزة ومن معه، انظر: "الحجة للقراء السبعة" 4/ 276.]] [أي أمن لا يهدي] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] غيره ولكن يُهدى، أي [لا يعلم شيئًا ولا يعرفه لكن] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] يُهدى، أي لا هداية له، ولو هدي أيضًا لم يهتد [[في العبارة غموض؛ إذ قوله: (ولكن يُهدى) يناقض قوله: (ولو هدي أيضًا لم يهتد)، والعبارة هكذا أيضاً في "الحجة" 4/ 376، وقال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 7/ 147: والذي أقول: إن قراءة حمزة والكسائي تحتمل أن يكون المعنى: (أمن لا يهدي أحدًا إلا أن يُهدى ذلك الأحد بهداية من عند الله).]]، إلا أن اللفظ جرى عليه، هذا كلام أبي علي الفارسي [["الحجة للقراء السبعة" 4/ 275 - 280، مع التقديم والتأخير والاختصار.]]، وهو وجه الآية.
وذكر المتأخرون من أهل التفسير وجهين في قوله: ﴿أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى﴾ لا يساوي واحد منهما أن يحكى فتركته [[الوجهان للثعلبي في "تفسيره" 7/ 15 أ، ونص عبارته: في معنى الآية وجهان: فصرفها قوم إلى الرؤساء والمضلين، أراد لا يرشدون إلا أن يُرشدوا، وحملها الآخرون على الأصنام وهو وجه الكلام، والمعنى: لا يمشي إلا أن يحمل، ولا ينتقل عن مكانه إلا أن ينقل.]]، ولم أر للمتقدمين فيه شيئًا [[بل روى ابن جرير في "تفسيره" 11/ 116، عن مجاهد: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى، قال: الأوثان، الله يهدي منها ومن غيرها من شاء لما شاء، ولم يتبين لي مراده.]]، وتأويل الآية أنهم نُسبوا إلى غاية الذهاب عن الحق والزيغ عنه [[في (ى): (عنهم).]] في معادلتهم الآلهة بالله ﷺ.
وقوله تعالى: ﴿فَمَا لَكُمْ﴾، قال الزجاج: (ما لكم) كلام تام كأنهم قيل: لهم أي شيء لكم في عبادة الأوثان؟ ثم قيل لهم: ﴿كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ علي أي حال تحكمون؟ وموضع (كيف) نصب بـ ﴿تَحْكُمُونَ﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 20.]].
وقال مقاتل: كيف تقضون حين زعمتم أن مع الله شريكًا [["تفسير مقاتل" 140 أبنحوه، والنص في "الوسيط" 2/ 547.]].
وقال عطاء: بئسما حكمتم إذ جعلتم لله شريكًا ليس [[في (ى) و (م): (من ليس).]] بيده منفعة ولا مضرة [[لم أقف عليه.]].
{"ayah":"قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَاۤىِٕكُم مَّن یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق