الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ أي: ببعث الرسول، ونصب الأدلة يدعو إلى الجنة، ودار السلام هي الجنة، وذكرنا الكلام فيها عند قوله تعالى: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: 127]، وذكرنا في السلام قولين؛ أحدهما: أنه اسم الله تعالى؛ لأنه سلم مما يلحق الخلق من الغير والفناء [[انظر: "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص 215.]]، وقال المبرد: تأويله: أنه ذو السلام أي الذي يملك السلام الذي هو تخليص من المكروه [[رواه عنه الزجاج في"معاني القرآن وإعرابه" 2/ 253، والأزهرى في "تهذيب اللغة" (سلم) 2/ 1742، على أن السياق في الموضعين يحتمل أن القول للزجاج، لكن ابن منظور أثبت القول للمبرد، انظر: "لسان العرب" (سلم) 4/ 2078.]]، وعلى هذا (السلام) مصدر سلم. وقال النضر بن شميل: سمى نفسه سلامًا؛ لأن الخلق سلموا من ظلمه [[انظر: "زاد المسير" 8/ 25، ولم يعين القائل.]]، وهذا أيضًا مثل قول المبرد؛ لأن معناه ذو السلام، قال ابن الأنباري: وعلى هذا هو من باب حذف المضاف كقوله: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة: 93] وأمثاله [["الزاهر" 1/ 64 بنحوه.]]. القول الثاني: أن السلام جمع سلامة، ومعنى دار السلام: الدار التي من دخلها سلم من الآفات؛ كالموت والمرض والألم والمصائب ونزغات الشيطان والكدّ والعناء، وخوف العاقبة، وغير ذلك بما يكون في الدنيا. وقال قوم: سميت الجنة دار السلام؛ لأن الله تعالى يسلم على أهلها، قال الله تعالى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: 58]، والملائكة يسلمون عليهم أيضًا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]]، قال الله تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الرعد: 23، 24]، وهم أيضًا يحيّي بعضهم بعضًا بالسلام، قال الله تعالى عنهم: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ [[ذكر نحو هذا القول مختصرًا الثعلبي 7/ 12 ب، والبغوي 4/ 129.]] [إبراهيم: 23]، وهذا معنى قول الحسن: إن السلام لا ينقطع عن أهل الجنة، وهو تحيتهم [[رواه الثعلبي 7/ 12 ب.]]، وكنا وعدنا في تفسير قوله: ﴿دَارُ السَّلَام﴾ [الأنعام: 127] زيادة بيان هاهنا. وقول [[ساقط من (ح).]]: ﴿وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، قال المفسرون وأصحاب الحقائق [[أصحاب الحقائق عرفًا هم الباحثون في السلوك وأعمال القلوب، المتعرفون إلى الله عن طريق الذوق والكشف، وغالب ما يدعونه من الحقائق بدع وأهواء. انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" 10/ 156، 159، 171. والظاهر أن المؤلف هنا يعني علماء الكلام، وانظر النص بنحوه في: "الإبانة عن أصول الديانة" ص 216، وكتاب "الإرشاد إلى قواطع الأدلة" ص 191، وكتاب "أصول الدين" لأبي منصور البغدادي ص 140.]]: عَمّ بالدعوة وخَصّ بالهداية من شاء؛ لأن الحكم له في خلقه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد [[انظر: "تفسير الثعلبي" 7/ 12 ب، والبغوي 4/ 129، والسمرقندي 2/ 94، "الوسيط" للمؤلف 2/ 544.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب