الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ﴾، قال ابن عباس وغيره: يعني كفار مكة [[رواه عن ابن عباس بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 221، وهو قول مقاتل بن سليمان كما في "تفسيره" 136 ب، وبه قال الثعلبي 7/ 10 أ، والبغوي 4/ 127، والنحاس في "معاني القرآن الكريم" 3/ 284، وغيرهم، لكنهم لم يخصوا كفار مكة، بل قال أبو حيان في "البحر المحيط" 5/ 136: وهذه وإن كانت في الكفار فهي تتناول من العاصين من لا يؤدي شكر الله عند زوال المكروه عنه، ولا يرتدع بذلك عن معاصيه، وذلك في الناس كثير. وسبقه إلى ذلك ابن عطية في "المحرر الوجيز" 7/ 123.]] ﴿رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ﴾ يعني مطرًا وخصبًا وغنى من بعد قحط وبؤس وفقر، قال أهل المعاني: قيل: أذقناهم رحمة، على طريق البلاغة لشدة إدراك الحاسة [[لم أقف عليه.]]. وقوله تعالى: ﴿إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا﴾، قال عطاء وابن عباس: (قول بالتكذيب في آياتنا) [[رواه عن ابن عباس بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 221، ولم أعثر على مصدر قول عطاء، لكنّ أبا حيان قال في "البحر المحيط" 5/ 136: قاله جماعة.]]. وقال مجاهد: (استهزاء وتكذيب) [[رواه ابن جرير 11/ 99، وابن أبي حاتم 6/ 1938، والثعلبي 7/ 10 ب، والبغوي 4/ 127، وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 542.]]، وعلى هذا، الآيات يراد به [[هكذا في جميع النسخ بالتذكير.]] القرآن، والمعني أنهم إذا أخصبوا بطروا وكذبوا بالقرآن، وسمي تكذيبهم بآيات الله مكرًا؛ لأن المكر صرف الشيء عن وجهه على طريق الحيلة فيه، وهؤلاء يحتالون لدفع آيات الله بكل ما يجدون إليه السبيل من شبهة أو تخليط في مناظرة أر غير ذلك من الأمور الفاسدة. وقال مقاتل [[هو: ابن حيان كما في "تفسير الثعلبي" 7/ 10 ب، وابن الجوزي 4/ 18.]]: يعني لا يقولون هذا رزق الله، إنما يقولون سقينا بنوء كذا، وعلى هذا، المراد بالآيات: إذاقة الرحمة والخصب بعد القحط، وإنزال المطر بعد الجدوبة. قال أبو إسحاق: قوله تعالى: ﴿إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ﴾ جواب الجزاء، وهذا كقوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: 36] المعنى: وإن تصبهم سيئة قنطوا، ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ﴾ [[ألحق محقق "معاني القرآن" بالجملة قوله تعالى: ﴿رَحْمَةً﴾ وأشار إلى أنها زيادة يقتضيها السياق، وليست بالنسخ الخطية للكتاب.]] مكروا، فـ (إذا) تنوب عن جواب الشرط كما ينوب الفعل [[اهـ. كلام الزجاج، "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 12.]]، وكما تنوب الفاء، وزاد الفراء فقال: وكذلك يفعلون بـ (إذ) كقول الشاعر [[هو: جميل بن معمر العذري، انظر: "ديوانه" ص 85، و"شرح شواهد المغني" 2/ 722، و"الأغاني" 8/ 99، و"خزانة الأدب" 8/ 58، 10/ 23، و"مغني اللبيب" ص 410، و"القاموس المحيط" (ما).]]: بينما هن بالأراك معًا ... إذ أتى راكب على جمله قال: وأكثر الكلام في هذا الموضع أن تطرح (إذ) كقوله [[هو: عبد الله بن عثمة الضبي كما في "الأيام والليالي والشهور" للفراء ص 62، "لسان العرب" (قمر) 6/ 3736، "شرح أبيات معاني القرآن" ص 377، ولصدر البيت رواية أخرى هي: أبلغ عثيمة أن راعي إبله ... سقط ................ إلخ]]: بينا تَبغّيه العشاء وطوفه ... سقط العشاء به على سرحان [[اهـ. كلام الفراء، انظر: "معاني القرآن" 1/ 459.]] وهذا الفصل يأتي مشروحًا في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: 36] في سورة الروم إن شاء الله [[اقتصر في هذا الموضع ما نصه: وإن تصبهم سيئة يعني شدة وبلاء، وبما قدمت أيديهم، أي بما عملوا من السيئات، إذا هم يقنطون (إذا) جواب الشرط، وهو مما يجاب به الشرط، قوله: (إذا هم يقنطون) في موضح قنطوا.]]. وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا﴾، قال عطاء: أسرع نقمة [[لم أعثر على مصدر قوله.]]، والمعنى جزاءً على المكر، وذلك أنهم جعلوا جزاء النعمة المكر مكان الشكر، فقوبلوا بما هو أشد، وتأويل قوله: ﴿أَسْرَعُ مَكْرًا﴾ أن ما يأتيهم من العقاب [[في (ى): (العذاب).]] أسرع في إهلاكهم مما أتوه من المكر في إبطال آيات الله، وهذا معنى قول مقاتل: فقتلهم الله يوم بدر [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 542، ولعل القول لمقاتل بن حيان؛ إذ ليس موجودًا في "تفسير مقاتل بن سليمان".]]، يعني: جزاء مكرهم في آياته بعقاب ذلك اليوم، فكان [[في (ح) و (ز): (في)، وهو خطأ.]] أسرع في إهلاكهم من كيدهم في إهلاك محمد ﷺ وإبطال ما أتى به. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ وعيد لهم على المجازاة وبه [[في (ى): (له).]] في الآخرة، ويعني بالرسل الحفظة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب