الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾ الآية، قال ابن عباس والمفسرون: عجبت قريش من إرسال الله [[في (ح) و (ي): (إرسال محمد).]] محمدًا ﷺ إلى العباد، وقالوا أما [[في (ح) و (ي): (ما).]] وجد الله تعالى من يرسله إلينا إلا يتيم أبي طالب؟! فأنزل الله تعالى قوله: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾ [[ذكره النحاس في "معاني القرآن الكريم" 3/ 276، والزمخشري في "الكشاف" 2/ 224، ورواه عن ابن عباس بمعناه ابن جرير 11/ 81، وابن أبي حاتم 6/ 1922، والثعلبي 7/ 3 ب، وأبو الشيخ وابن مردويه كما في "الدر المنثور" 3/ 535.]] والألف فيه للتوبيخ والإنكار، ويعني بالناس أهل مكة. وقوله تعالى: ﴿أَنْ أَوْحَيْنَا﴾ (أن) في محل الرفع؛ لأنه اسم لِكان بمنزلة قولك: إيحاؤنا. وقوله تعالى: ﴿أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ﴾ (أن) نصب بـ (أوحينا)، قال عطاء، عن ابن عباس: عجبوا أن اخترت من خلقي رجلاً منهم يعرفونه ويعرفون أباه وأمه، وفيهم وُلد ونشأ يسمونه الأمين، لا يعدلون به أحدًا في صغره، ولا شابًا في شبابه، ولا كهلًا في سنه، فكذبوه ورموه بكل [[ساقط من (ى).]] ما ليس فيه وإنما بعثه الله مبشرًا [[في (م): (بشيرًا).]] ونذيرًا فذلك قوله: ﴿أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾. قال الليث وأبو الهيثم: القدم: السابقة، وكذلك القُدمة، والمعنى أنه قد سبق لهم عند الله خير [["تهذيب اللغة" (قدم) 3/ 2902، ونحوه في كتاب "العين" (قدم) 5/ 122، وليس لأبي الهيثم سوى الكلمتين الأوليين.]]. وقال ذو الرّمة: وأنت امرؤ من أهل بيت ذؤابةٍ ... لهم قدم معروفة ومفاخر [[البيت في "ديوان ذي الرمة" 2/ 1044، و"تهذيب اللغة" (قدم) 3/ 2902، و"لسان العرب" (قدم) 6/ 3552.]] قال: القدم السابقة وما تقدموا فيه غيرهم [[النص في "تهذيب اللغة"، الموضع السابق، دون تعيين القائل.]]. وقال أحمد بن يحيى في هذه الآية: القدم كل ما قدمت من خير، قال: وتقدَّمَتْ فيه لفلان قدم: أي تقدم في الخير [["تهذيت اللغة" (قدم) 3/ 2902.]]. وقال ابن الأنباري: القدم: كناية عن العمل الذي يتقدم فيه ولا يقع فيه تأخر ولا إبطاء؛ لأن العادة جارية بتقدم الساعي على قدميه، فالقدم كنت [[في (ي): (كفت)، وفي (م): (كعب)، وكلاهما خطأ.]] من العمل الصالح، وسدّت مسدّ السبق. وأنشد لحسان يخاطب [[في (ح) و (ز): (مخاطبًا).]] النبي ﷺ: لنا القدم الأولى إليك وخلفنا ... لأولنا في طاعة [[في "الزاهر" ملة. وما ذكره الواحدي موافق لديوان حسان.]] الله تابع [[البيت في "ديوان حسان" ص 148.]] [["الزاهر في معاني كلمات الناس" 1/ 353 بنحوه، وذكر بعضه الرازي في "تفسيره" 17/ 7.]] هذا الذي ذكرنا معنى القدم في اللغة. فأما التفسير فقال ابن عباس: أجرًا حسنًا بما قدموا من أعمالهم [[رواه ابن جرير 11/ 81، والثعلبي 7/ 4 أ، والبغوي 4/ 120.]]، وعلى هذا، المعنى: أن لهم أجر قدم صدق أو ثوابه، على تقدير حذف المضاف. وقال مجاهد والحسن: يعني الأعمال الصالحة [[رواه عن مجاهد الإمام ابن جرير 11/ 81، وبنحوه ابن أبي حاتم 6/ 1923 - 1924، ورواه عن الحسن بنحوه الثعلبي 7/ 4 أ، والبغوي 4/ 120.]]، وعلى هذا لا حذف. وقال الوالبي عن ابن عباس: سبقت لهم السعادة [[رواه ابن جرير 11/ 82، وابن أبي حاتم 6/ 1922 - 1923، والثعلبي 7/ 4 أ، والبغوي 4/ 120، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 535، وعند جميعهم زيادة نصها: في الذكر الأول.]]. وقال ابن زيد: محمد ﷺشفيع لهم [[لم أجده من ذكره عن ابن زيد وإنما روي عن أبي زيد، فقد رواه عنه الثعلبي 7/ 4 أ، وبنحوه البغوي 4/ 120، وذكره البخاري معلقًا في "صحيحه" كتاب التفسير، سورة يونس، وابن جرير 11/ 82.]]، واختار ابن الأنباري أن يكون المراد بالقدم العمل الصالح [["المذكر والمؤنث" 1/ 229 لكنه لم يذكر فيه البيت المذكور وقد ذكره في كتابه "الزاهر" 1/ 353 لكنه لم يختر قولًا معينًا بعد أن ذكر في الآية أربعة أقوال، وانظر: "تفسير الرازي" 17/ 7، "البحر المحيط" 5/ 120.]]، وأنشد: صَلِّ لذي العرش واتخذ قدما ... تنجيك يوم العثار والزلل [[البيت لوضاح اليمن، كما في "تفسير القرطبي" 8/ 307، "البحر المحيط" 5/ 122، "الدر المصون" 6/ 146، وقبل هذا البيت: ما لَكَ وضاحُ دائم الغزل ... ألست تخشى تقارب الأجل]] وأكثر أهل التفسير والمعاني على هذا [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 81 - 83، "معاني القرآن" للنحاس 3/ 276.]]، وهو قول مقاتل [[يعني ابن سليمان، انظر: "تفسيره" ص 137 ب.]]، وسعيد بن جبير [[لم تذكر المصادر التي بين يدي قوله هذا، وقد رواه ابن جرير 11/ 82 عنه، عن قتادة بلفظ: سلف صدق عند ربهم.]]، والشعبي، وقطرب [[لم أقف على قولهما.]]، والقتيبي [["تفسير غريب القرآن" له ص 194.]]، وأبي عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 273 ولفظه: قدم صدق عند ربهم: مجازه: سابقة صدق عند ربهم، ويقال: له قدمٌ في الإسلام وفي الجاهلية. وانظر: "تفسير الثعلبي" 7/ 4 ب.]]، وذكرنا [[هكذا في جميع النسخ، والأولى أن يقول: وذكرناه.]] أيضًا عن الحسن، ومجاهد. وقوله تعالى: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ﴾ تم الكلام عند قوله: ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ثم ابتدأ فقال: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾، قال عطاء، عن ابن عباس: أخرجوا محمدًا من علمهم فيه بالأمانة والصدق إلى غير علمهم فكفروا [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 538.]]. وقرئ: (لساحر) بالألف [[قرأ الكوفيون وابن كثير وخلف (لساحر) بالألف، وقرأ الباقون (لسحر) من غير ألف. انظر كتاب "السبعة" ص 322، "إرشاد المبتدي" ص 301، "النشر في القراءات العشر" 2/ 256.]]، والوجهان يحتملهما قوله: ﴿أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ فمن قال (ساحر) أراد به الرجل، ومن قال (سحر) أراد الذي أُوحي سحر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب