الباحث القرآني
﴿الر﴾ قال عطاء، عن ابن عباس: يريد: أنا الله الرحمن [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 64، والمؤلف في "الوسيط" 2/ 537، ومكي بن أبي طالب في "تفسير المشكل من غريب القرآن" ص 101، وبنحوه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1921 من رواية عكرمة عنه، ولفظه: (الر) حروف الرحمن مفرقة، ورواه ابن جرير 11/ 79 بلفظ: (الر) و (حم) و (ن) حروف الرحمن مفرقة.]]، وعنه أيضًا: أنا الله أرى [[رواه ابن جرير 11/ 79، وابن أبي حاتم 6/ 1921، والنحاس في "معاني القرآن الكريم" 3/ 275، والبيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" باب: ما جاء في حروف المقطعات في فواتح السور 1/ 232، والثعلبي 7/ 3 أ، والبغوي 4/ 119، وغيرهم. انظر: "الدر المنثور" 3/ 534، والأثر ضعيف؛ لأن في سنده شريك، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق اختلط.]]، وهو قول الضحاك [[رواه ابن جرير 11/ 79، وابن أبي حاتم 6/ 1921، والثعلبي 7/ 3 أ، والبغوي 4/ 119.]].
وقال قتادة: (الر) اسم من أسماء القرآن [[رواه ابن جرير 11/ 79، وابن أبي حاتم 6/ 1921، والثعلبي 7/ 3 أ.]]، وقال أبو روق [[هو: عطية بن الحارث الهمداني.]]: ﴿الر﴾ فاتحة السورة [[رواه الثعلبي 7/ 3 أ.]]، وعلى هذا هي صلة وابتداء واستفتاح للكلام [[في (م): (الكلام).]]، والمعنى: كأنه ابتدأ فقال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾.
وقال أبو عبيدة: الله أعلم بما أراد بهذه الحروف [[في "مجاز القرآن" 1/ 27: (الم) افتتاح، مبتدأ كلام، شعار للسورة، ولم أجد من ذكره بلفظ المؤلف.]] [[ذهب كثير من المحققين إلى أن الحروف المقطعة ذكرت في أوائل بعض السور بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وقد قرر هذا القول الزمخشري في "كشافه" 1/ 95 - 98، ونسبه الرازي في "تفسيره" 1/ 6 إلى المبرد والمحققين، وحكاه القرطبي في "تفسيره" 1/ 155، عن الفراء وقطرب، وذهب إليه ابن كثير وشيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ المزي، انظر: "تفسير ابن كثير" 1/ 38.
والذي أختاره هو الرأي القائل بان هذه الحروف مما استأثر الله بعلمه فلا يصل أحد إلى معرفة المراد منها حيث لم يصح عن الرسول ﷺ بيان المراد منها، ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين، وليس مع أحد المختلفين حجة قاطعة، فالوقف في مثل هذه الحالة أسلم حتى يتبين الحق في هذا المقام. أما وصف القرآن بأنه هدى وتبيان فلا يبطله أن تجيء في أوائل بعض سوره مثل هذه الحروف؛ إذ لا تعلق لها بتكليف ولا خبر، وقد يكون ورودها تنبيهًا على القدرة التامة في جانب الرب، والقصور في جانب العبد، كأسرار الله في الكون والتكاليف. والله أعلم.]].
وقرأ القراء الراءَ بالإمالة في ﴿الر﴾ وتركها [[قرأ ابن كثير وأبو جعفر وقالون ويعقوب وحفص بالفتح، وقرأ ورش بين اللفظين، وقرأ الباقون بالإمالة. انظر: "التيسير في القراءات السبع" ص120، "تحبير التيسير" ص121، "إتحاف فضلاء البشر" ص 246.]]، فمن ترك الإمالة فلأن كثيراً من العرب لا تميل ما يجوز فيه الإمالة عند غيرهم، والأصل ترك الإمالة في هذه الحروف، نحو: (ما)، و (ولا)؛ لأن ألفاتها لا تكون منقلبة عن الياء، وأما من أمال فلأن هذه الحروف أسماء لما [[في (ح): (لا)، وهو خطأ.]] يلفظ به من الأصوات المقطعة في مخارج الحروف، فجازت الإمالة فيها من حيث [[ساقط من (ى).]] كانت أسماء [[في (ى): (الأسماء).]] ولم تكن الحروف التي تمتنع فيها [[ساقط من (ى).]] الإمالة [[في (ى): (إلي).]]، نحو: (ما) [[ساقط من (ى).]] و (لا) وما أشبههما، فقصد بإمالة هذه الحروف -التي هي أسماء للأصوات- الإعلام بأنها أسماء [[ساقط من (ى).]] ليست بحروف.
وفإن قلت: فإن الأسماء لا تكون على حرفين أحدهما حرف لين، وإنما تكون على هذه الصفة الحروف نحو: (لا) و (ما)، فالقول: إن هذه الأسماء لم تمتنع أن تكون على حرفين أحدهما حرف لين؛ لأن التنوين لا يلحقها، فيؤمن لامتناع التنوين من اللحاق لها أن تبقى على حرف واحد، وإذا أمن ذلك لم يمتنع أن يكون الاسم على حرفين أحدهما حرف لين ألا ترى أنهم قالوا: هذه شاة [[في "لسان العرب": (شوه) والشاة: أصلها شاهية فحذفت الهاء الأصلية، وأثبتت هاء العلامة التي تنقلب تاء في الإدراج.]]، فجاء على حرفين، أحدهما حرف لين لما أمن لحاق التنوين له لاتصال علامة التأنيث به، وكذلك قوله: رأيت رجلاً ذا مال؛ لاتصال المضاف إليه به، وكذلك قولهم: كسرت فا زيدٍ.
ومثل شاة في كونها على حرفين أحدهما حرف لين لما دخلت [[في (م): (دخل).]] عليه علامة التأنيث قولهم في الباءة: باه، كأنه أراد: الباءة [[الباءة: النكاح والتزوج، وفيه لغات: الباهُ والباءُ والباءة والباهة. انظر: "مجمل اللغة" (بوأ) 1/ 138، "لسان العرب" (بهه) 1/ 380، "النهاية في غريب الحديث والأثر" (بوأ) 1/ 160.]]، فأبدل من الهمزة الألف كما أبدلها في قوله [[هو الفرزدق، وتمام البيت كما في "ديوانه" 1/ 408:
ومضت لمسلمة الركاب مودعًا ... فارعي فزارة لا هناك المرتع
والبيت منسوب للفرزدق أيضًا في: "شرح أبيات سيبويه" 2/ 294، و"طبقات فحول الشعراء" 2/ 340، و"كتاب سيبويه" 1/ 184، و"المقتضب" 1/ 167 وروايته في هذه المصادر:
راحت بمسلمة البغال عشية ... فارعي فزارة .......... إلخ
والبيت من قصيدة يهجو بها الفرزدق الأمير عمر بن هبيرة الفزاري لما تولى العراق بعد عزل عبد الملك بن بشر عن البصرة، وسعيد بن عمرو عن الكوفة، ورحيل مسلمة بن عبد الملك إلى الشام.]]:
... لا هَنَاكِ المَرْتَعُ
فاجتمع ألفان فحذف أحدهما لالتقاء الساكنين فبقي الاسم على حرفين أحدهما حرف لين، أنشد اليزيدي [[هو: يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري أبو محمد النحوي، المعروف باليزيدي لاتصاله بالأمير يزيد بن منصور خال المهدي لتأديب أولاده، وقد أدب المأمون أيضًا، وكان ثقة عالمًا حجة في القراءة، أخباريًّا نحويًّا لغويًّا، نظيرًا للكسائي، وتوفي سنة 202 هـ. انظر: "تاريخ بغداد" 14/ 146،"نزهة الألباء" ص 69، "الحجة للقراء السبعة" 4/ 245، فقد نص أبو علي في هذا الموضوع أن المذكورر أبو محمد لا غيره.]]:
فياشرَّ مُلْكٍ ملْكِ قيس بن عاصم ... على أن قيسًا لم يطأ باه مَحْرَم [[لم أهتد لمصادره.]] ومثل هذا ما رواه الفراء عن الكسائي أنه سمع: اسقني شربة مًا يا هذا [["الحجة للقراء السبعة" 4/ 245.]]، يريد شربة ماء، فقصر [[ساقط من (ى).]] وأخرجه على لفظ (من)، هذا إذا مضى فإذا [[في (م): (وإذا).]] وقف قال: ما، والقول في هذا كالقول في باهٍ؛ إلا أن باهًا [[في (ح): (أباه)، وهو خطأ، وفي (ى) و (م): (باهً)، إلا أنها لم تشكل في (ى)، وانظر النص في "الحجة للقراء السبعة" 4/ 246.]] أحسن من مًا، لتكثرها بعلامة التأنيث.
ولم يعد ﴿الر﴾ آية كما عد ﴿طه﴾؛ لأن آخره لا يشاكل رؤوس الآي التي بعده [إذ هي بمنزلة المردف بالباء، و ﴿طه﴾ عدّ؛ لأنه يشاكل رؤوس الآي التي بعده [[الصحيح أن الآية إنما تعلم بتوقيف من الشارع، ولا مجال للقياس في ذلك، وما ذكره المؤلف غير مطرد؛ فإن (المص) آية في سورة الأعراف، وآخرها لا يشاكل رؤوس الآي التي بعدها. وانظر: "البرهان" للزركشي 1/ 252، "الإتقان" 1/ 88.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]].
قوله تعالى ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ قال أبو عبيدة: المعنى هذه آيات [["مجاز القرآن" 1/ 272.]]، وقال الزجاج: أي تلك الآيات التي جرى ذكرها آيات الكتاب الحكيم [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 5.]]، وقد بينّا في أول سورة البقرة جواز (تلك) و (ذلك) بمعنى (هذه) و (هذا).
وقال صاحب النظم: نظم هذه الفاتحة مثل نظم قوله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ} إلا أن الكتاب مذكر فقال (ذلك) والآيات مؤنثة وقال (تلك) قال: وربما أخرج ذلك على ما تقدم وربما أخرج علي ما تأخرج وأخرج هاهنا [[ساقط من (م).]] على ما تأخرة لأن (ذلك) و (ذاك) و (تلك) و (أولئك) إشارات تقع على ما يقصد بالإشارة إليه، وقد قال عطاء عن ابن عباس: يريد هذه الآيات التي أنزلتها على محمد ﷺ [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 538.]].
وأراد بـ ﴿الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ القرآن في قول أكثر المفسرين [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 80، والسمرقندي 2/ 87، والثعلبي 7/ 3 ب، والبغوي 4/ 119.]]، والحكيم: الحاكم (فعيل) بمعنى (فاعل) دليله قوله: ﴿وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [البقرة: 213] وقيل: إنه بمعنى المحكم [[هذا قول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 272.]]، قال مقاتل: المحكم من الباطل لا كذب فيه ولا اختلاف [["تفسير مقاتل" 137 ب.]]، وقد بينا قبل هذا أن الأحكام معناه المنع من الفساد، ويدل على أن الحكيم هاهنا بمعنى المحكم قوله: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: 1].
قال الأزهري: وهذا سائغ في اللغة، والقرآن يبين بعضه بعضًا، وإنما جاز ذلك؛ لأن (حكمت) تجري مجرى (أحكمت) في المعنى فرد إلى الأصل والله أعلم [["تهذيب اللغة" (حكم) 1/ 886 بنحوه.]].
وقد قال الأعشى: وغريبة تأتي الملوك حكيمة ... قد قلتها ليقال من ذا قالها [[البيت للأعشى الكبير في "ديوانه" ص 151، "خزانة الأدب" 4/ 259، "الدرر اللوامع" 1/ 269.]]
يذكر قصيدته ويعني بالحكيمة المحكمة.
وقال الحسن في قوله: ﴿الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ حكم فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وحكم فيه بالنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وحكم فيه بالجنة لمن أطاعه، وبالنار لمن عصاه [[رواه الثعلبي 7/ 3 ب، والبغوي 4/ 119.]]، فعلى هذا الحكيم بمعنى المحكوم فيه.
{"ayah":"الۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡحَكِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق