الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أأنْتُمْ أشَدُّ خَلْقًا أمِ السَّماءُ بَناها﴾ ﴿رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها﴾ ﴿وأغْطَشَ لَيْلَها وأخْرَجَ ضُحاها﴾ ﴿والأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحاها﴾ ﴿أخْرَجَ مِنها ماءَها ومَرْعاها﴾ ﴿والجِبالَ أرْساها﴾ ﴿مَتاعًا لَكم ولِأنْعامِكُمْ﴾ ﴿فَإذا جاءَتِ الطّامَّةُ الكُبْرى﴾ [النازعات: ٣٤] ﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسانُ ما سَعى﴾ [النازعات: ٣٥] ﴿وبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِمَن يَرى﴾ [النازعات: ٣٦] ﴿فَأمّا مَن طَغى﴾ [النازعات: ٣٧] ﴿وآثَرَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ [النازعات: ٣٨] ﴿فَإنَّ الجَحِيمَ هي المَأْوى﴾ [النازعات: ٣٩] ﴿وأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى﴾ [النازعات: ٤٠] ﴿فَإنَّ الجَنَّةَ هي المَأْوى﴾ [النازعات: ٤١] ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أيّانَ مُرْساها﴾ [النازعات: ٤٢] ﴿فِيمَ أنْتَ مِن ذِكْراها﴾ [النازعات: ٤٣] ﴿إلى رَبِّكَ مُنْتَهاها﴾ [النازعات: ٤٤] ﴿إنَّما أنْتَ مُنْذِرُ مَن يَخْشاها﴾ [النازعات: ٤٥] ﴿كَأنَّهم يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إلّا عَشِيَّةً أوْ ضُحاها﴾ [النازعات: ٤٦] .
الخِطابُ الظّاهِرُ أنَّهُ عامٌّ، والمَقْصُودُ الكُفّارُ مُنْكِرُو البَعْثِ، وقَفَهم عَلى قُدْرَتِهِ تَعالى ﴿أشَدُّ خَلْقًا﴾ أيْ أصْعَبُ إنْشاءً ﴿أمِ السَّماءُ﴾ فالمَسْئُولُ عَنْ هَذا يُجِيبُ ولا بُدَّ السَّماءُ، لِما يَرى مِن دَيْمُومَةِ بَقائِها وعَدَمِ تَأْثِيرِها، ثُمَّ بَيَّنَ تَعالى كَيْفِيَّةَ خَلْقِها ﴿رَفَعَ سَمْكَها﴾: أيْ جَعَلَ مِقْدارَها بِها في العُلُوِّ مَدِيدًا رَفِيعًا مِقْدارَ خَمْسِمِائَةِ عامٍ، والسَّمْكُ: الِارْتِفاعُ الَّذِي بَيْنَ سَطْحِ السَّماءِ الَّتِي تَلِيها وسَطْحِها الأعْلى الَّذِي يَلِي ما فَوْقَها. (فَسَوّاها) أيْ جَعَلَها مَلْساءَ مُسْتَوِيَةً، لَيْسَ فِيها مُرْتَفِعٌ ولا مُنْخَفِضٌ، أوْ تَمَّمَها وأتْقَنَ إنْشاءَها بِحَيْثُ إنَّها مُحْكَمَةُ الصَّنْعَةِ ﴿وأغْطَشَ﴾: (p-٤٢٣)أيْ أظْلَمَ لَيْلَها (وأخْرَجَ) أبْرَزَ ضَوْءَ شَمْسِها، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والشَّمْسِ وضُحاها﴾ [الشمس: ١] وقَوْلِهِمْ: وقْتُ الضُّحى: الوَقْتُ الَّذِي تُشْرِقُ فِيهِ الشَّمْسُ، وأُضِيفَ اللَّيْلُ والضُّحى إلى السَّماءِ؛ لِأنَّ اللَّيْلَ ظِلُّها، والضُّحى هو نُورُ سِراجِها.
﴿والأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أيْ بَعْدَ خَلْقِ السَّماءِ وما فَعَلَ فِيها ﴿دَحاها﴾ أيْ بَسَطَها، فَخَلَقَ الأرْضَ ثُمَّ السَّماءَ ثُمَّ دَحا الأرْضَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (والأرْضَ)، (والجِبالَ) بِنَصْبِهِما، والحَسَنُ، وأبُو حَيْوَةَ، وعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ وأبُو السَّمّالِ: بِرَفْعِهِما، وعِيسى: بِرَفْعِ الأرْضِ، وأُضِيفَ الماءُ والمَرْعى إلى الأرْضِ؛ لِأنَّهُما يَظْهَرانِ مِنها، والجُمْهُورُ: (مَتاعًا) بِالنَّصْبِ، أيْ فَعَلَ ذَلِكَ - لَكم، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: بِالرَّفْعِ، أيْ ذَلِكَ مَتاعٌ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: فَهَلّا أدْخَلَ حَرْفَ العَطْفِ عَلى أخْرَجَ ؟ قُلْتُ: فِيهِ وجْهانِ، أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ مَعْنى ﴿دَحاها﴾: بَسَطَها ومَهَّدَها لِلسُّكْنى، ثُمَّ فَسَّرَ التَّمْهِيدَ بِما لا بُدَّ مِنهُ في تَأتِّي سُكْناها مِن تَسْوِيَةِ أمْرِ المَأْكَلِ والمُشْرَبِ وإمْكانِ القَرارِ عَلَيْها. والثّانِي: أنْ يَكُونَ (أخْرَجَ) حالًا بِإضْمارِ قَدْ، كَقَوْلِهِ: ﴿أوْ جاءُوكم حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ [النساء: ٩٠] . انْتَهى. وإضْمارُ قَدْ قَوْلٌ لِلْبَصْرِيِّينَ، ومَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ والأخْفَشِ: أنَّ الماضِيَ يَقَعُ حالًا، ولا يَحْتاجُ إلى إضْمارِ قَدْ، وهو الصَّحِيحُ، فَفي كَلامِ العَرَبِ وقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا. انْتَهى.
﴿ومَرْعاها﴾: مَفْعَلٌ مِنَ الرَّعْيِ، فَيَكُونُ مَكانًا وزَمانًا ومَصْدَرًا، وهو هُنا مَصْدَرٌ يُرادُ بِهِ اسْمُ المَفْعُولِ، كَأنَّهُ قِيلَ: ومَرْعِيَّها، أيِ: النَّباتُ الَّذِي يُرْعى، وقَدَّمَ الماءَ عَلى المَرْعى؛ لِأنَّهُ سَبَبٌ في وُجُودِ المَرْعى، وشَمِلَ ﴿ومَرْعاها﴾ ما يَتَقَوَّتُ بِهِ الآدَمِيُّ والحَيَوانُ غَيْرُهُ، فَهو في حَقِّ الآدَمِيِّ اسْتِعارَةٌ، ولِهَذا قِيلَ: دَلَّ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى بِذِكْرِ الماءِ والمَرْعى عَلى عامَّةِ ما يُرْتَفَقُ بِهِ ويُتَمَتَّعُ مِمّا يَخْرُجُ مِنَ الأرْضِ حَتّى المِلْحِ، لِأنَّهُ مِنَ الماءِ.
{"ayahs_start":27,"ayahs":["ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَاۤءُۚ بَنَىٰهَا","رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا","وَأَغۡطَشَ لَیۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا","وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ دَحَىٰهَاۤ","أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَاۤءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا","وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا","مَتَـٰعࣰا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ"],"ayah":"وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق