الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ويُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِن فِضَّةٍ وأكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَ﴾ ﴿قَوارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيرًا﴾ ﴿ويُسْقَوْنَ فِيها كَأْسًا كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا﴾ ﴿عَيْنًا فِيها تُسَمّى سَلْسَبِيلًا﴾ ﴿ويَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إذا رَأيْتَهم حَسِبْتَهم لُؤْلُؤًا مَنثُورًا﴾ ﴿وإذا رَأيْتَ ثَمَّ رَأيْتَ نَعِيمًا ومُلْكًا كَبِيرًا﴾ ﴿عالِيَهم ثِيابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وإسْتَبْرَقٌ وحُلُّوا أساوِرَ مِن فِضَّةٍ وسَقاهم رَبُّهم شَرابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١] ﴿إنَّ هَذا كانَ لَكم جَزاءً وكانَ سَعْيُكم مَشْكُورًا﴾ [الإنسان: ٢٢] ﴿إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ تَنْزِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٣] ﴿فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ولا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٢٤] ﴿واذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وأصِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٥] ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فاسْجُدْ لَهُ وسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٦] ﴿إنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ العاجِلَةَ ويَذَرُونَ وراءَهم يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٧] ﴿نَحْنُ خَلَقْناهم وشَدَدْنا أسْرَهم وإذا شِئْنا بَدَّلْنا أمْثالَهم تَبْدِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٨] ﴿إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٩] ﴿وما تَشاءُونَ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان: ٣٠] ﴿يُدْخِلُ مَن يَشاءُ في رَحْمَتِهِ والظّالِمِينَ أعَدَّ لَهم عَذابًا ألِيمًا﴾ [الإنسان: ٣١] (p-٣٩٧)لَمّا وصَفَ تَعالى طَعامَهم وسُكْناهم وهَيْئَةَ جُلُوسِهِمْ، ذَكَرَ شَرابَهم، وقَدَّمَ ذِكْرَ الآنِيَةِ الَّتِي يُسْقَوْنَ مِنها، والآنِيَةُ جَمْعُ إناءٍ، وتَقَدَّمَ شَرْحُ الأكْوابِ. وقَرَأ نافِعٌ والكِسائِيُّ: قَوارِيرًا قَوارِيرًا بِتَنْوِينِهِما وصْلًا وإبْدالِهِ ألِفًا وقْفًا. وابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ وأبُو عَمْرٍو وحَفْصٌ: بِمَنعِ صَرْفِهِما. وابْنُ كَثِيرٍ: بِصَرْفِ الأوَّلِ ومَنعِ الصَّرْفِ في الثّانِي. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهَذا التَّنْوِينُ بَدَلٌ مِن ألِفِ الإطْلاقِ لِأنَّهُ فاصِلَةٌ، وفي الثّانِي لِاتِّباعِهِ الأوَّلِ. انْتَهى. وكَذا قالَ في قِراءَةِ مَن قَرَأ (سَلاسَلًا) بِالتَّنْوِينِ: إنَّهُ بَدَلٌ مِن حَرْفِ الإطْلاقِ، أجْرى الفَواصِلَ مَجْرى أبْياتِ الشِّعْرِ، فَكَما أنَّهُ يَدْخُلُ التَّنْوِينُ في القَوافِي المُطْلَقَةِ إشْعارًا بِتَرْكِ التَّرَنُّمِ، كَما قالَ الرّاجِزُ: ؎يا صاحِ ما هاجَ الدُّمُوعَ الذُّرَّفَنْ فَهَذِهِ النُّونُ بَدَلٌ مِنَ الألِفِ، إذْ لَوْ تَرَنَّمَ لَوَقَفَ بِألِفِ الإطْلاقِ. ﴿مِن فِضَّةٍ﴾ أيْ: مَخْلُوقَةٌ مِن فِضَّةٍ، ومَعْنى (كانَتْ): أنَّهُ أوْجَدَها تَعالى مِن قَوْلِهِ: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢] تَفْخِيمًا لِتِلْكَ الخِلْقَةِ العَجِيبَةِ الشَّأْنِ الجامِعَةِ بَيْنَ بَياضِ الفِضَّةِ ونُصُوعِها وشَفِيفِ القَوارِيرِ وصَفائِها، ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿كانَ مِزاجُها كافُورًا﴾ [الإنسان: ٥] . وقَرَأ الأعْمَشُ: قَوارِيرُ مِن فِضَّةٍ بِالرَّفْعِ، أيْ: هو قَوارِيرُ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿قَدَّرُوها﴾ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، والضَّمِيرُ لِلْمَلائِكَةِ، أوْ لِلطُّوّافِ عَلَيْهِمْ، أوِ المُنَعَّمِينَ، والتَّقْدِيرُ: عَلى قَدْرِ الأكُفِّ، قالَهُالرَّبِيعُ. أوْ عَلى قَدْرِ الرِّيِّ، قالَهُ مُجاهِدٌ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ﴿قَدَّرُوها﴾ صِفَةٌ لِقَوارِيرَ مِن فِضَّةٍ، ومَعْنى تَقْدِيرِهِمْ لَها أنَّهم قَدَّرُوها في أنْفُسِهِمْ عَلى مَقادِيرَ وأشْكالٍ عَلى حَسَبِ شَهَواتِهِمْ، فَجاءَتْ كَما قَدَّرُوها. وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلطّائِفِينَ بِها يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿ويُطافُ عَلَيْهِمْ﴾ عَلى أنَّهم قَدَّرُوا شَرابَها عَلى قَدْرِ الرِّيِّ، وهو ألَذُّ الشَّرابِ لِكَوْنِهِ عَلى مِقْدارِ حاجَتِهِ، لا يَفْضُلُ عَنْها ولا يَعْجِزُ. وعَنْ مُجاهِدٍ: لا يَفِيضُ ولا يَغِيضُ. انْتَهى. وقَرَأ عَلِيٌّ وابْنُ عَبّاسٍ والسُّلَمِيُّ والشَّعْبِيُّ، وابْنُ أبْزى وقَتادَةُ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، والجَحْدَرِيُّ (p-٣٩٨)وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وأبُو حَيْوَةَ وعَبّاسٌ، عَنْ أبانٍ، والأصْمَعِيُّ عَنْ أبِي عَمْرٍو، وابْنُ عَبْدِ الخالِقِ عَنْ يَعْقُوبَ: ﴿قَدَّرُوها﴾ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: كَأنَّ اللَّفْظَ قَدَرُوا عَلَيْها، وفي المَعْنى قَلْبٌ؛ لِأنَّ حَقِيقَةَ المَعْنى أنْ يُقالَ: قُدِّرَتْ عَلَيْهِمْ، فَهي مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿ما إنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ﴾ [القصص: ٧٦] ومِثْلُ قَوْلِ العَرَبِ: إذا طَلَعَتِ الجَوْزاءُ ألْقى العَوْدُ عَلى الحِرْباءِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ووَجْهُهُ أنْ يَكُونَ مِن قَدَرَ مَنقُولًا مِن قُدِّرَ، تَقُولُ: قَدَّرْتُ الشَّيْءَ وقَدَّرَنِيهِ فُلانٌ إذا جَعَلَكَ قادِرًا عَلَيْهِ، ومَعْناهُ: جُعِلُوا قادِرِينَ لَها كَما شاءُوا، وأطْلَقَ لَهم أنْ يُقَدِّرُوا عَلى حَسَبِ ما اشْتَهَوْا. انْتَهى. وقالَ أبُو حاتِمٍ: قُدِّرَتِ الأوانِي عَلى قَدْرِ رِيِّهِمْ، فَفَسَّرَ بَعْضُهم قَوْلَ أبِي حاتِمٍ هَذا، قالَ: فِيهِ حَذْفٌ عَلى حَذْفٍ، وهو أنَّهُ كانَ قُدِّرَ عَلى قَدْرِ رِيِّهِمْ إيّاها، ثُمَّ حُذِفَ عَلى فَصارَ قَدْرُ رِيِّهِمْ مَفْعُولًا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ثُمَّ حُذِفَ قُدِّرَ فَصارَ رِيُّهم قائِمًا مَقامَهُ، ثُمَّ حُذِفَ الرِّيُّ فَصارَتِ الواوُ مَكانَ الهاءِ والمِيمِ لَمّا حُذِفَ المُضافُ مِمّا قَبْلَها، وصارَتِ الواوُ مَفْعُولَ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، واتَّصَلَ ضَمِيرُ المَفْعُولِ الثّانِي في تَقَدُّرِ النَّصْبِ بِالفِعْلِ بَعْدَ الواوِ الَّتِي تَحَوَّلَتْ مِنَ الهاءِ والمِيمِ حَتّى أُقِيمَتْ مَقامَ الفاعِلِ. انْتَهى. والأقْرَبُ في تَخْرِيجِ هَذِهِ القِراءَةِ الشّاذَّةِ أنْ يَكُونَ الأصْلُ قُدِّرَ رِيُّهم مِنها تَقْدِيرًا، فَحَذَفَ المُضافَ وهو الَّذِي، وأُقِيمَ الضَّمِيرُ مَقامَهُ فَصارَ التَّقْدِيرُ: قُدِّرُوا مِنها، ثُمَّ اتَّسَعَ في الفِعْلِ فَحُذِفَتْ ”مِن“ ووُصِلَ الفِعْلُ إلى الضَّمِيرِ بِنَفْسِهِ فَصارَ قُدِّرُوها، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إلّا حَذْفُ مُضافٍ واتِّساعٌ في المَجْرُورِ. والظّاهِرُ أنَّ الكَأْسَ تُمْزَجُ بِالزَّنْجَبِيلِ، والعَرَبُ تَسْتَلِذُّهُ وتَذْكُرُهُ في وصْفِ رُضابِ أفْواهِ النِّساءِ، كَما أنْشَدْنا لَهم في الكَلامِ عَلى المُفْرَداتِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تُسَمّى العَيْنُ زَنْجَبِيلًا لِطَعْمِ الزَّنْجَبِيلِ فِيها. انْتَهى. وقالَ قَتادَةُ: الزَّنْجَبِيلُ اسْمٌ لِعَيْنٍ في الجَنَّةِ، يَشْرَبُ مِنها المُقَرَّبُونَ صِرْفًا، ويُمْزَجُ لِسائِرِ أهْلِ الجَنَّةِ. وقالَ الكَلْبِيُّ: يُسْقى بِجامَيْنِ، الأوَّلُ مِزاجُهُ الكافُورُ، والثّانِي مِزاجُهُ الزَّنْجَبِيلُ. و(عَيْنًا) بَدَلٌ مِن (كَأْسًا) عَلى حَذْفٍ، أيْ: كَأْسُ عَيْنٍ، أوْ مِن (زَنْجَبِيلٍ) عَلى قَوْلِ قَتادَةَ. وقِيلَ: مَنصُوبٌ عَلى الِاخْتِصاصِ. والظّاهِرُ أنَّ هَذِهِ العَيْنَ تُسَمّى سَلْسَبِيلًا بِمَعْنى تُوصَفُ بِأنَّها سِلْسِلَةٌ في الِاتِّساعِ سَهْلَةٌ في المَذاقِ، ولا يُحْمَلُ سَلْسَبِيلٌ عَلى أنَّهُ اسْمٌ حَقِيقَةً؛ لِأنَّهُ إذْ ذاكَ كانَ مَمْنُوعَ الصَّرْفِ لِلتَّأْنِيثِ والعَلَمِيَّةِ. وقَدْ رُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ أنَّهُ قَرَأهُ بِغَيْرِ ألِفٍ، جَعَلَهُ عَلَمًا لَها، فَإنْ كانَ عَلَمًا فَوَجْهُ قِراءَةِ الجُمْهُورِ بِالتَّنْوِينِ المُناسَبَةُ لِلْفَواصِلِ، كَما قالَ ذَلِكَ بَعْضُهم في (سَلاسِلا و( قَوارِيرا) . ويُحَسِّنُ ذَلِكَ أنَّهُ لُغَةٌ لِبَعْضِ العَرَبِ، أعْنِي صَرْفَ ما لا يَصْرِفُهُ أكْثَرُ العَرَبِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وقَدْ زِيدَتِ الباءُ في التَّرْكِيبِ حَتّى صارَتِ الكَلِمَةُ خُماسِيَّةً. انْتَهى. وكانَ قَدْ ذَكَرَ، فَقالَ: شَرابٌ سَلْسَلٌ وسَلْسالٌ وسَلْسِيلٌ، فَإنْ كانَ عَنى أنَّهُ زِيدَ حَقِيقَةً فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأنَّ الباءَ لَيْسَتْ مِن حُرُوفِ الزِّيادَةِ المَعْهُودَةِ في عِلْمِ النَّحْوِ، وإنْ عَنى أنَّها حَرْفٌ جاءَ في سَنْحِ الكَلِمَةِ ولَيْسَ في سَلْسِيلٍ ولا في سِلْسالٍ، فَيَصِحُّ ويَكُونُ مِمّا اتَّفَقَ مَعْناهُ وكانَ مُخْتَلِفًا في المادَّةِ. وقالَ بَعْضُ المُعْرِبِينَ: سَلْسَبِيلا أمْرٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ ولِأُمَّتِهِ بِسُؤالِ السَّبِيلِ إلَيْها، وقَدْ نَسَبُوا هَذا القَوْلَ إلى عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ - ويَجِبُ طَرْحُهُ مِن كُتُبِ التَّفْسِيرِ. وأعْجَبُ مِن ذَلِكَ تَوْجِيهُ الزَّمَخْشَرِيِّ لَهُ واشْتِغالُهُ بِحِكايَتِهِ، ويَذْكُرُ نِسْبَتَهُ إلى عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وجْهَهُ ورَضِيَ عَنْهُ. وقالَ قَتادَةُ: هي عَيْنٌ تَنْبُعُ مِن تَحْتِ العَرْشِ مِن جَنَّةِ عَدْنٍ إلى الجِنانِ. وقالَ عِكْرِمَةُ: عَيْنٌ سَلِسٌ ماؤُها. وقالَ مُجاهِدٌ: عَيْنٌ حَدِيرَةُ الجَرْيَةِ سَلْسِلَةٌ سَهْلَةُ المَساغِ. وقالَ مُقاتِلٌ: عَيْنٌ يَتَسَلْسَلُ عَلَيْهِمْ ماؤُها في مَجالِسِهِمْ كَيْفَ شاءُوا، وتَقَدَّمَ شَرْحُ ﴿مُخَلَّدُونَ﴾ وتَشْبِيهُ الوِلْدانِ بِاللُّؤْلُؤِ المَنثُورِ في بَياضِهِمْ وصَفاءِ ألْوانِهِمْ وانْتِشارِهِمْ في المَساكِنِ في خِدْمَةِ أهْلِ الجَنَّةِ يَجِيئُونَ ويَذْهَبُونَ. وقِيلَ: شُبِّهُوا بِاللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ إذا أُنْثِرَ مِن صَدَفِهِ، فَإنَّهُ أحْسَنُ في العَيْنِ وأبْهَجُ لِلنَّفْسِ. (p-٣٩٩)وجَوابُ (إذا رَأيْتَ): ﴿نَعِيمًا﴾ ومَفْعُولُ فِعْلِ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، حُذِفَ اقْتِصارًا، والمَعْنى: وإذا رَمَيْتَ بِبَصَرِكِ هُناكَ، و”ثَمَّ“ ظَرْفٌ العامِلُ فِيهِ رَأيْتَ. وقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وإذا رَأيْتَ ما ثَمَّ، فَحَذَفَ ما كَما حَذَفَ في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤] أيْ: ما بَيْنَكم. وقالَ الزَّجّاجُ، وتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، فَقالَ: ومَن قالَ مَعْناهُ ما ثَمَّ فَقَدَ أخْطَأ؛ لِأنَّ ثَمَّ صِلَةٌ لِما، ولا يَجُوزُ إسْقاطُ المَوْصُولِ وتَرْكُ الصِّلَةِ. انْتَهى. ولَيْسَ بِخَطَأٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، بَلْ قَدْ أجازَ ذَلِكَ الكُوفِيُّونَ، وثَمَّ شَواهِدُ مِن لِسانِ العَرَبِ، كَقَوْلِهِ: ؎فَمَن يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنكم ∗∗∗ ويَمْدَحُهُ ويَنْصُرُهُ سَواءُ أيْ: ومَن يَمْدَحُهُ، فَحَذَفَ المَوْصُولَ وأبْقى صِلَتَهُ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: و”ثَمَّ“ ظَرْفٌ العامِلُ فِيهِ (رَأيْتَ) أوْ مَعْناهُ التَّقْدِيرُ: رَأيْتَ ما ثَمَّ حُذِفَتْ ما. انْتَهى. وهَذا فاسِدٌ؛ لِأنَّهُ مِن حَيْثُ جَعْلُهُ مَعْمُولًا لِـ (رَأيْتَ) لا يَكُونُ صِلَةً لِما؛ لِأنَّ العامِلَ فِيهِ إذْ ذاكَ مَحْذُوفٌ، أيْ: ما اسْتَقَرَّ ثَمَّ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ”ثَمَّ“ بِفَتْحِ الثّاءِ. وحُمَيْدٌ الأعْرَجُ: ثُمَّ بِضَمِّ الثّاءِ حَرْفَ عَطْفٍ، وجَوابُ ”إذا“ عَلى هَذا مَحْذُوفٌ، أيْ: وإذا رَمَيْتَ بِبَصَرِكَ رَأيْتَ نَعِيمًا. والمُلْكُ الكَبِيرُ قِيلَ: النَّظَرُ إلى اللَّهِ تَعالى. وقالَ السُّدِّيُّ: اسْتِئْذانُ المَلائِكَةِ عَلَيْهِمْ. وقالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: المُلْكُ الكَبِيرُ: اتِّساعُ مَواضِعِهِمْ. وقالَ الكَلْبِيُّ: كَبِيرًا عَرِيضًا يُبْصِرُ أدْناهم مَنزِلَةً في الجَنَّةِ مَسِيرَةَ ألْفِ عامٍ، يَرى أقْصاهُ كَما يَرى أدْناهُ، وقالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وقالَ: ما مِن أهْلِ الجَنَّةِ مِن أحَدٍ إلّا يَسْعى عَلَيْهِ ألْفُ غُلامٍ، كُلُّهم مُخْتَلِفٌ شُغْلُهُ مِن شُغْلِ أصْحابِهِ. وقالَ التِّرْمِذِيُّ، وأظُنُّهُ التِّرْمِذِيَّ الحَكِيمَ لا أبا عِيسى الحافِظَ صاحِبَ الجامِعِ: هو مُلْكُ التَّكْوِينِ والمَشِيئَةِ، إذا أرادَ شَيْئًا كانَ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَهم ما يَشاءُونَ فِيها﴾ [ق: ٣٥] وقِيلَ غَيْرُ هَذِهِ الأقْوالِ. وقَرَأ عُمَرُ وابْنُ عَبّاسٍ والحَسَنُ ومُجاهِدٌ والجَحْدَرِيُّ وأهْلُ مَكَّةَ وجُمْهُورُ السَّبْعَةِ: ﴿عالِيَهُمْ﴾ [الإنسان: ٢١] بِفَتْحِ الياءِ. وابْنُ عَبّاسٍ: بِخِلافٍ عَنْهُ. والأعْرَجُ وأبُو جَعْفَرٍ وشَيْبَةُ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ ونافِعٌ وحَمْزَةُ: بِسُكُونِها، وهي رِوايَةُ أبانٍ عَنْ عاصِمٍ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ والأعْمَشُ وطَلْحَةُ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِالياءِ مَضْمُومَةً. وعَنِ الأعْمَشِ وأبانٍ أيْضًا عَنْ عاصِمٍ: بِفَتْحِ الياءِ. وقَرَأ: عَلَيْهِمْ حَرْفَ جَرٍّ ابْنُ سِيرِينَ ومُجاهِدٌ وقَتادَةُ وأبُو حَيْوَةَ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ والزَّعْفَرانِيُّ وأبانٌ أيْضًا. وقَرَأتْ عائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: عَلَتْهم بِتاءِ التَّأْنِيثِ فِعْلًا ماضِيًا، فَثِيابُ فاعِلٌ. ومَن قَرَأ بِالياءِ مَضْمُومَةً فَمُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ثِيابٌ، ومَن قَرَأ عَلَيْهِمْ حَرْفَ جَرٍّ فَثِيابُ مُبْتَدَأٌ؛ ومَن قَرَأ بِنَصْبِ الياءِ وبِالتّاءِ ساكِنَةً فَعَلى الحالِ، وهو حالٌ مِنَ المَجْرُورِ في ﴿ويَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ فَذُو الحالِ الطَّوْفُ عَلَيْهِمْ والعامِلُ يَطُوفُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وعالِيَهم بِالنَّصْبِ عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ [الواقعة: ١٧] أوْ في ﴿حَسِبْتَهُمْ﴾ أيْ: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ عالِيًا لِلْمَطُوفِ عَلَيْهِمْ ثِيابٌ، أوْ حَسِبْتَهم لُؤْلُؤًا عالِيًا لَهم ثِيابٌ. ويَجُوزُ أنْ يُرادَ: رَأيْتَ أهْلَ نَعِيمٍ ومُلْكٍ عالِيَهم ثِيابٌ. انْتَهى. إمّا أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في ﴿حَسِبْتَهُمْ﴾ فَإنَّهُ لا يُعْنِي إلّا ضَمِيرَ المَفْعُولِ، وهَذا عائِدٌ عَلى (وِلْدانٌ) ولِذَلِكَ قُدِّرَ عالِيَهم بِقَوْلِهِ: عالِيًا لَهم، أيْ: لِلْوِلْدانِ، وهَذا لا يَصِحُّ؛ لِأنَّ الضَّمائِرَ الآتِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ تَدُلُّ عَلى أنَّها لِلْمَطُوفِ عَلَيْهِمْ مِن قَوْلِهِ: (وحُلُّوا وسَقاهم) وإنَّ هَذا كانَ لَكم جَزاءً، وفَكُّ الضَّمائِرِ يَجْعَلُ هَذا كَذا، وذاكَ كَذا مَعَ عَدَمِ الِاحْتِياجِ والِاضْطِرارِ إلى ذَلِكَ لا يَجُوزُ. وأمّا جَعْلُهُ حالًا مِن مَحْذُوفٍ وتَقْدِيرُهُ أهْلُ نَعِيمٍ، فَلا حاجَةَ إلى ادِّعاءِ الحَذْفِ مَعَ صِحَّةِ الكَلامِ وبَراعَتِهِ دُونَ تَقْدِيرِ ذَلِكَ المَحْذُوفِ، و(ثِيابٌ) مَرْفُوعٌ عَلى الفاعِلِيَّةِ بِالحالِ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويَجُوزُ في النَّصْبِ في القِراءَتَيْنِ أنْ يَكُونَ عَلى الظَّرْفِ؛ لِأنَّهُ بِمَعْنى فَوْقَهم. انْتَهى. وعالٍ وعالِيَةٌ اسْمُ فاعِلٍ، فَيَحْتاجُ في إثْباتِ كَوْنِهِما ظَرْفَيْنِ إلى أنْ يَكُونَ مَنقُولًا مِن كَلامِ العَرَبِ عالِيَكَ أوْ عالِيَتُكَ ثَوْبٌ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (ثِيابُ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَلى الإضافَةِ إلى (سُنْدُسٍ) . وقَرَأ ابْنُ عَبْلَةَ وأبُو حَيْوَةَ: عَلَيْهِمْ ثِيابٌ سُنْدُسٌ خُضْرٌ وإسْتَبْرَقٌ، بِرَفْعِ الثَّلاثَةِ، بِرَفْعِ سُنْدُسٍ بِالصِّفَةِ؛ لِأنَّهُ جِنْسٌ، كَما تَقُولُ: ثَوْبٌ حَرِيرٌ، (p-٤٠٠)تُرِيدُ مِن حَرِيرٍ. وبِرَفْعِ (خُضْرٌ) بِالصِّفَةِ أيْضًا لِأنَّ الخُضْرَةَ لَوْنُها؛ ورُفِعَ ﴿إسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] بِالعَطْفِ عَلَيْها، وهو صِفَةٌ أُقِيمَتْ مَقامَ المَوْصُوفِ، تَقْدِيرُهُ: وثِيابٌ إسْتَبْرَقٌ، أيْ مِن إسْتَبْرَقٍ. وقَرَأ الحَسَنُ وعِيسى ونافِعٌ وحَفْصٌ: (خُضْرٌ) بِرَفْعِهِما. وقَرَأ العَرَبِيّانِ ونافِعٌ في رِوايَةٍ: ﴿خُضْرٌ﴾ [الإنسان: ٢١] بِالرَّفْعِ صِفَةً لِثِيابٍ، و﴿إسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] جُرَّ عَطْفًا عَلى سُنْدُسٍ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو بَكْرٍ: بِجَرِّ خُضْرٍ صِفَةً لِسُنْدُسٍ، ورَفْعِ ﴿إسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] عَطْفًا عَلى ”ثِيابٍ“ . وقَرَأ الأعْمَشُ وطَلْحَةُ والحَسَنُ وأبُو عَمْرٍو: بِخِلافٍ عَنْهُما. وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ: ووَصْفُ اسْمِ الجِنْسِ الَّذِي بَيْنَهُ وبَيْنَ واحِدِهِ تاءُ التَّأْنِيثِ، والجَمْعُ جائِزٌ فَصِيحٌ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ﴾ [الرعد: ١٢] وقالَ: ﴿والنَّخْلَ باسِقاتٍ﴾ [ق: ١٠] فَجَعَلَ الحالَ جَمْعًا، وإذا كانُوا قَدْ جَمَعُوا صِفَةَ اسْمِ الجِنْسِ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَ واحِدِهِ تاءُ التَّأْنِيثِ المَحْكِيِّ بِألْ بِالجَمْعِ، كَقَوْلِهِمْ: أهْلَكَ النّاسَ الدِّينارُ الصُّفْرُ والدِّرْهَمُ البِيضُ، حَيْثُ جَمْعُ وصْفِهِما لَيْسَ بِسَدِيدٍ، بَلْ هو جائِزٌ أوْرَدَهُ النُّحاةُ مَوْرِدَ الجَوازِ بِلا قُبْحٍ. وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: ﴿وإسْتَبْرَقٌ﴾ [الإنسان: ٢١] وتَقَدَّمَ ذَلِكَ والكَلامُ عَلَيْهِ في الكَهْفِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ”هُنا“ وقُرِئَ (وإسْتَبْرَقًا) نَصْبًا في مَوْضِعِ الجَرِّ عَلى مَنعِ الصَّرْفِ لِأنَّهُ أعْجَمِيٌّ، وهو غَلَطٌ لِأنَّهُ نَكِرَةٌ يَدْخُلُهُ حَرْفُ التَّعْرِيفِ، تَقُولُ: الإسْتَبْرَقُ، إلّا أنْ يَزْعُمَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ أنَّهُ قَدْ يُجْعَلُ عَلَمًا لِهَذا الضَّرْبِ مِنَ الثِّيابِ. وقُرِئَ: (واسْتَبْرَقَ) بِوَصْلِ الهَمْزَةِ والفَتْحِ عَلى أنَّهُ مُسَمًّى بِاسْتَفْعَلَ مِنَ البَرِيقِ، ولَيْسَ بِصَحِيحٍ أيْضًا؛ لِأنَّهُ مُعَرَّبٌ مَشْهُورٌ تَعْرِيبُهُ، وأنَّ أصْلَهُ إسْتَبْرَهْ. انْتَهى. ودَلَّ قَوْلُهُ: إلّا أنْ يَزْعُمَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ، وقَوْلُهُ بَعْدُ: وقُرِئَ واسْتَبْرَقَ بِوَصْلِ الألِفِ والفَتْحِ أنَّ قِراءَةَ ابْنِ مُحَيْصِنٍ هي بِقَطْعِ الهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ القافِ. والمَنقُولُ عَنْهُ في كُتُبِ القِراءاتِ أنَّهُ قَرَأ بِوَصْلِ الألِفِ وفَتْحِ القافِ. وقالَ أبُو حاتِمٍ: لا يَجُوزُ، والصَّوابُ أنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لا يَنْبَغِي أنْ يَحْمِلَ ضَمِيرًا، ويُؤَيِّدَ ذَلِكَ دُخُولُ لامِ المَعْرِفَةِ عَلَيْهِ، والصَّوابُ قَطْعُ الألِفِ وإجْراؤُهُ عَلى قِراءَةِ الجَماعَةِ. انْتَهى. ونَقُولُ: إنَّ ابْنَ مُحَيْصِنٍ قارِئٌ جَلِيلٌ مَشْهُورٌ بِمَعْرِفَةِ العَرَبِيَّةِ، وقَدْ أخَذَ عَنْ أكابِرِ العُلَماءِ، ويُتَطَلَّبُ لِقِراءَتِهِ وجْهٌ، وذَلِكَ أنَّهُ يَجْعَلُ اسْتَفْعَلَ مِنَ البَرِيقِ. تَقُولُ: بَرِقَ واسَتَبْرَقَ، كَعَجِبَ واسْتَعْجَبَ. ولَمّا كانَ قَوْلُهُ: ﴿خُضْرٌ﴾ [الإنسان: ٢١] يَدُلُّ عَلى الخُضْرَةِ، وهي لَوْنُ ذَلِكَ السُّنْدُسِ، وكانَتِ الخُضْرَةُ مِمّا يَكُونُ لِشِدَّتِها دُهْمَةٌ وغَبَشٌ، أخْبَرَ أنَّ في ذَلِكَ اللَّوْنِ بَرِيقًا وحُسْنًا يُزِيلُ غَبَشَتَهُ. فاسْتَبْرَقَ فِعْلٌ ماضٍ، والضَّمِيرُ فِيهِ عائِدٌ عَلى السُّنْدُسِ أوْ عَلى الِاخْضِرارِ الدّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿خُضْرٌ﴾ [الإنسان: ٢١] . وهَذا التَّخْرِيجُ أوْلى مِن تَلْحِينِ مَن يَعْرِفُ العَرَبِيَّةَ وتَوْهِيمِ ضابِطٍ ثِقَةٍ ﴿أساوِرَ مِن فِضَّةٍ﴾ [الإنسان: ٢١] وفي مَوْضِعٍ آخَرَ (مِن ذَهَبٍ) أيْ: يُحَلَّوْنَ مِنهُما عَلى التَّعاقُبِ أوْ عَلى الجَمْعِ بَيْنَهُما، كَما يَقَعُ لِلنِّساءِ في الدُّنْيا. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وما أحْسَنَ بِالمِعْصَمِ أنْ يَكُونَ فِيهِ سُوارانِ، سُوارٌ مِن ذَهَبٍ وسُوارٌ مِن فِضَّةٍ. انْتَهى. فَقَوْلُهُ بِالمِعْصَمِ إمّا أنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أحْسَنَ، وإمّا أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنهُ، وإمّا أنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أحْسَنَ، وقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُما بِالجارِّ والمَجْرُورِ. فَإنْ كانَ الأوَّلَ، فَلا يَجُوزُ؛ لِأنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ زِيادَةُ الباءِ في مَفْعُولِ أفْعَلَ لِلتَّعَجُّبِ، لا تَقُولُ: ما أحْسَنَ (p-٤٠١)بِزَيْدٍ تُرِيدُ ما أحْسَنَ زَيْدًا وإنْ كانَ الثّانِي، فَفي مِثْلِ هَذا الفَصْلِ خِلافٌ، والمَنقُولُ عَنْ سِيبَوَيْهِ أنَّهُ لا يَجُوزُ، والمُوَلَّدُ مِنّا إذا تَكَلَّمَ يَنْبَغِي أنْ يَتَحَرَّزَ في كَلامِهِ عَمّا فِيهِ الخِلافُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب