الباحث القرآني

﴿وقالَ المَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إنَّكم إذًا لَخاسِرُونَ﴾، أيْ: قالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ، أيْ: كُبَراؤُهم لِأتْباعِهِمْ تَثْبِيطًا عَنِ الإيمانِ: ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا﴾ فِيما أمَرَكم بِهِ ونَهاكم عَنْهُ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: ما جَوابُ القَسَمِ الَّذِي وطَّأتْهُ اللّامُ في ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ﴾ وجَوابُ الشَّرْطِ قُلْتُ: قَوْلُهُ: ﴿إنَّكم إذًا لَخاسِرُونَ﴾ سادٌّ مَسَدَّ الجَوابَيْنِ. انْتَهى. والَّذِي تَقُولُ النَّحْوِيُّونَ: إنَّ جَوابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ جَوابِ القَسَمِ عَلَيْهِ ولِذَلِكَ وجَبَ مُضِيُّ فِعْلِ الشَّرْطِ فَإنْ عَنى الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ: سادٌّ مَسَدَّ الجَوابَيْنِ: إنَّهُ اجْتُزِئَ بِهِ عَنْ ذِكْرِ جَوابِ الشَّرْطِ فَهو قَرِيبٌ، وإنْ عَنى بِهِ أنَّهُ مِن حَيْثُ الصِّناعَةِ النَّحْوِيَّةِ فَلَيْسَ كَما زَعَمَ؛ لِأنَّ الجُمْلَةَ يَمْتَنِعُ أنْ تَكُونَ لا مَوْضِعَ لَها مِنَ الإعْرابِ، وأنْ يَكُونَ لَها مَوْضِعٌ مِنَ الإعْرابِ (وإذًا) هُنا مَعْناها التَّوْكِيدُ، وهي الحَرْفُ الَّذِي هو جَوابٌ ويَكُونُ مَعَهُ الجَزاءُ، وقَدْ لا يَكُونُ، وزَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أنَّها في هَذا المَوْضِعِ ظَرْفٌ العامِلُ فِيهِ (لَخاسِرُونَ) والنُّونُ عِوَضٌ مِنَ المَحْذُوفِ، والتَّقْدِيرُ: أنَّكم إذا اتَّبَعْتُمُوهُ لَخاسِرُونَ فَلَمّا حَذَفَ ما أُضِيفَ إلَيْهِ عَوَّضَ مِن ذَلِكَ النُّونَ فَصادَفَتِ الألِفَ فالتَقى ساكِنانِ فَحُذِفَ الألِفُ لِالتِقائِهِما، والتَّعْوِيضُ فِيهِ مِثْلُ التَّعْوِيضِ في يَوْمِئِذٍ وحِينَئِذٍ ونَحْوِهِ، وما ذَهَبَ إلَيْهِ هَذا الزّاعِمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَثْبُتِ التَّعْوِيضُ، والحَذْفُ في (إذًا) الَّتِي لِلِاسْتِقْبالِ في مَوْضِعٍ فَيُحْمَلُ هَذا عَلَيْهِ (لَخاسِرُونَ) قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَغْبُونُونَ، وقالَ عَطاءٌ: جاهِلُونَ، وقالَ الضَّحّاكُ: عَجَزَةٌ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَخاسِرُونَ لِاسْتِبْدالِكُمُ الضَّلالَةَ بِالهُدى لِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦] . وقِيلَ: تَخْسَرُونَ بِاتِّباعِهِ فَوائِدَ البَخْسِ والتَّطْفِيفِ؛ لِأنَّهُ يَنْهاكم عَنْهُ ويَحْمِلُكم عَلى الإيفاءِ والتَّسْوِيَةِ. انْتَهى. ﴿فَأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأصْبَحُوا في دارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ [الأعراف: ٧٨] تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلَ هَذِهِ الجُمْلَةِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وغَيْرُهُ: لَمّا دَعا عَلَيْهِمْ فُتِحَ عَلَيْهِمْ بابٌ مِن جَهَنَّمَ بِحَرٍّ شَدِيدٍ أخَذَ بِأنْفاسِهِمْ فَلَمْ يَنْفَعْهم ظِلٌّ ولا ماءٌ فَإذا دَخَلُوا الأسْرابَ لِيَتَبَرَّدُوا وجَدُوها أشَدَّ حَرًّا مِنَ الظّاهِرِ فَخَرَجُوا هَرَبًا إلى البَرِّيَّةِ فَأظَلَّتْهم سَحابَةٌ فِيها رِيحٌ طَيِّبَةٌ فَتَنادَوْا عَلَيْكُمُ الظُّلَّةُ فاجْتَمَعُوا تَحْتَها كُلُّهم فانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ وألْهَبَها اللَّهُ نارًا ورَجَفَتْ بِهِمُ الأرْضُ فاحْتَرَقُوا كَما يَحْتَرِقُ الجَرادُ المَقْلُوُّ فَصارُوا رَمادًا. (p-٣٤٦)ورُوِيَ أنَّ الرِّيحَ حُبِسَتْ عَنْهم سَبْعَةَ أيّامٍ، ثُمَّ سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الحَرُّ، وقالَ يَزِيدُ الجَرِيرِيُّ: سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ سَبْعَةَ أيّامٍ، ثُمَّ رُفِعَ لَهم جَبَلٌ مِن بَعِيدٍ فَأتاهُ رَجُلٌ فَإذا تَحْتَهُ أنْهارٌ وعُيُونٌ فاجْتَمَعُوا تَحْتَهُ كُلُّهم فَوَقَعَ ذَلِكَ الجَبَلُ عَلَيْهِمْ، وقالَ قَتادَةُ: أُرْسِلَ شُعَيْبٌ إلى أصْحابِ الأيْكَةِ فَأُهْلِكُوا بِالظُّلَّةِ، وإلى أصْحابِ مَدْيَنَ فَصاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ صَيْحَةً فَهَلَكُوا جَمِيعًا، وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُحْتَمَلُ أنَّ فِرْقَةً مِن قَوْمِ شُعَيْبٍ هَلَكَتْ بِالرَّجْفَةِ وفِرْقَةً هَلَكَتْ بِالظُّلَّةِ، وقالَ الطَّبَرِيُّ بَلَغَنِي أنَّ رَجُلًا مِنهُ يُقالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ جَلْها لَمّا رَأى الظُّلَّةَ. قالَ الشّاعِرُ: ؎يا قَوْمِ إنَّ شُعَيْبًا مُرْسَلٌ فَذَرُوا عَنْكم سُمَيْرًا وعِمْرانَ بْنَ شَدّادِ ؎إنِّي أرى غَيْمَةً يا قَوْمِ قَدْ طَلَعَتْ ∗∗∗ تَدْعُو بِصَوْتٍ عَلى صَمّانَةِ الوادِ ؎وإنَّهُ لَنْ تَرَوْا فِيها صُحاءَ غَدٍ ∗∗∗ إلّا الرَّقِيمَ تَمَشّى بَيْنَ أنْجادِ سُمَيْرٌ وعِمْرانُ كاهِناهم، والرَّقِيمُ كَلْبُهم، وعَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ: أبْجَدْ وهَوَّزْ وحُطِّي وكَلَمُنْ وسَعْفَصْ وقَرْشَتْ أسْماءٌ كَمُلُوكِ مَدْيَنَ، وكانَ كَلَمُنْ مَلِكَهم يَوْمَ نُزُولِ العَذابِ بِهِمْ زَمانَ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَلَمّا هَلَكَ قالَتِ ابْنَتُهُ تَبْكِيهِ: ؎كَلَمُنْ قَدْ هَدَّ رُكْنِي ∗∗∗ هُلْكُهُ وسْطَ المَحَلَّهْ ؎سَيِّدُ القَوْمِ أتاهُ ∗∗∗ الحَتْفُ نارًا وسْطَ ظُلَّهْ ؎جُعِلَتْ نارًا عَلَيْهِمْ ∗∗∗ دارُهم كالمُضْمَحِلَّهْ ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها﴾، أيْ: كَأنْ لَمْ يُقِيمُوا ناعِمِي البالِ رَخِيِّي العَيْشِ في دارِهِمْ، وفِيها قُوَّةُ الإخْبارِ عَنْ هَلاكِهِمْ وحُلُولُ المَكْرُوهِ بِهِمْ، والتَّنْبِيهُ عَلى الِاعْتِبارِ بِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَجَعَلْناها حَصِيدًا كَأنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ﴾ [يونس: ٢٤] وكَقَوْلِ الشّاعِرِ: ؎كَأنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الحَجُونِ إلى الصَّفا ∗∗∗ أنِيسٌ ولَمْ يَسْمُرْ بِمَكَّةَ سامِرُ وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وغَنَيْتُ بِالمَكانِ إنَّما يُقالُ في الإقامَةِ الَّتِي هي مُقْتَرِنَةٌ بِتَنَعُّمٍ وعَيْشٍ رَخِيٍّ هَذا الَّذِي اسْتَقْرَيْتُ مِنَ الأشْعارِ الَّتِي ذَكَرَتِ العَرَبُ فِيها هَذِهِ اللَّفْظَةَ، وأنْشَدَ عَلى ذَلِكَ عِدَّةَ أبْياتٍ، ثُمَّ قالَ، وأمّا قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎غَنِينا زَمانًا بِالتَّصَعْلُكِ والغِنى ∗∗∗ فَكُلًّا سَقانا بِكَأْسَيْهِما الدَّهْرُ فَمَعْناهُ اسْتَغْنَيْنا ورَضِينا مَعَ أنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ مُقْتَرِنَةً بِمَكانٍ. انْتَهى. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كَأنْ لَمْ يُعَمَّرُوا، وقالَ قَتادَةُ: كَأنْ لَمْ يَنْعَمُوا، وقالَ الأخْفَشُ: كَأنْ لَمْ يَعِيشُوا، وقالَ أيْضًا قَتادَةُ، وابْنُ زَيْدٍ ومُقاتِلٌ: كَأنْ لَمْ يَكُونُوا، وقالَ الزَّجّاجُ: كَأنْ لَمْ يَنْزِلُوا، وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَأنْ لَمْ يُقِيمُوا، و(الَّذِينَ) مُبْتَدَأٌ والجُمْلَةُ التَّشْبِيهِيَّةُ خَبَرُهُ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وفي هَذا الِابْتِداءِ مَعْنى الِاخْتِصاصِ كَأنَّهُ قِيلَ ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا﴾ المَخْصُوصُونَ بِأنْ أُهْلِكُوا واسْتُؤْصِلُوا كَأنْ لَمْ يُقِيمُوا في دارِهِمْ؛ لِأنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوا شُعَيْبًا قَدْ أنْجاهُمُ اللَّهُ تَعالى. انْتَهى. وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ يَكُونَ الخَبَرُ ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا﴾ كانُوا هُمُ الخاسِرِينَ، و﴿كَأنْ لَمْ يَغْنَوْا﴾ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في (كَذَّبُوا) وجَوَّزَ أيْضًا أنْ يَكُونَ الَّذِينَ كَذَّبُوا صِفَةً لِقَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا مَن قَوْمِهِ، وأنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنهُ وعَلى هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ يَكُونُ (كَأنْ) حالًا. انْتَهى. وهَذِهِ أوْجُهٌ مُتَكَلَّفَةٌ، والظّاهِرُ أنَّها جُمَلٌ مُسْتَقِلَّةٌ لا تَعَلُّقَ لَها بِما قَبْلَها مِن جِهَةِ الإعْرابِ. ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كانُوا هُمُ الخاسِرِينَ﴾ هَذا أيْضًا مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وفِيهِ مَعْنى الِاخْتِصاصِ، أيْ: هُمُ المَخْصُوصُونَ بِالخُسْرانِ العَظِيمِ دُونَ اتِّباعِهِ، فَإنَّهم هُمُ الرّابِحُونَ وفي هَذا الِاسْتِئْنافِ لِهَذا الِابْتِداءِ، وهَذا التَّكْرِيرُ مُبالَغَةٌ في رَدِّ (p-٣٤٧)مَقالَةِ المَلَأِ لِأشْياعِهِمْ وتَسْفِيهٌ لِرَأْيِهِمْ واسْتِهْزاءٌ بِنُصْحِهِمْ لِقَوْمِهِمْ واسْتِعْظامٌ لِما جَرى عَلَيْهِمْ. انْتَهى. وهاتانِ الجُمْلَتانِ مُنْبِئَتانِ عَنْ ما فَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ في مَقالَتِهِمْ قالُوا ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ ياشُعَيْبُ﴾ [الأعراف: ٨٨] فَجاءَ الإخْبارُ بِإخْراجِهِمْ بِالهَلاكِ، وأيُّ إخْراجٍ أعْظَمُ مِن إخْراجِهِمْ وقالُوا: ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إنَّكم إذًا لَخاسِرُونَ﴾ فَحَكَمَ تَعالى عَلَيْهِمْ هم بِالخُسْرانِ، وأجازَ أبُو البَقاءِ في إعْرابِ ”الَّذِينَ“ هُنا أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ في (يَغْنَوْا)، أوْ مَنصُوبًا بِإضْمارِ أعْنِي، والِابْتِداءُ الَّذِي ذَكَرْناهُ أقْوى وأجْزَلُ. ﴿فَتَوَلّى عَنْهم وقالَ ياقَوْمِ لَقَدْ أبْلَغْتُكم رِسالاتِ رَبِّي ونَصَحْتُ لَكُمْ﴾ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِهِ في قِصَّةِ صالِحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - . ﴿فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ﴾، أيْ: فَكَيْفَ أحْزَنُ عَلى مَن لا يَسْتَحِقُّ أنْ يُحْزَنَ عَلَيْهِ ونَبَّهَ عَلى العِلَّةِ الَّتِي لا تَبْعَثُ عَلى الحُزْنِ وهي الكُفْرُ، إذْ هو أعْظَمُ ما يُعادِي بِهِ المُؤْمِنُ إذْ هُما نَقِيضانِ كَما جاءَ: لا تَتَراءى ناراهُما، وكَأنَّهُ وجَدَ في نَفْسِهِ رِقَّةً عَلَيْهِمْ حَيْثُ كانَ أمَلُهُ فِيهِمْ أنْ يُؤْمِنُوا فَلَمْ يَقْدِرْ فَسَرّى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِاسْتِحْضارِ سَبَبِ التَّسَلِّي عَنْهم والقَسْوَةِ فَذَكَرَ أشْنَعَ ما ارْتَكَبُوهُ مَعَهُ مِنَ الوَصْفِ، الَّذِي هو الكُفْرُ بِاللَّهِ الباعِثُ عَلى تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، وعَلى المُناوَأةِ الشَّدِيدَةِ حَتّى لا يُساكِنُوهُ وتَوَعَّدُوهُ بِالإخْراجِ وبِأشَدَّ مِنهُ، وهو عَوْدُهم إلى مِلَّتِهِمْ، قالَ مَكِّيٌّ: وسارَ شُعَيْبٌ بِمَن تَبِعَهُ إلى مَكَّةَ فَسَكَنُوها، وقَرَأ ابْنُ وثّابٍ، وابْنُ مُصَرِّفٍ والأعْمَشُ (إيسِي) بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وهي لُغَةٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُها في الفاتِحَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب