الباحث القرآني

﴿قالَ المَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَن آمَنَ مِنهم أتَعْلَمُونَ أنَّ صالِحًا مُرْسَلٌ مِن رَبِّهِ﴾ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ (وقالَ المَلَأُ) بِواوِ عَطْفٍ والجُمْهُورُ قالَ بِغَيْرِ واوٍ و﴿الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ وصْفٌ لِلْمَلَأِ إمّا لِلتَّخْصِيصِ لِأنَّ مِن أشْرافِهِمْ مَن آمَنَ مِثْلَ جُنْدَعِ بْنِ عَمْرٍو وإمّا لِلذَّمِّ و﴿اسْتَكْبَرُوا﴾ وطَلَبُوا الهَيْبَةَ؛ لِأنْفُسِهِمْ وهو مِنَ الكِبْرِ فَيَكُونُ اسْتَفْعَلَ لِلطَّلَبِ وهو بابُها، أوْ تَكُونُ اسْتَفْعَلَ بِمَعْنى فَعُلَ، أيْ: كَبُرُوا لِكَثْرَةِ المالِ والجاهِ فَيَكُونُ مِثْلَ عَجِبَ واسْتَعْجَبَ والَّذِينَ ﴿اسْتُضْعِفُوا﴾، أيِ: اسْتَضْعَفَهم رُؤَساءُ الكُفّارِ واسْتَذَلُّوهم وهُمُ العامَّةُ وهم أتْباعُ الرُّسُلِ، ولِمَن بَدَلٌ مِنَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا، والضَّمِيرُ في (مِنهم) إنْ عادَ عَلى المُسْتَضْعَفِينَ كانَ بَدَلَ بَعْضٍ مِن كُلٍّ، ويَكُونُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا قِسْمَيْنِ مُؤْمِنِينَ وكافِرِينَ، وإنْ عادَ عَلى (قَوْمِهِ) كانَ بَدَلَ كُلٍّ مِن كُلٍّ، وكانَ الِاسْتِضْعافُ مَقْصُورًا عَلى (p-٣٣٠)المُؤْمِنِينَ، وكانَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا قِسْمًا واحِدًا، ومَن آمَنَ مُفَسِّرًا لِلْمُسْتَضْعَفِينَ مِن قَوْمِهِ، واللّامُ في (لِلَّذِينَ) لِلتَّبْلِيغِ والجُمْلَةُ المَقُولَةُ اسْتِفْهامٌ عَلى جِهَةِ الِاسْتِهْزاءِ والِاسْتِخْفافِ، وفي قَوْلِهِمْ ﴿مِن رَبِّهِ﴾ اخْتِصاصٌ بِصالِحٍ ولَمْ يَقُولُوا مِن رَبِّنا ولا مِن رَبِّكم. ﴿قالُوا إنّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ جَوابٌ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ، وعُدُولُهم عَنْ قَوْلِهِمْ هو مُرْسَلٌ إلى قَوْلِهِمْ ﴿إنّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ في غايَةِ الحُسْنِ إذْ أمْرُ رِسالَتِهِ مَعْلُومٌ واضِحٌ مُسَلَّمٌ لا يَدْخُلُهُ رَيْبٌ لِما أتى بِهِ مِن هَذا المُعْجِزِ الخارِقِ العَظِيمِ، فَلا يَحْتاجُ أنْ يُسْألَ عَنْ رِسالَتِهِ ولا أنْ يُسْتَفْهَمَ عَنِ العِلْمِ بِإرْسالِهِ فَأخْبَرُوا بِأنَّهم مُؤْمِنُونَ بِما أُرْسِلَ بِهِ؛ لِأنَّهُ لا يَلْزَمُ بَعْدَ وُضُوحِ رِسالَتِهِ إلّا التَّصْدِيقُ بِما جاءَ بِهِ وتَضَمَّنَ كَلامُهُمُ العِلْمَ بِأنَّهُ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب