الباحث القرآني

﴿وإلى عادٍ أخاهم هُودًا قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ أفَلا تَتَّقُونَ﴾ عادٌ اسْمُ الحَيِّ، ولِذَلِكَ صَرَفَهُ، وبَعْضُهم جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ فَمَنَعَهُ الصَّرْفَ. قالَ الشّاعِرُ: ؎لَوْ شُهِدَتْ عادُ في زَمانِ عادِ لانْتَزَّها مُبارَكُ الجَلّادُ سُمِّيَتِ القَبِيلَةُ بِاسْمِ أبِيهِمْ وهو عادُ بْنُ عَوْصِ بْنِ إرَمَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلامُ، وهُودٌ: قالَ شَيْخُنا أبُو الحَسَنِ الأُبَّدِيُّ النَّحْوِيُّ: المَعْرُوفُ أنَّ هُودًا عَرَبِيٌّ، والَّذِي يَظْهَرُ مِن كَلامِ سِيبَوَيْهِ لَمّا عَدَّهُ مَعَ نُوحٍ ولُوطٍ وهُما عَجَمِيّانِ أنَّهُ عَجَمِيٌّ عِنْدَهُ. انْتَهى. وذَكَرَ الشَّرِيفُ النَّسّابَةُ أبُو البَرَكاتِ الجُوّانِيُّ أنَّ يَعْرُبَ بْنَ قَحْطانَ بْنِ هُودٍ هو الَّذِي زَعَمَتْ يَمَنٌ أنَّهُ أوَّلُ مَن تَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ ونَزَلَ أرْضَ اليَمَنِ فَهو أبُو اليَمَنِ كُلِّها، وأنَّ العَرَبَ إنَّما سُمِّيَتْ عَرَبًا بِهِ. انْتَهى. فَعَلى هَذا لا يَكُونُ هُودٌ عَرَبِيًّا وهُودٌ هو ابْنُ عابِرِ بْنِ شالِحِ بْنِ أرْفَخْشَدَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحٍ و﴿أخاهُمْ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى: (نُوحًا) ومَعْناهُ واحِدًا مِنهم ولَيْسَ هُودٌ مِن بَنِي عادٍ كَما ذَكَرْنا، وهَذا كَما تَقُولُ: أيا أخا العَرَبِ لِلْواحِدِ مِنهم، وقِيلَ: هو مِن عادٍ وهو هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِياحِ بْنِ الجَلُودِ بْنِ عادِ بْنِ عَوْصِ بْنِ إرَمَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحٍ، فَعَلى هَذا يَكُونُ مِن عادٍ واسْمُ أُمِّهِ مُرْجانَةٌ، وكانَ رَجُلًا تاجِرًا، أشْبَهُ خَلْقِ اللَّهِ بِآدَمَ عَلَيْهِما السَّلامُ، رُوِيَ أنَّ عادًا كانَتْ لَهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ قَبِيلَةً يَنْزِلُونَ رِمالَ عالِجٍ، وهي عادٌ الأُولى وكانُوا أصْحابَ بَساتِينَ وزُرُوعٍ وعِمارَةٍ وبِلادُهم أخْصَبُ بِلادٍ فَسَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَها مَفاوِزَ وكانَتْ بِنَواحِي عُمانَ إلى حَضْرَمَوْتَ إلى اليَمَنِ وكانُوا يَعْبُدُونَ الأصْنامَ ولَمّا هَلَكُوا لَحِقَ هُودٌ ومَن آمَنَ مَعَهُ بِمَكَّةَ فَلَمْ يَزالُوا بِها حَتّى ماتُوا ولَمْ يَأْتِ، فَقالَ بِالفاءِ؛ لِأنَّهُ جَوابُ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ، أيْ: فَما قالَ لَهم ﴿ياقَوْمِ﴾ وكَذا ﴿قالَ المَلَأُ﴾ [الأعراف: ٦٦] وفي قَوْلِهِ: ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾ اسْتِعْطافٌ وتَحْضِيضٌ عَلى تَحْصِيلِ التَّقْوى ولَمّا كانَ ما حَلَّ بِقَوْمِ نُوحٍ مِن أمْرِ الطُّوفانِ واقِعَةً لَمْ يَظْهَرْ في العالَمِ مِثْلُها قالَ: ﴿إنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: ٥٩] وواقِعَةُ هُودٍ كانَتْ مَسْبُوقَةً بِواقِعَةِ نُوحٍ، وعَهْدُ النّاسِ قَرِيبٌ بِها اكْتَفى هُودٌ بِقَوْلِهِ: ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾، والمَعْنى: تَعْرِفُونَ أنَّ قَوْمَ نُوحٍ لَمّا لَمْ يَتَّقُوا اللَّهَ وعَبَدُوا غَيْرَهُ حَلَّ بِهِمْ ذَلِكَ العَذابُ الَّذِي اشْتَهَرَ خَبَرُهُ في الدُّنْيا فَقَوْلُهُ: ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾ إشارَةٌ إلى التَّخْوِيفِ بِتِلْكَ الواقِعَةِ المَشْهُورَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب