الباحث القرآني

﴿اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إلَيْكم مِن رَبِّكم ولا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ﴾ لَمّا ذَكَرَ تَعالى أنَّ هَذا الكِتابَ أُنْزِلَ إلى الرَّسُولِ أمَرَ الأُمَّةَ بِاتِّباعِهِ، وما أُنْزِلَ إلَيْكم يَشْمَلُ القُرْآنَ والسُّنَّةَ لِقَوْلِهِ: ﴿وما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى﴾ [النجم: ٣] ﴿إنْ هو إلّا وحْيٌ يُوحى﴾ [النجم: ٤] ونَهاهم عَنِ ابْتِغاءِ أوْلِياءَ مِن دُونِ اللَّهِ كالأصْنامِ والرُّهْبانِ والكُهّانِ والأحْبارِ والنّارِ والكَواكِبِ وغَيْرِ ذَلِكَ. والظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ في ﴿مِن دُونِهِ﴾ عائِدٌ عَلى (رَبِّكم) . وقِيلَ عَلى ما، وقِيلَ عَلى الكِتابِ، والمَعْنى: لا تَعْدِلُوا عَنْهُ إلى الكُتُبِ المَنسُوخَةِ. وقِيلَ أرادَ بِالأوْلِياءِ الشَّياطِينَ شَياطِينَ الجِنِّ والإنْسِ وإنَّهُمُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ عَلى عِبادَةِ الأوْثانِ والأهْواءِ والبِدَعِ ويُضِلُّونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ. وقَرَأ الجَحْدَرِيُّ: ابْتَغُوا مِنَ الِابْتِغاءِ. وقَرَأ مُجاهِدٌ ومالِكُ بْنُ دِينارٍ: ”ولا تَبْتَغُوا“ مِنَ الِابْتِغاءِ أيْضًا، والظّاهِرُ أنَّ الخِطابَ هو لِجَمِيعِ النّاسِ. وقالَ الطَّبَرِيُّ وحَكاهُ، التَّقْدِيرُ: قُلِ اتَّبِعُوا، فَحَذَفَ القَوْلَ لِدَلالَةِ الإنْذارِ المُتَقَدِّمِ الذِّكْرِ عَلَيْهِ وانْتَصَبَ ﴿قَلِيلًا﴾ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ و”ما“ زائِدَةٌ، أيْ: يَتَذَكَّرُونَ تَذَكُّرًا قَلِيلًا، أيْ: حَيْثُ يَتْرُكُونَ دِينَ اللَّهِ ويَتَّبِعُونَ غَيْرَهُ. وأجازَ الحَوْفِيُّ أنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ والنّاصِبُ لَهُ ولا تَتَّبِعُوا، أيِ اتِّباعًا قَلِيلًا. وحَكى ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ الفارِسِيِّ: إنَّ ”ما“ مَوْصُولَةٌ بِالفِعْلِ وهي مَصْدَرِيَّةٌ. انْتَهى. وتَمَّمَ غَيْرُهُ هَذا الإعْرابَ بِأنْ نَصَبَ قَلِيلًا عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِظَرْفٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: زَمانًا قَلِيلًا، نُذَكِّرُكم أخْبَرَ أنَّهم لا يَدَّعُونَ الذِّكْرَ إنَّما يَعْرِضُ لَهم في زَمانٍ قَلِيلٍ و(ما تَذَكَّرُونَ) في مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ والظَّرْفُ قَبْلَهُ في (p-٢٦٨)مَوْضِعِ الخَبَرِ وأبْعَدَ مَن ذَهَبَ إلى أنَّ ”ما“ نافِيَةٌ. وقَرَأ حَفْصٌ والأخْوانِ ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ بِتاءٍ واحِدَةٍ وتَخْفِيفِ الذّالِ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ (يَتَذَكَّرُونَ) بِالياءِ والتّاءِ وتَخْفِيفِ الذّالِ، وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ بِتاءِ الخِطابِ وتَشْدِيدِ الذّالِ وقَرَأ أبُو الدَّرْداءِ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ عامِرٍ في رِوايَةٍ بِتاءَيْنِ، وقَرَأ مُجاهِدٌ بِياءٍ وتَشْدِيدِ الذّالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب